هل أتحمَّل تبعات الزنا وأتزوجها؟

منذ 2014-03-25
السؤال:

أنا في مصيبة؛ فقد أحببتُ فتاةً، وتعرَّفتُ إليها، وتبادَلْنا المكالمات لمدة طويلة، وتعلَّقتُ بها كثيرًا، وكذلك هي، وأمضينا في علاقتنا أكثر مِن ثلاث سنوات!

كانتْ مشكلتي حينها أنني أشعر أني أحبها، ولا أستطيع الاستغناء عنها، ومع ذلك لا أتخيلها زوجتي، حاولتُ مرارًا إنهاء هذه العلاقة، وحاولتُ أن أبتعدَ عنها، لكنها كانتْ لا تدَع لي الفرصة بدموعها، وكنتُ أمرض بمجرد إحساسي ببُعدها عني.

حاولتُ كثيرًا الابتعاد، وسلكتُ كل السُّبُل، ولم أستطعْ، وفي النهاية قررتُ أن أتقدَّم للزواج، مع صلاة الاستخارة؛ فإن تيَسَّر الأمر، فهو توفيقُ الله، وإن تعسَّر فهو الخيرُ.

المشكلةُ التي ازدادتْ مع عدم قدرتي على التخلي عنها هي أننا تجاوَزْنا كثيرًا قُبَيْلَ النهاية في الفترة الأخيرة، فقد فعَلْنا - تقريبًا - كل شيء إلا الوَطْء! وكنتُ أُقنع نفسي أنه ليس زِنا؛ لأنه لم يغبْ في فرْجِها، ولكن كان تلامسًا فقط، وكنتُ أشعر بالذنب إذا تركتُها.

تقدَّمْتُ للزواج، ووافَقَ أهلُها، ولكن أهلي رفضوها، وحاولوا إتمام الزواج نزولًا على رغبتي؛ ظنًّا منهم بتمسُّكي أنا بها، واستمرت الخِطبةُ أسبوعًا واحدًا، ولم أحتملْ، وشعرتُ بضيقٍ شديدٍ في الصدر، وانقباضٍ مِن إتمام هذا الأمر بعد صلوات الاستخارة.

أخبرتُ أحد الشيوخ بالأمر، وأخبرتُه جزءًا مِن الحقيقة، ولم أتحدث إليه عن علاقتي بها في فترة الزنا، فنصحني بإنهاء العلاقة في أقرب وقت؛ لأنني غير مُقتنع بها! وبالفعل أنهيتُ العلاقة معها، وكانت صدمة شديدة، وانهارتْ هي وأهلها، وانهرتُ أنا كذلك، وابتعدتُ.

حاولتُ أن أُكَفِّرَ عن ذنب ظلمي لها، ويعلم الله ما كنتُ أفعله مِن خيرٍ ليعود ثوابُهُ لها، وعانيتُ مِن فراقها كثيرًا، حتى كلمتني مرة أخرى بعد مدة طويلة، وقالتْ: إنها ما زالتْ تحبني، ولم تستطِعْ نسياني، فتهربتُ من اتصالاتها!

سافرتُ للابتعاد، ثم فوجئتُ بأنها سافرتْ إلى البلد الذي سافرتُ إليه لمقابلتي، وعندما جاءتْ استأجرتُ غرفةً جمعتنا أيامًا، وعدنا فيها لما كنا نفعله (الزنا المقنع)! حتى حدثت المصيبةُ، وفضضتُ بكارتها، وكانت الطامَّة؛ إذ ذهبنا للطبيبة، وأخبرتنا أن الغشاء تهتَّك، ولا بد من إجراء عملية تنظيف، ولكن يشترط موافقة ولي الأمر، مما زاد الأمر سوءًا.
 

 لا أعرف ما حُقُوقُها عليَّ؟ هل أبحث عمن يجلدني فأكفر عن ذنبي؟ هل أسعى ثانية للزواج منها؟ فكَّرْتُ في الزواج منها ثم تطليقها، ولكن كم صدمة ستحدث في أُسَرِنَا بسبب هذا!

فكرتُ في الابتعاد، ولكني خشيتُ على نفسي من عقاب الله في الآخرة إن هربتُ، وخشيتُ على نفسي من أهلها إنْ هي أخبرتهم، وحاولوا فضحي.

فكرتُ في إخبار أهلي بالحقيقة، وتحمُّل التبعات، ولكن أخشى على والديَّ من الصدمة.
 

لا أعرف ماذا أفعل؟!

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فاسْمحْ لي -أيها الأخ الكريم- بدايةً، وأستميحك عذرًا أن أكونَ صادقًا وواقعيًّا معك، إن كنتَ تخشى عقاب الله في الآخرة إن هربت، وتريد النجاة لك ولفتاتك!
 

حقًّا مَن يتدبر حكايتك، يتعجَّب من الفصام الواضح في شخصيتك؛ فأنت مِن جهة الكلام والتنظير تَعتَبِر نفسك غير تلك الفتاة، وأنها مَن أجْرَمَتْ، وتساهلتْ، وتعدَّتْ حدود الله؛ حتى وقعتْ في الزنا، بل إنك حاولتَ تخويفها من عقاب الله، إذا ما سافرت وحدها، ونيتها العصيان! ولم تتعِظْ أنت بتلك النصيحة، وتتناسى أنك شريكها، بل لولا أنت ما كانت هي! وهذا الفصام هو ما يجعلك تنفر منها كزوجةٍ، وتقبلها كعشيقة؛ لأنك تظن أنك تستحق مَن هي أفضل منها وهذا حقُّك، وكن صريحًا مع نفسك؛ لعل الصدق ينجيك، وتوفَّق لعمل ما يجب عليك عمله، ولا تتعلل بكلام مَن أفتاك بتركها؛ فغالبُ الظن أنك إن لم تخف عنه - كما ذكرت أنت- "جزءًا من الحقيقة، ولم أتحدث إليه عن علاقتي بها في فترة الزنا"، لَاختلف الحكم؛ فالفتوى - كما هو معروفٌ- فرعٌ عن تصور المسألة، فكن شجاعًا، وواجه نفسك بقوة؛ فأنت والفتاة متشابهان أخلاقيًّا ودينيًّا، ولست بأفضل حالًا منها، فلماذا ترى القذاة في عينها، وتتغافل عن العود في عينك؟! ولا تخدعْ نفسك بأنك قد تبتَ، فلو كانت توبتك صحيحةً لغيَّرْتَ -على الأقل- رقم هاتفك، ولنفرتَ منها لَمَّا جاءتْك، ولذلك فأنا أرى أن إصرارك على عدم الارتباط بها عجيبٌ حقًّا، وهو محض انفصامٍ في شخصيتك.

 فتخلَّصْ من تلك النظرة، أنك أطهر وأنقى منها، وأنها رجسٌ من عمل الشيطان، وكأنك لم تفعل معها الأفاعيل، أو كأنها أجبرتْك على الرذيلة، أو كنتَ مُكْرَهًا، فاصدقْ مع نفسك؛ لعل الله يلهمكما التوبة الصادقة، وكلامك يدل على أنك تحبها وتخاف عليها الضياع، وهذا دليل على حياة قلبك؛ فطبق وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم– حيث قال: «لم نَرَ -يُرَ- للمتحابين مثل النكاح»؛ (رواه ابن ماجه بإسناد صحيح).

 

والحاصلُ: أنك إن وقفتَ مع نفسك تلك الوقفة، فستجد أن الزواج بتلك الفتاة -بعد أن تتوبَا- هو الحل لتلك المشكلة التي جلبتماها على أنفسكما، ولتسْعَ في هدايتها، وأغلق عليها أبواب الشر.
 

ولمعرفة شروط التوبة الصحيحة راجعْ على موقعنا الاستشارات التالية: "كيفية التوبة وشروطها"،  "ظلمتُ فتاة وأريد أن أتوب!" ،"كيفية التوبة" ، "شؤم الزنا"، "الهداية"، "تلحقني فضيحة الزنا بعد التوبة"

 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 0
  • 69,789

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً