مع سورة المرسلات

منذ 6 ساعات

وروى أحمد –بسند صحيح- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا "سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا» .

{بسم الله الرحمن الرحيم }
 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتُلُوهَا) فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا)»

وروى أحمد –بسند صحيح- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا "سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا» .

وفي مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ.

وهي مكية عند جمهور المفسرين من السلف، وذلك ظاهر حديث ابن مسعود المذكور آنفا، وهو يقتضي أنها من أوائل سور القرآن نزولا لأنها نزلت والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مختف في غار بمنى مع بعض أصحابه.

 

{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) }

{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} اختلف في {وَالْمُرْسَلاتِ} و {الْعَاصِفَاتِ} {وَالنَّاشِرَاتِ}. فقيل: هي الرياح وقيل الملائكة أو الرسل و{عُرْفاً} أي متتالية يتبع بعضهم بعضا كعرف الفرس وهو الشعر الذي على رقبته.

والواقع أن كلام ابن جرير يفيد أنه لا مانع عنده من إرادة الجميع لأن المعنى محتمل ولا مانع عنده.

فهو إما «قسم بالملائكة» المرسلة بأمر الله ونهيه إذا أرسلت متتابعة كعُرْف الفَرَس أو أرسلت بالعُرْف أي المعروف -ضد المنكر-، وأن نصبه على المفعول لأجله، أي لأجل الإرشاد والصلاح.

أو هو «قسم بالرياح» إذا هَبَّت شيئا فشيئا قوية متسارعة.

 أو «قسم بالرسل» من بني آدم المبعوثة بتبليغ الرسالة وبث المعروف بين الناس.

{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} الرياح الشديدة الهبوب، السريعات الممرّ.. ترسل فتعصف، والعصف يطلق على: «قوة هبوب الريح».

فإن أريد بالمرسلات وصف الرياح فالعصف حقيقة، وإن أريد بالمرسلات وصف الملائكة فالعصف تشبيه لنزولهم في السرعة بشدة الريح، وذلك في المبادرة في سرعة الوصول بتنفيذ ما أمروا به.

{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} حقيقة النشر أنه ضد «الطي» ويكثر استعماله مجازا في الإظهار والإيضاح وفي الإخراج.

فهي الرياح التي تنشر السحاب والمطر، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء} [الروم:48]، أو الملائكة التي تنشر الشرائع والعلم والحكمة والنبوة والهداية في الأرض.

** قال ابن كثير: والأظهر أن: {الْمُرْسَلات} هي الرياح، كما قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر:22]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف:57] وهكذا العاصفات هي: الرياح، يقال: عصفت الريح إذا هَبَّت بتصويت، وكذا الناشرات هي: الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء، كما يشاء الرب عز وجل.

** قال ابن عاشور: ويتجه في توزيعها أن الصفات التي عطفت بالفاء تابعة لجنس ما عطفت هي عليه، والتي عطفت بالواو يترجح أنها صفات جنس آخر.

فالأرجح أن المرسلات والعاصفات صفتان للرياح، وأن ما بعدها صفات للملائكة، والواو الثانية للعطف وليست حرف قسم. ومناسبة الجمع بين هذين الجنسين في القسم أن كليهما من الموجودات العلوية لأن الأصل في العطف بالواو أن يكون المعطوف بها ذاتا غير المعطوف عليه.

{فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} الملائكة التي تفرق بين الحق والباطل بإنزال الوحي والتنزيل. أو بالآيات القرآنية التي تفرق كذلك.

وإن جعل وصفا للرياح فهو من آثار النشر، أي فرقها جماعات السُحب على البلاد.

أو السُحب التي نَشرن الموات ففرقن بين من يشكر الله تعالى وبين من يكفر، كقوله: {لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الجن:16]

{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} الملائكة الملقيات ذكر الله إلى أنبيائه، والمبلغات وحيه.

والإلقاء مستعار لتبليغ الذكر من العالم العلوي إلى أهل الأرض بتشبيهه بإلقاء شيء من اليد إلى الأرض.

وإلقاء الذكر تبليغ المواعظ إلى الرسل ليبلغوها إلى الناس وهذا الإلقاء متفرع على الفرق لأنهم يخصون كل ذِكر بمن هو محتاج إليه، فذكر الكفار بالتهديد والوعيد بالعذاب، وذكر المؤمنين بالثناء والوعد بالنعيم.. وهذا معنى {عُذْراً أَوْ نُذْراً}

{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} إعذاراً من الله لخلقه، وإنذاراً منه لهم، والإنذار الإعلام المقترن بتهديد، ومجيء {أو} بمعنى الواو.

أي: الملقيات ذكراً للإعذار والإنذار، ولإزالة إعذارهم، وإنذارهم عقاب الله تعالى إن عصوا أمره.

** والمقصود من هذا القسم تأكيد الخبر، وفي تطويل القسم تشويق السامع لتلقي المقسم عليه.

{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} جواب القسم، أي: ما وعدتم به من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبعث الأجساد، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، إن هذا كله {لَوَاقِع} أي: لكائن لا محالة. كقوله: {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:6]

** وزيدت الجملة تأكيدا بـ {إن} لتقوية تحقيق وقوع الجواب. فـ {إنّما} كلمتان هما "إن" التي هي حرف تأكيد و"ما" الموصولة وليست هي "إنما" التي هي أداة حصر، والتي "ما" فيها زائدة. وقد كتبت هذه متصلة "إن" بـ "ما" لأنهم لم يكونوا يفرقون في الرسم بين الحالتين، والرسم اصطلاح، ورسم المصحف سنة في المصاحف ونحن نكتبها مفصولة في التفسير وغيره.

** والله تعالى يقسم بما شاء على ما شاء لأن المقسم به من مخلوقاته العظيمة الدالة على عظيم علم الله تعالى وقدرته.. واختيار ما يقسم به هنا أو هناك غالبا يكون لنوع مناسبة، ولو تأملناه هنا لوجدنا المقسم عليه هو يوم القيامة وهم مكذبون به، فأقسم لهم بما فيه إثبات القدرة عليه فالرياح عرفا تأتي بالسحاب تنشره ثم يأتي المطر ويحيي الله الأرض بعد موتها.

وهذا من أدلة القدرة على البعث والعاصفات منها بشدة وقد تقتلع الأشجار وتهدم البيوت مما لا طاقة لهم بها ولا قدرة لهم عليها وما فيها من الدلالة على الإهلاك والتدمير وكلاهما دال على القدرة على البعث.

ثم تأتي الملائكة بالبيان والتوجيه والإعذار والإنذار

 

{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) }

{فَإِذَا} فاء التفريع على قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} لأنه لما أفاد وقوع البعث وكان المخاطبون ينكرونه ويتعللون بعدم التعجيل بوقوعه، بين لهم ما يحصل فيه وزيادة في تهويله عليهم.

{النُّجُومُ طُمِسَتْ} محقت أو ذهب ضياؤها، كقوله: {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ} [التكوير:2]، وقوله: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} [الانفطار:2]. وطمس النجوم يقتضي طمس نور الشمس.

{وَإِذَا} كررت في أوائل الجمل المعطوفة على هذه الجملة بعد حروف العطف مع إغناء حرف العطف عن إعادة {إذا} كما في قوله: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، يَقُولُ الْإِنْسَانُ} [القيامة:7-10] الآية، لإفادة الاهتمام بمضمون كل جملة من هذه الجمل ليكون مضمونها مستقلا في جعله علامة على وقوع ما يوعدون.

{السَّمَاءُ فُرِجَتْ} تفرق ما كان ملتحما من هيكلها.. أي: انفطرت وانشقت وتصدعت، وتدلت أرجاؤها، وَوَهَت أطرافها. كما في قوله تعالى {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار:1].. وكل ذلك مفض إلى انقراض العالم الدنيوي بجميع نظامه ومجموع أجسامه.

{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} اقتلعت من أماكنها بسرعة فكانت هباءً منبثاً وذُهِب بها، فلا يبقى لها عين ولا أثر.. وهذا يوم القيامة، وما يكون لها من عدة أطوار من: دك وتفتيت وبث وتسيير كالسحاب ثم كالسراب.

{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} أجّلت للاجتماع لوقتها يوم القيامة للشهادة على أممهم والفوز بما وعدوه من الكرامة.

** وفي نظم هذه الجملة غموض ودقة. فأما {أقتت} فأصله «وقتت» بالواو في أوله، يقال: وقت وقتا، إذا عين وقتا لعمل ما، مشتقا من الوقت وهو الزمان، فلما بني للمجهول ضمت الواو وهو ضم لازم لأن ضمة الواو ضمة عارضة، فجاز إبدالها همزة لأن الضم على الواو ثقيل فعدل عن الواو إلى الهمزة.

** وشأن {إذا} أن تكون لمستقبل الزمان فهذا التأقيت للرسل توقيت سيكون في المستقبل، وهو علامة على أن ما يوعدون يحصل مع العلامات الأخرى.

** والمعنى: حضرت ميقاتها الذي وقت لها، وهو قول ابن عباس: جمعت. وفي "اللسان" عن الفراء: أقتت جمعت لوقتها، وذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} [المائدة:109] وقوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].

** وبناء هذه الأفعال الثلاثة بصيغة المبني للمجهول لأن المقصود الاعتبار بحصول الفعل لا بتعيين فاعل، على أنه من المعلوم أن فاعلها هو الله تعالى إذ لا يقدر عليه غيره.

{لِأَيِّ} استفهام مستعمل للتهويل {يَوْمٍ أُجِّلَتْ} أخرت وأرجئ أمرها عن معاجلة الثواب والعقاب حتى تقوم الساعة.

والمعنى ليوم عظيم أخرت أمور الرسل. وهو تعذيب الكفرة وإهانتهم، وتعظيم المؤمنين ورعايتهم، وظهور ما كانت الرسل تذكره من أحوال الآخرة وأهوالها، ولذا عظم شأن اليوم، وهول أمره بالاستفهام.

كما قال تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم:47-48]

{لِيَوْمِ الْفَصْلِ} أجلت ليوم الفصل بين الخلائق، وتمييز الحق من الباطل بالقضاء والجزاء إذ بذلك يزول الالتباس والاشتباه والتمويه الذي كان لأهل الضلال في الدنيا فتتضح الحقائق على ما هي عليه في الواقع.

كما بينه تعالى بقوله:

{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات:38]

{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود:103].

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} يوم الفصل بين السعداء والأشقياء.

والأصل: وما أدراك ما هو، وإنما أظهر في مقام الإضمار لتقوية استحضار يوم الفصل قصدا لتهويله وتعظيمه، مثل: {الْقَارِعَةُ، مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1-2].

{وَيْلٌ} الويل: أشد السوء والشر {يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} بيوم الفصل، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المطففين:11]، والتكذيب به إنكار البعث له والحشر إليه.

** حمل هذه الجملة عن نظائرها الآتية في هذه السورة يقتضي أن تجعل استئنافا لقصد تهديد المشركين الذين يسمعون القرآن، وتهويل يوم الفصل في نفوسهم ليحذروه

 

{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19) }

{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} الأمم الماضين المكذبين بالرسل والجاحدين بالآيات، كقوم نوح، وعاد، وثمود.. والجملة استئناف، والاستفهام للتقرير، والتعريف في {الأولين} تعريف العهد.

{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ} ممن أشبههم من قوم لوط وموسى ومن بعدهم، فنسلك بهم سبل أولئك، وهو وعيد لأهل مكة.

وحرف {ثم} للتراخي الرتبي، لأن إهلاك الآخرين أشد من إهلاك الأولين لأنه مسبوق بإهلاك آخر.

{كَذَلِكَ} مثل ذلك الأخذ العظيم {نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} بكل من أجرم وطغى وبغى، أي تلك سنة الله في معاملة المجرمين فلا محيص لكم عنها.

وذكر وصف {المجرمين} إيماء إلى أن سبب عقابهم بالإهلاك هو إجرامهم.

و «المجرمون» من ألقاب المشركين في اصطلاح القرآن، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين:29] وسيأتي في هذه السورة {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ} [المرسلات:46].

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} بأخبار الله التي ذكرها في هذه الآية، الجاحدين قدرته على ما يشاء.. تقرير لنظيره المتقدم وتأكيدا للتهديد وإعادة لمعناه.

والمراد بالمكذبين: المخاطبون فهو إظهار في مقام الإضمار لتسجيل أنهم مكذبون، والمعنى: ويل يومئذ لكم.

جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار

[email protected]

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز

  • 0
  • 0
  • 45

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً