خطتي العلميَّة.. هل توافقونني عليها؟
لقد أشرتُ في استشارةٍ سابقةٍ إلى أهميَّة أن تستفيدَ من كلِّ دقيقةٍ في مثل هذه الأيام، خاصةً وأنت موجودٌ في إحدى الدُّول المتقدِّمة والمميَّزة في مجال تخصُّصكَ، ولتتذكَّر دائمًا ضرورة اللُّجوء إلى الله - عزَّ وجلَّ - وطلب الهداية منه، وطلب البركة في الوقت والعمل.
بسم الله الرحمن الرحيم..
الإخوة الكرام: أودُّ استشارتكم بخصوص خطَّتي العلميَّة التي أنا في صدد السَّيْر عليها.
للأسف؛ إنَّ عَدَم تنظيمي للقراءة الحرَّة والقراءة الأكاديمية للجامعة يؤثِّر كلٌّ منهما على الآخَر بالنسبة لي، وذلك يؤثِّر بالتَّبعيَّة على نفسيَّتي؛ فأنا طالبٌ مُبْتَعَثٌ لِدراسة تخصُّص التَّسويق في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، لقد وَجَدتُ أنَّ حبِّي واهتمامي بالكتب الفكريَّة التي من مَيْزاتها - في تقديري - الغَوْصَ في عُمْق الأمور، وتحليل أجزائها وفهمها - وجدتُ اهتمامي بهذه النوعيَّة مع الكتب يطغى على اهتمامي بكتبي الدِّراسيَّة في تخصُّص التَّسويق، الذي دخلتُه لكي أتمكَّن من خدمة دِيني ودنيايَ فيما بعد، عن طريق استخدام المهارات التَّسويقيَّة الجديدة في نشر الأفكار البنَّاءة في الوطن الإسلامي والعربي.
ولذلك فقدْ قرَّرتُ أن أهتمَّ بدراستي الأكاديميَّة أوَّلاً، ثَمَّ يأتي بعد ذلك الاهتمامُ بالكتُبِ الفِكْريَّة، ويُوجد لديَّ الآن عالِمان أُعجِبْتُ بهما؛ هما: أ.د. عبدالكريم بكَّار، وكذلك الشيخ بكر أبو زيد.
قرَّرتُ أن أقرأ يوميًّا مقالاً واحدً للدكتور البكَّار، ويكون تركيزي الأوَّل على الدِّراسة الأكاديمية.
وسأستفيدُ من ذلك أني لن أَهْجُرَ القراءة الحرَّة والكُتُب الفكريَّةَ، وسيزيد استيعابي للمادَّة التي تحويها.
أودُّ - بارك الله فيكم - أن تُعلِّقوا ولو بتعليقٍ يسيرٍ على فكرتي، وتصحيحها أو الإضافة إليها، وكذلك أرجو أن تُزَوِّدونِي ببعض الكتب الفكريَّة التي تنصحونني بقراءتها.
رعاكم الرحمن.
الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
قرأتُ رسالتكَ باهتمام، وقرأتُ فيها حِرْصَكَ واهتمامَكَ، وهذا أمرٌ مميَّزٌ، ودعني أعلِّق على الأمور التَّالية:
أوَّلاً: تحملُ رسالتُكَ الكثيرَ من التشتُّت الذي تعيشُهُ بين الغَوْص في تخصُّصكَ - الذي هو مسار حياتكَ الرَّئيس - وبين كتب الفِكر بما تحمله من لذَّةٍ في التَّحليل والتَّوجيه وتنوير العقل!!
ولا ألومكَ على ذلك؛ فهذه مرحلةٌ يمرُّ بها كلُّ شابٍّ مهتمٍّ, ولا أنسى أنَّني عِشْتُ أشهرًا طويلةً وأنا في غاية التشتُّت في تحديد مساري وتوزيع اهتماماتي.
لقد تعلَّمتُ من والدي الدكتور عبدالكريم بكَّار أهميَّة التَّخصُّص، لقد أشار في أكثر من مكانٍ إلى أهميَّة أن يختارَ الشابُّ تخصُّصًا واحدًا، أو جُزْئِيَّةً من تخصُّصٍ، ويُبدِعَ فيها غايةَ الإبداع، ويصل فيها إلى أعلى المراتب، ليس على المستوى المحلِّيّ فقط؛ بل على المستوى العالمي، وهذا ليس مستحيلاً.
تذكَّر أنَّكَ لا يُمكن أن تجمع بين مجالاتٍ عدَّة، ولذا أرى أن تُخصِّصَ 70% من وقتكَ لتخصُّصكَ المطلوب والنَّادر، و30% للاطِّلاع الفِكريِّ والعامِّ وغيره.
ثانيًا: السؤال الكبير الذي يواجِهُ كلَّ شابٍّ مهتمٍّ: أيُّ الطُرُق أَختارُ لكي أُكمِلَ فيه حياتي؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب أن يَمزج بين الأمور التَّالية:
- قدراته ونقاط القوَّة لديه؛ أي: ما يميِّزُهُ عن أقرانه من مهارات وقدرات يتقنها أكثر من غيره.
- تخصُّصه الذي اختاره وأحبَّه.
- ما يعتقد أنه مهمٌّ وأساسيٌّ في حياته؛ أي: يُماثل سُلَّمَ القِيَم لديه.
وأقصد هنا: أن يجد الموضوع الذي يهمُّه ويلامس نقاط القوَّة لديه، ودعني أضربُ لذلك مثلاً:
لو قابلتَ شابًّا يتمتَّع بمهارة مميَّزة في التَّعامل مع الآخَرين، مثل هذا الشاب سيُبدِع لو تابع حياته في عملٍ يتَّصل بالآخَرين؛ كالدَّعوة إلى الله، أو العمل في مجال العلاقات العامَّة، أو المبيعات، أو غير ذلك، وسوف لَن يكون مفيدًا أن يوجَّه شابٌّ مثل هذا إلى دراسة الفِكر أو الأدب أو غير ذلك.
ثالثاً: يجب أن تجد أمثلةً حيَّةً من العلماء والناجحين والمميَّزين في تخصُّصكَ ومجال اهتمامكَ, وتضعَهم أمام عينيكَ قُدْواتٍ, والبحث عن الطريقة التي أصبحوا بها مميَّزين، والسَّيْر على خطاهم، وهذا أمرٌ في غاية الفائدة.
ختـامًا:
لقد أشرتُ في استشارةٍ سابقةٍ إلى أهميَّة أن تستفيدَ من كلِّ دقيقةٍ في مثل هذه الأيام، خاصةً وأنت موجودٌ في إحدى الدُّول المتقدِّمة والمميَّزة في مجال تخصُّصكَ، ولتتذكَّر دائمًا ضرورة اللُّجوء إلى الله - عزَّ وجلَّ - وطلب الهداية منه، وطلب البركة في الوقت والعمل.
د. ياسر بكار
- التصنيف:
- المصدر: