امتناع الزوجة عن زوجها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ ملتزم بالصلاة، ولا أترك أي فرض من فرائض الله، والحمد لله متزوج، ولديَّ طفلة وزوجتي حامل!
مشكلتي أن زوجتي ترفض الجماع دائمًا، وتتهرب مني، وأنا محروم من هذا الشيء، تحدَّثْتُ معها كثيرًا أنَّ ما تفعله حرامٌ، وستُحاسب عليه يوم القيامة، ولكنها لا تُحبُّ ذلك الشيء، وإذا فَعَلَتْه فإنه يكون تأدية واجب، وليس للمُتعة!
أنا شابٌّ وأعاني مِن ابتعادها عني، لذا بدأتُ ألجأ إلى العادة السِّرِّيَّة؛ رغم أنني أصلِّي والحمد لله.
كلمتها وداعبتها، لكن كأنني أعامل ميتة وليستْ إنسانة، فهي في قمة البرود! فماذا يمكنني أن أفعلَ مع زوجتي التي لا تحسُّ؟ هل أتزوج من غيرها؟
وصل بي الحال إلى أني تركتُ الصلاة في المسجد؛ فكيف أصلي في المسجد إمامًا بالناس أحيانًا وأنا أمارس العادة السرية بيني وبين نفسي؟
قبل الزواج كنتُ أحبها، ولكننا كنا نخطئ قبل الزواج معًا.. أسأل الله أن يتوب علينا.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالذي يظهر مِن رسالتك - أيها الأخُ الكريمُ - أنَّ رفضَ زوجتك للجماع له أسبابٌ، غالبُ الظن أنها تتعلَّق بماضيك معها، فلتبدأْ بإحداث توبةٍ نصوحٍ نادمًا على ما كان؛ حتى لا يكون ما أنتم فيه نوعًا من العقاب، ومِن شُؤم المعصية، ثم اعملْ على إزالة الآثار النفسية عند زوجتك، والأمرُ يتطلب وضوحًا وصراحة في الكلام وشفافيةً، وتحمُّلَ مسؤوليةٍ، وبيِّن لها أنكما وإن كنتما أخطأتما في الماضي فإن التوبة الصادقة تغْفِر الذنب، وابحثْ عن الأشياء التي تجلب لها السعادةَ، ولْتتعاوَنا معًا في هذا الشأن بودٍّ وحبٍّ.
ثم بعد تلك الخطوة بَيِّن لها أن الشرعَ أَوْجَبَ على الرجل معاشرةَ زوجته بالمعروف، وأوجب على المرأة الاستجابة لزوجها في أمر الجماع، وعدم الاستنكاف أو التأبي، وأنه يجب عليها أن تتفهَّم حالك واحتياجاتك، وذكِّرْها ببعض الأحاديث الواردة في السنة المطَهّرة في عِشرة الزوجين؛ كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأَبَتْ، فبات غضبان عليها، لعنتْها الملائكةُ حتى تُصبح»؛ متفق عليه.
وروى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، ما مِن رجلٍ يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها».
وروى الإمامُ أحمد عن عبدالله بن أبي أَوْفَى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا تؤدِّي المرأة حقَّ ربها حتى تؤدِّيَ حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتبٍ، لم تمنعه»؛ أي: وهي تسير على ظهر بعير.
ورواه النسائيُّ والترمذيُّ، عن طَلْق بن علي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا الرجل دعا زوجته لحاجته، فلْتَأْتِه، وإن كانتْ على التنور»؛ أي: وإن كانت تخبز على التنور.
فجعل الله للزوج الاستمتاع بزوجته كل وقتٍ، على أي صفةٍ كانت، ما لم يشغلها عن الفرائض، أو يَضُر بها، وأوجبه فوريًّا، كما بالغ في الزجر عن امتناعها منه، أو تسويفها إياه.
فإن استجابتْ، وإلا أخذتها لطبيبةٍ نفسيةٍ؛ فقد تكون تُعاني من عارضٍ نفسي يمنعها ذلك.
أما مسألة التعدُّد، فهي من الأمور الجائزة كحلٍّ قطعيٍّ لِمِثْل حالتك إن كنت مستطيعًا؛ بشرط العدْل بينهما، ولكن أنصحك ألا تجعله حلاًّ أوَّلِيًّا، ولكن الجأْ إليه إن تعذر إصلاحها.
أما فعل العادة السرية فمحرمٌ، وقد سبق بيانه في الاستشارة: "العادة السرية".
وخُذْ نفسك بالحزم، والجأْ إلى الله، وعُدْ لصلاة الجماعة؛ فإنَّ الابتلاء يوجب على المسلم الناصح الفرار إلى الله، وصِدْق اللجْء إليه، ولا تجعلْ للشيطان عليك سبيلاً.
أصلح الله لك زوجك، ورزقنا الله وإياك توبةً صادقةً.
- التصنيف:
- المصدر: