حكم الوشاية بين التلاميذ

منذ 2020-10-05

مشرف تربوي بمدرسة ثانوية يسأل: هل يجوز أن يجعل الطلاب يشي بعضهم ببعض لمعرفة الطلاب المخربين للمرافق في المدرسة؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعمل مشرفًا للتربية في مدرسة ثانوية، وكثيرًا ما يُحدِثُ التلاميذ في غفلة من المراقبين والأساتذة مشاكلَ في المدرسة؛ كإثارة الفوضى، أو تخريب ممتلكات المدرسة كالكراسي والطاولات، أو زجاج النوافذ، أو غيرها، وطبعًا يكون الفاعل بعض التلاميذ وليس كلهم، فهل يجوز من الناحية الأخلاقية والتربوية أن نطلب من التلاميذ الوشاية سرًّا بزملائهم المخربين؛ من أجل معاقبتهم، وفرض النظام داخل المؤسسات التربوية؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

فملخص السؤال: أنت مشرف تربية بمدرسة ثانوية، ويحصل من الطلاب سلوك تخريبي بأثاث المدرسة، وتسأل: هل يجوز تدريب التلاميذ على الوشاية بزملائهم المخربين؛ لمعاقبتهم وتطبيق النظام عليهم؟

 

الجواب:

أخي الكريم، أنت معلم تربية، وهذا التخصص له مدلول كبير، وما عُيِّنتَ بهذه المدرسة وتحمل تخصصًا كهذا، إلا ليُنظَر إليك أنك المربي الذي ينعكس سلوكه وتربيته، وخبراته وتخصُّصه على تعديل سلوك الطلاب، فكيف تعالج الخطأ بالخطأ؟

 

كيف تُدرِّب الطلاب على الوشاية بزملائهم، وهم يدرسون عندك أن الوشاية والتجسس لا يجوز؟ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]، ويدرس خطر الغِيبة والنميمة وغيرها من السلوكيات الخاطئة، ثم يرى المربي والمعلم يحثه على فعلها، فهذا تناقض واضح في التربية.

 

لذا أخي المربي والمعلم، طبِّق ما تعلمته من أساليبَ تربويةٍ ومناهجَ تعليميةٍ في معالجة مشاكل الطلاب، وخاصة من هم في مرحلة المراهقة التي تتصف بالعناد وإثبات الذات، كن قدوة لهم في السلوك الحسن، كن رحيمًا بهم عطوفًا عليهم، اترك لهم مساحة من الحوار البناء، لا تكن بُغيتك الحل المؤقت للمشكلة بالعقاب البدني أو النفسي، ازرَع في نفوسهم وعقولهم السلوك الحسن الذي يردعهم عن عمل الخطأ؛ خوفًا من الله، والتزامًا بالآداب والمحافظة على الممتلكات العامة التي يستفيد منها الجميع، بيِّن لهم - من خلال لقاءاتك بالطلاب خلال الحصص أو الأنشطة أو الرحلات والزيارات - ماذا تعني هذه الممتلكات، كيف لو كانت لك شخصيًّا، ماذا أنت فاعل للحفاظ عليها.

 

بالإمكان معرفة وحصر الطلاب التي يُعرَف عنهم السلوك الخاطئ عن طريق المرشد الطلابي، ومعلمي المواد، ويُفتَح لهم دراسة حالة خاصة عن طريق المرشد الطلابي، أو المختص الاجتماعي أو النفسي، ويعرف ما الأسباب التي دعت لهذا السلوك، ويتم معالجتها بدءًا بالطالب المستهدف نفسه، بزرع الثقة بنفسه بالحوار الهادئ معه، والتغافل بداية عن سلوكه بالتسامح بإعطائه الفرص لتعديل السلوك، واحترام شخصيته بقبوله كما هو لتعديل سلوكه، بوسائل عدة حتى تصل إلى تعديل السلوك.

 

بالإمكان أيضًا مشاركة لجنة رعاية السلوك بالمدرسة، ومشاركة الأسرة إذا لزم الأمر.

بالتشجيع، بالتحفيز، بالإشادة على السلوك الحسن.

 

أخي الكريم، إن مسؤولية التربية مسؤولية عظيمة وخاصة على المربين المتخصصين، فإن أحسنت حمل الأمانة، فلك مثل أجر من استفاد وتبِعك، وإن أسأت، فلا تخلُ من الإثم؛ فكن لهم قدوة حسنة، دُلَّهم على الصدق، والصبر، ومحاسبة النفس، واطِرْها على الحق أَطْرًا، أبْرِزِ النماذج المشرقة في سلوكيات الطلاب، وعالج السلوكيات الخاطئة.

  • 1
  • 0
  • 1,069

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً