الاختيار الصحيح للزوج

منذ 2017-12-16

سيدة تزوجت مرتين وفشلت في حياتها، بسبب عدم الاختيار الصحيح، وتريد الطلاق في المرة الثانية بسبب سوء أخلاق زوجها.

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدةٌ في العشرين مِن عمري، تزوَّجتُ في سنِّ 18 عامًا، وكنتُ أعيشُ حياةً شبه تعيسة، نتَج عن هذا الزواج ولدٌ وبنتٌ، وتمَّ الانفصالُ بيني وبين زوجي، وأخذ زوجي الولد، وأخذتُ أنا البنت!

زوجي لا يحرمني مِن ابني، وأولادي لا يحسُّون بنقْصٍ والحمد لله، وبيننا تعاوُن في تربية الأولاد - والحمد لله.

قررتُ أن أتزوَّجَ مرة ثانية بعدما تقدَّم لي كثيرٌ مِن الخطَّاب، وكان مِن بينهم شابٌّ متزوجٌ، وليس لديه أولاد، وكنتُ موافقةً عليه، لكن أمي رفضتْ هذا الزواج، ثم تقدَّم إليَّ أيضًا شابٌّ أجنبيٌّ مُطَلِّق، وليس لديه أولاد، وتم الزواج منه، ثم فوجئتُ بعد الزواج بطلبه بنَزْع الحجاب، ثم سهرنا الليل وعرض عليَّ مشروبًا أخبرني بأنه مشروب برتقال، ثم فوجئتُ في اليوم التالي بأنه خمر!

خدعني وكلمتُه في ذلك، فأخبرني بأنه يشرب الخمر، ودومًا يُهددني إذا لم تفعلي ما أريد فسأُطلِّقك!

أراد أن يتركني عند أهلي ويذهب إلى بلدِه، فطلبتُ منه أن يتركَ لي المال فرفَض، وقال: ليس معي مال، وتركني وسافر.

ثم قابلتُ الشاب الذي تقدَّم للزواج مني مِن قبلُ ورفضتْه أمي، وعرف أنَّ علاقتي بزوجي متوترة، وأنه تركني وسافر!

عاد زوجي مِن السفَر، وحصلتْ مشكلاتٌ كثيرةٌ بيننا، وأنا لا أُحبه بل أكْرَهُه، ولا أريده، وأريد أن أطلَّق، وقد أخبرتُ أمي وأهلي بذلك.

فأخبروني ماذا أفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فقد قرأتُ رسالتك أيتها الابنة الكريمة مرات كثيرة؛ لعلي أظفَر مِن بين السُّطور بسبب أو حتى مناسبة للزواج من شخصٍ لا تُحبينه فقط، بل تكْرَهينه، ولا تريدينه، وترغبين في الطلاق منه، فلم أجدْ.

ثم أنت قد اختصرتِ رسالتك اختصارًا، حتى إنني لم أدركْ لأي معنى فضَّلْتِ ذلك الأجنبيَّ على غيره، كما أنه لَم يظهَرْ مِن كلامك ما يُبَيِّن مستوى ثقافتك الدينية أو الدنيوية، والتي بِمُوجبِها ووفقًا لها تختارين الأزواج، أو أنك تزوجتِ في المرتين دون التقيُّد بشروطٍ ومُواصفاتٍ خاصة فيمن تتزوجين، واسترسلتِ واستسهلتِ كيفما اتفق، وكيفما تيسر لك؟! وإلا فهل يعقل أن تختاري شخصًا ثم تفاجئي أنه على النقيض في كل فضيلة هكذا، فلا خُلُق، ولا دين، ولا مال، وأصدق ما يعبر المثل العربي: ضغث على إبالة، أو كِفْتٌ إلَى وئِيَّةٍ؛ أي: بليَّة على أخرى، وغَمٌّ على غَمٌّ، وحشف وسوء كيلةٍ! وكغدة البعير وموت في بيت سلولية، بل إنه لم يجمع نوعين من النُّقصَان كسفًا وإمساكًا، وإنما حوى الشر كله - نسأل الله السلامة.

فقد طلب منك نَزع الحجاب، وهذا دليلُ عدم المروءة والدياثة، ثم سقاك خمرًا على أنه برتقال، ويريد أن يأتيك من الخلف، ويُهَدِّدك بالطلاق إن لم يفعلْ، وفي النهاية يتركك بغير نفَقة عند أهلك ويذهب إلى بلدِه، فلا مال ولا خلق ولا دين.

فإن كان ما ذكرته أيتها الابنة في رسالتك صحيحًا وحقًّا، فهذا الرجلُ لا يجوز لك البقاء معه بحالٍ، فدعيه وابحثي عن زوج حقيقيٍّ، ولكن هذه المرة ليكنْ وفْقَ المعايير الشرعية، فالحياةُ الزوجيةُ مشوار طويل، وليس نزْوةً عابرةً، والمرأةُ المسلمةُ تَحْتاج إلى أن تتخذَ لها الاحتياطات اللازمة وتحرص على دواعي استقرارها، ومِن ذلك حُسن الاختيار للزوج، ولذلك رغب الإسلامُ المرأة في اختيار صاحب الدين والخلُق، فإنه إن أحبها أكْرَمَها وأمسكها بمعروف، وإذا أبغضها لم يُهنها، وإن فارقها فبالإحسانِ، وقد اختصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك في قوله: «إذا خطب إليكم من تَرْضَوْن دينه وخلقه فزَوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض، وفساد عريض»؛ رواه التِّرمذي.

أما أمثال زوجك، فلا يصلح لبناء أسرة متماسكة، ومن أجود ما قال أبو نواس وهو يصف نفسه ويصف كل من كان ماجنًا فاجرًا:

لا تَرْجِعُ الأَنْفُسُ عنْ غَيِّهَا         مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا لَهَا زَاجِرُ

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 1
  • 67,784

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً