تحكم الزوج في زوجته

منذ 2021-01-08

امرأة متزوجة تحب زوجَها ويُحبها، ولا غبار عليه في شيء لولا أنه يتحكَّم بها في كل أمورها، فلا تخرج إلى أي مكان - حتى عند أمها - إلا معه، وتسأل: ما النصيحة؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا امرأة متزوجة منذ سبع سنوات، أناهز الثلاثين من العمر، زوجي متوسط الحال، لكن ذلك لا يسبِّب لي مشكلة؛ لأنه طيب وحنون، ويُحبني وأُحبه، لكن ثمة أمرًا لا يجعلني أعيش في هناء وسعادة، ألا وهو أن زوجي يحب أن يتحكم فيَّ بكل شيء، حتى إنه يمنعني من زيارة صديقاتي وأقاربي إلا بوجود أمي، فلا يُمكن أن يرضى أن أجلس مع بنات أقاربي من نفس عمري، أو أن أذهب للتسوق، أو أي مكان، حتى عند أهله، بينما هو على العكس من ذلك، يذهب لأصحابه وأقاربه يوميًّا، ولا يعود إلا بعد منتصف الليل، ويسافر معهم أيضًا، أرشدوني ماذا أفعل؛ فأنا أفتقد كل شكل من أشكال الخصوصية، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد:

فبعض الرجال تربَّى في بيئة رأى والده يتحكم بأمه، ويمنعها من الممارسات الطبيعية بحجة الخوف عليها، أو لديه اعتقاد أن المرأة يجب أن تظلَّ خاضعة للزوج، لا تتحرك ولا تتصرف إلا بإذنه، ويجد لذلك عذرًا شرعيًّا، ويُقَوْلِبُ النصوص الدينية حسب ما يوافق هواه.

 

في الحقيقة طاعة الزوج واجبة على الزوجة ما لم يأمرْها بمعصية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلَّتِ المرأة خَمْسَها، وصامت شهرها، وحفظت فَرْجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ»، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف»،‏ والمعروف ألا يأمرها بمعصية، ولا ينهاها عن شيء مباح، ولا يسلُبها حقَّها الطبيعي في أن تحيا حياة كريمة هنيَّةً.

 

أختي، لا نعلم عن البيئة التي تربى فيها زوجكِ، وهل كانت هذه ممارسات والده مع أمه، أو بسبب أنكم تعيشون في بلد الغربة، ويخشى عليكِ الأغْرَاب، أو يخشى عليكِ النساء اللواتي يُفْسِدْنَ المرأة على زوجها، ولا يأمن عليكِ إلا بوجود أمِّكِ أو أمِّه أو أخته.

 

كما أننا لا نعلم هل سبق أن سمِع شيئًا عن هؤلاء النسوة من كثرة القِيل والقال، والتدخل في شؤون الغير؟

 

نحن لا نريد أن تخرجي عن طاعة زوجكِ؛ حيث إنه جنَّتُكِ ونارُكِ، وهذه حقيقة أختي الفاضلة، وهو يحبكِ وأنتِ تحبينه كما أشرتِ في رسالتكِ، وذكرنا لكِ بعضًا من أسباب تصرُّفه، فهل قمتِ بمحاولات لتغيير سلوكه معكِ؟ وما محاولاتك؟ وماذا كانت ردة فعله؟ بجميع الأحوال سوف نساعدكِ لتتدرجي معه في المحاولات؛ حتى يغير طريقته وأسلوبه، وإليكِ الاقتراحات الآتية:

1- أن تكوني صديقةَ أمه وأخته وموضعَ ثقتهما، فيحبانكِ، وهما بلا شك سيُثنيان عليكِ أمام زوجكِ، فتزيد ثقته بكِ.

 

2- أن تقومي بدعوة صديقاتكِ إلى منزلكِ بدلًا من الخروج معهنَّ.

 

3- إشعار زوجكِ بالفرح والترحيب؛ لأنه سيرافقكِ، ويخرج معكِ للحديقة أو للتسوق، ولا تتذمَّري من وجوده، فتذمُّركِ يجعله يقلق، وما أجمل أن يرافقكِ زوجكِ إلى هذه الأماكن! فالزوج صديق وأنيس، وهل كنتِ ستشعرين بالفرح والانبساط بخروجكِ من دونه؟

 

4- حاولي ترتيب سَفْرَةٍ معه، وجهِّزي له فيها مفاجآت سعيدة، أسعديه فيها بصحبتكِ وبكلماتكِ، وأسعديه بالفراش، املئي حياته بالتجديد والمفاجآت؛ ليطلُب حضوركِ ووجودكِ، ولا يستغني عنكِ.

 

5- لِيَكُنْ زوجكِ بيتَ سرِّكِ وموضعَ ثقتكِ وحبيبكِ، استشيريه فيما يُقلِقكِ، ولا تجعليه يشعر أن اهتمامكِ بصويحباتكِ أو أقاربكِ أو المعارف أهمُّ من فرحتكِ به وبحضوره ووجوده.

 

6- تواصلي معه إن كنتِ خارج المنزل وعبِّري له عن اشتياقكِ، وعن رغبتكِ بالعودة سريعًا إلى أحضانه، فلا يشبع قلبكِ، ولا يملأ روحكِ بالفرح إلا قُربُه وحضوره.

 

7- لتكن لديكِ نشاطات اجتماعية من خلال دعوة الصديقات إلى بيتكِ، فعندما تُثني النساء عليكِ أمام والدته، سيثق بكِ وحدكِ، ولن يُضطر إلى طلب أحد لمرافقتكِ.

 

8- ما رأيكِ بالزيارات العائلية أنت وهو فقط؟ زيارة الأصدقاء أو الأقارب، وأحيانًا اطلبي منه اصطحاب أمكِ أو أمِّه، لا تُشعرِيه أنكِ ترفضين وجود الآخرين معكم، فيُصِرَّ هو على وجودهم، ربما كنوعٍ من إثبات الذات والتسلط.

 

9- حاولي أن يكون لديكِ برنامج خاصٌّ معه بعد كل زيارة تخرجين فيها، ثم تعودين إلى المنزل تمتعينه فيها وتتفننين بأفكارك، إن كان بتجهيز عشاء خاصٍّ في البيت، أو بتجهيز حمَّام دافئ؛ ليشعر أنه ملكُ قلبكِ، وكلما رضيَ عنكِ، وثِقَ بكِ ومنحكِ كلَّ ما تحبين وتطلبين.

 

10- يمكنكِ أن توجِّهي زوجكِ للاستماع لبعض المرشدين الأُسَريين والمحاضرات التي تعالج ما يشبه حالتكِ، ويمكنكِ أن تُرسلي له على الواتساب بعض الرسائل في هذا الخصوص، سوف يتأثر وتتغير قناعاته تدريجيًّا بإذن الله.

 

11- اطلبي من والدته أو أخته أن تتحدث معه، وتطلب منه إعطاءك مساحةً أكبرَ من الحرية، على ألَّا يشعر أنكِ طلبتِ من والدته ذلك، بل كأن هذه رغبتها، وسوف يلين ويستجيب لأمه وأخته أيضًا بالتدريج.

 

أخيرًا:

لا تنازعيه حقَّه في الخروج مع أصحابه ومسامرتهم، ولا تُنكِّدي عليه عند عودته؛ حتى لا ينتقم لرجولته، فيمنعكِ من الخروج مع صديقاتكِ، ولكن اجعلي منزله نعيمًا يتمنى العودة إليه بعد قضاء الوقت مع أصحابه، ولا تستعجلي النتائج، فلا بد من الصبر والاستمرار في المحاولة معه بحبٍّ حتى يتغيَّر أسلوبه.

 

حفِظ الله بيتكما الدافئ، وأدام المحبة بينكِ وبين زوجكِ، وأقرَّ عينكم بأطفالكما.

  • 9
  • 15
  • 20,526

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً