ابني مدمن للخمر والمخدرات
أب يشكو حال ابنه؛ فهو مدمن للمخدرات، وحبوب الترامادول والهلوسة، ويُعاقر الخمر، ويسأل: كيف السبيل إلى علاجه: أهو بالرقية أم بالطب النفسي أم بهما معًا؟
ابني في التاسعة عشرة من عمره، مدمن حشيش وحبوب ترامادول وهلوسة، ويشرب الخمر أحيانًا، والسجائر العادية، وغير مقتنع بالعلاج، وهو عصبي المزاج، هل تُجدي معه الرقية الشرعية أو الطب النفسي أو كلاهما؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الفاضل:
فلا شكَّ أن القرآن الكريم شفاء ورحمة من كل داء؛ قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82].
ومنهج القرآن الكريم وهَدْيُ السنة المطهرة يشمل كل نواحي الحياة، ومنها علاج الأمراض النفسية والمجتمعية؛ كالإدمان، وتعاطي الحبوب المخدرة، فالإسلام صالحٌ لكل عصر؛ فالنصوص والقواعد الشرعية صالحة في علاج المخدرات، والإدمان على المخدرات، وذلك من خلال معرفة حكمها الشرعي؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا فَماتَ وهو يُدْمِنُها لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ» [رواه مسلم]، ومن هذه القاعدة الشرعية: (كل مسكر حرام)، استدل العلماء على أن كل ما يغيب العقل - وإن لم يكن خمرًا - فهو حرام.
ومن خطوات علاج إدمان المخدرات بالقرآن والسنة هي اتخاذ القرار بالتوقف عن الإدمان، وذلك بالتوبة، والإقلاع الفوري مع الندم على ما فات.
فالإسلام جاء في مثل هذه الحالات بمعنى شامل يساعد على العلاج الروحي والبدني، وذلك بالتوقف عن كل ضار بالجسم والعقل بالتوبة الصادقة، وزيادة الإيمان، والتوكل على الله، وطلب العون من الله بالدعاء، والرقية والتعوذات الشرعية، والابتعاد عن أماكن الإدمان، والصحبة الصالحة.
والإسلام جاء بفعل الأسباب، ومنها التداوي والعلاج، وذلك بالتوجه لأهل الخبرة من الأطباء؛ وفي الحديث الشريف: ((قالت الأعراب: يا رسول الله، ألَا نتداوى؟ قال: «نعم، يا عباد الله، تداوَوا، فإن الله لم يضَعْ داء إلا وضع له شفاء»؛ [رواه الترمذي].
ومن هنا يلزمك الذهاب إلى الجهات المختصة والعيادات الطبية لبدء العلاج، فعدم الذهاب يؤدي لمخاطر من إهلاك النفس وضياع المال، وعواقب أخرى كما في حالة ابنك عافاه الله وهداه.
فالعلاج الطبي والنفسي مهم في حالة ابنك، مع الجانب الروحي، والعلاج القرآني والنبوي، والدعاء وكثرة الاستغفار، والتخلق بالصبر والمجاهدة.
فالمهم مشاركة الأسرة الفعلية في العلاج لتجاوز الأزمة، وزيادة الرغبة لدى ابنها في العلاج والتعافي، وعلى الأسرة أن تسعى في إكساب ابنها مهارات جديدة تُعينه على حل المشكلات، والتكيف مع الضغوط، وممارسة الرياضة، وغيرها من الأنشطة، مع متابعته ومراقبته بقدر ما يتجاوز الأزمة، مع عدم الإفراط في تدليل ابنها، فربما كان هذا التدليل هو السبب في تعاطيه للمخدرات، ولا بد من احتواء الابن ومشاركته في الاهتمامات، وخلق جوٍّ من التآلف والحوار والاحترام؛ فالمشاركة بين أفراد الأسرة يعد نمطَ حياةٍ صحيًّا، يساعد على التعافي من المخدرات وعدم العودة مرة أخرى.
أسأل الله لك ولابنك التوفيق والرشاد، وأن يقر عينك بشفائه وصلاحه، آمين.
محمد بن إبراهيم السبر
إمام وخطيب جامع الأميرة موضي بنت أحمد السديري بالعريجاء من عام 1418هـ ، والمدير التنفيذي المكلف لمكتب الدعوة وتوعية الجاليات بالبديعة بالرياض، والمتحدث الرسمي لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض
- التصنيف: