زوجتي تدعي أنها حملت وأسقطت الجنين

منذ 2015-05-05
السؤال:

أنا شابٌّ في نهاية العشرين مِن عمري، عقدتُ زواجي على امرأةٍ من غير بلدي، ودفعتُ لها المهرَ ومؤخِّر الصداق!

كانتْ تحصُل بيننا لقاءاتٌ بعلم والدها، وكانتْ هناك خلوةٌ شرعية، لكني لم أدخُلْ بها، حتى جاءتْ يومًا وأخبرتْني بأنها حامل بسببي!

في البداية لم أُصَدِّقْ! ثم سألتُ بعضَ الأطباء، فذكروا لي أنه من الممكن أن يكونَ هناك حملٌ للمرأة وهي بِكْرٌ!

ومع بكائها وانهيارها صدّقتُها، وأصررتُ على أن تسقطَ الجنين خوفًا مِن الفضيحة؛ لأنه لم يحنْ موعدُ الفرَح بعدُ، ثم اختفتْ لمدة أسبوعٍ، وأخبرتني بأنها أسقطت الجنين عند صديقتها مِن غير علم أهلها، ولم تعد بكراً بسبب ذلك.

صدّقتُها ولم أُكَذِّبها، وكنتُ متعاطفًا معها جدًّا، ومِن بعدها أصبحتْ تختفي بالأسابيع، ولا ترُدّ على اتصالاتي، وعند مُواجهتي لها تقول: إنها تُعاني من مشاكلَ نفسيةٍ سيئةٍ بسبب رُؤيتها للجنين، وأن لديها كثيرًا مِن المشاكل في البيت، فلا تستطيع مقابلتي! علمًا بأنني لم أرها مِن بعد عقْد الزواج إلا أربع مرات خلال سنة!

صبرتُ عليها لعله ينصلح شأنها بعد إتمام الزواج، وعندما اقترب موعدُ الزواج اكتشفتُ بأنها خدعتني؛ إذ علمتُ بأنها تُغني في الأفراح، وكان هذا سبب انشغالها طوال هذه المدة! كما اتضح لي أنها في هذا المجال من سنين، ولم أكنْ أعلم!

علمتُ كذلك بأنها تدخّن السجائر والشيشة، وتريد قبل إتمام الزواج أن يكون لها مسكنٌ خاصٌّ بها بجانب أهلها، وتخصيص يومٍ لها للسهر خارج البيت مع صديقاتها!

ثم أخبرتْني بأن هذه شروطها، وإذا لم يعجبني هذا فسوف ننفصل، وأتنازل لها عن المؤخر!

أخبرتُ والدَها بالأمر فلم ينكرْ، بل كان ردُّه سيئًا للغاية، وأخبرني بأنني دخلتُ بابنته، وأنها كانتْ حاملًا وأسقطت الجنين!

شعرتُ بأنهم يريدون إلصاق هذه التهمة بي، ويريدون أخْذ مؤخر الصداق كاملًا.

الموضوع معلَّق إلى الآن، ولا يريدون التفاهُم معي.

أخبروني ماذا أفعل مع هؤلاء؟ وكيف أتصرَّف؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاهُ، أما بعدُ:

فلقد أسأتَ الاختيار -أيها الابنُ العزيز- بارتباطك بتلك الفتاة المستهترة والمنحرفة، ولكن قدر الله وما شاء فعل، والواجبُ عليك الآن أن تُعَجِّلَ بالخلاص منها؛ فامرأةٌ بتلك الأخلاق لا تأمن على عرْضِها وشرفها، ويخشى إنْ تَمَهَّلْتَ في الأمر أن تلحقَ بك العار، فخروجُها وسفَرُها بدون إذنٍ وبغير وليٍّ مِن الرجال وبدون رقيبٍ ولا حسيبٍ، مع تدني أخلاقها، وتواطؤ والدها، يدفعُها للوقوع في الرذائل.

ولا تظنّ أن والد تلك الفتاة غيرها في الخلُق والدين، وإنما هو مثلها في الخلُق، بل لا يبعد أن يكونَ هو مَن علَّمَها الانحرافَ؛ هذا ما يُفَسِّر لك بروده معك؛ لأنه لم يتفاجأ بشيءٍ.

فلا تأمل كثيرًا في التفاوُض معه، أو أنه يُعاونك على وضْع حدٍّ للخروج من تلك الأزمة؛ فهؤلاءِ الناس لا يفهمون إلا منطقًا واحدًا، وهو أخْذُ قرارٍ مِن جانب واحدٍ، وإكراههم على التنازل عن حقوقها، ولْتستَعِنْ في إنهاء الأمر بمَن تراه مناسبًا مِن قريبٍ، أو صديقٍ، أو أحد الوُجهاء، وليكنْ على درايةٍ كاملةٍ بما أخبرتنا به، فالذي يظهر أنهم شعروا منك الطيبة والتعامل بالمعروف، وهذا الأمرُ يتطلَّب حزمًا وقوةً لتفتدي نفسها منك، وتتنازل عن مهرها وتُخالعها أو تطلقها، وهدّدْهم بِفَضْح أمرِهم أو اللجوء للشرطة؛ حتى يخضعوا لك.

والقرآنُ الكريمُ قد رخّص في إعضال الزوجة لتفتدي نفسها إذا أتتْ بأمرٍ قبيحٍ مِن الأذى بالأقوال والأفعال الفاحشة؛ ففي هذه الحال يجوز للزوج منعُها حقها مِن المهر؛ لأنها جلبت الضرر على نفسها؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19].

قال القرطبي في تفسيره (5/ 95): "اختلف الناسُ في معنى الفاحشة؛ فقال الحسن: هو الزنا، وإذا زنت البكرُ فإنها تُجْلَد مائة وتُنفى سنة، وترُدُّ إلى زوجها ما أخذتْ منه، وقال أبو قلابة: إذا زنت امرأةُ الرجلِ فلا بأس أن يضارها، ويشق عليها، حتى تفتدي منه، وقال السُّدِّيُّ: إذا فعلْنَ ذلك فخذوا مهورهنّ، وقال ابن سيرين وأبو قلابة: لا يحلُّ له أن يأخذَ منها فدية، إلا أن يجدَ على بطنها رجلًا! قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍمُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19].

وقال ابن مسعود وابن عباس والضَّحَّاك وقتادة: الفاحشةُ المبينة في هذه الآية البُغض والنشوز، قالوا: فإذا نشزتْ حلَّ له أن يأخذَ مالها، وهذا هو مذهبُ مالك، قال ابن عطية: إلا أني لا أحفظ له نصًّا في الفاحشة في الآية، وقال قوم: الفاحشةُ البذاء باللسان وسوء العشرة قولًا وفعلًا، وهذا في معنى النشوز.

ومن أهل العلم مَن يجيز أخْذ المال من الناشز على جهة الخلع، إلا أنه يرى ألا يتجاوز ما أعطاها...، والفاحشة قد تكون البذاء والأذى، ومنه قيل للبذيء: فاحش ومتفحِّش".

وقد نصَّ شيخُ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/ 283) على ذلك فقال: "... فلا يَحِلُّ للرجل أن يعضلَ المرأة، بأن يمنَعَها ويُضَيِّقَ عليها حتى تُعطيه بعض الصداق، ولا أن يضربها لِأَجْل ذلك؛ لكن إذا أتتْ بفاحشةٍ مبينةٍ كان له أن يعضُلَها لتفتدي منه؛ وله أن يضربها، هذا فيما بين الرجل وبين الله".

وتذكَّرْ في المرة القادمة أن يكونَ الاختيارُ وفق المعايير الشرعية التي تحثُّ على الزواج من صاحبة الدين والإيمان والتقوى والصلاح؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسَبِها ولجمالها ولدينها، فاظفرْ بذات الدين، تربتْ يداك» (متفق عليه).

وفّقك اللهُ لكلِّ خير.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 1
  • 17,633

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً