مراتب الفقهاء والمتفقهين
قد جمع رسول الله ﷺ في هذا الحديث مراتب الفقهاء والمتفقهين، من غير أن يشذ منها شيء: («مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء..")
عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال:
«مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به». (رواه البخاري ومسلم)
قال الخطيب البغدادي: قد جمع رسول الله ﷺ في هذا الحديث مراتب الفقهاء والمتفقهين، من غير أن يشذ منها شيء، فالأرض الطيبة هي مثل الفقيه الضابط لما روى، الفهِمُ للمعاني، المحسن لردِّ ما اختُلِفَ فيه إلى الكتاب والسنة، والأجادب الممسكة للماء التي يستقي منها الناس، هي مثل الطائفة التي حفظت ما سمعت فقط، وضبطته وأمسكته، حتى أدته إلى غيرها محفوظا غير مغير، دون أن يكون لها فقه تتصرف فيه، ولا فهم بالرد المذكور وكيفيته، لكن نفع الله بها في التبليغ، فبلغت إلى من لعله أوعى منها، كما قال رسول الله ﷺ: «رب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه». ومن لم يحفظ ما سمع، ولا ضبط، فليس مثل الأرض الطيبة، ولا مثل الأجادب، بل هو محروم، ومثله مثل القيعان، التي لا تنبت كلأ، ولا تمسك ماءً.
_________________________________
الكاتب: سليمان بن ناصر العبودي
- التصنيف: