فاشل في كل شيء
مراهق يرى نفسه فاشلًا في كل شيء؛ على المستوى الدراسي، وعلى مستوى الشكل؛ فهو يتعرض للتنمر والضرب بسبب شكله، وعلى مستوى الصحة؛ إذ يعاني أمراضًا بصرية وعصبية، ويسأل: ما الحل؟
أنا شخص فاشل في كل شيء؛ فليس لديَّ أيُّ مهارة، أو هواية، فاشل في دراستي؛ حيث أدرس رغمًا عني، لا بإرادتي، ولم يبقَ سوى أسبوعين ويأتي الامتحان، وأثق أنني سأفشل، ومهما حاولت أن أنجح، فلا أستطيع، أنا مكتئب، ووحيد؛ فلا أحد يحبني، ليس لديَّ أصدقاء، أتعرض للتنمر والضرب من قِبل الناس ولا أستطيع أن أردَّ عن نفسي؛ إذ إن صورتي قبيحة، أيضًا أعاني أمراضًا بصرية، وعصبية، ومصاب بداء القزامة، ومن ثَمَّ فأنا فاشلٌ دراسيًّا، واجتماعيًّا، ونفسيًّا، وجسديًّا، أرجو مساعدتي، وشكرًا.
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ أما بعد:
من مضمون رسالتك القصيرة نصل إلى أنك تعاني من تدني تقديرك لذاتك، وهذا يعني أنك تركز على ما فشلت فيه، ونقاط ضعفك، وتغضُّ بصرك عن محاسنك ونقاط قوتك، فما من مخلوق في الكون إلا وخُلق لهدف وله ميزات وعيوب، هناك من القوانين النفسية ما ينص على أن ما تركز عليه يزداد؛ مثلًا إذا ركزت على فكرة أنك فاشل في الدراسة، ولن تنجح، فإنك على الأغلب ستفعل ذلك (لن تنجح)، والسبب بسيط؛ وهو أنك أخبرت عقلك غير الواعي بأنك فاشل، ولن تستطيع النجاح، فيترجم ما أخبرته به إلى مشاعر؛ من قبيل: أنا أكره الدراسة، أنا محبط، أنا حزين، مكتئب...؛ إلخ، ومنه إلى سلوكيات مثل: ليس لدي رغبة في الدراسة، تجنب المذاكرة، قضاء الوقت في اللعب بعيدًا عن مراجعة الدروس...؛ إلخ، والنتيجة واضحة؛ وهي عدم نجاحك في الامتحان، أو تحصيلك أقل الدرجات على أقل تقدير، إن آلية عمل عقولنا تدور حول تأثير كلٍّ من أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا كل على الأخرى، فإن غيَّرنا من طريقة تفكيرنا المتشائمة؛ مثلًا: أنا ذكي في مادة التاريخ، أستطيع أن أتحصل على معدل جيد فيها...؛ إلخ، فسنجد أن مشاعرنا تجاه الدراسة تحسنت، ونُقبل عليها (السلوك)، وعلى هذه الحال مع باقي أفكارك التي ذكرت أو لم تذكر، اعتمد التركيز على ما هو إيجابي لديك، وتقبَّل ما تراه سلبيًّا، وحاول تغييره، إذا كنت تستطيع ذلك، فمن الأمور التي نستطيع تغييرها - مثلًا – أنك غير اجتماعي، ومنه ليس لديك أصدقاء، تستطيع هنا تحديد الأسباب التي جعلتك منطويًا وتبدأ بتغييرها، كذلك بالنسبة إلى الهوايات، فأنت الآن في فترة الشباب المبكر؛ حيث تكتشف نفسك، ولديك الوقت والصحة؛ لذلك حاوِلْ تجرِبة كل ما هو مفيد وجذَّاب لك – في إطار حدود شرع الله تعالى- بكل تأكيد ستجد ما يستهويك، وتجد صحبة صالحة فيه، بينما من الأمور التي نحتاج إلى تقبلها كما هي ليس لدينا ما يمكن القيام به نحوها، فنتقبلها من أجل العيش بسلام؛ ومنها شكلنا، وطول قامتنا، وعائلتنا، وغيرها مما ليس لدينا القدرة على التحكم فيها.
وفقك الله ورعاك.
- التصنيف:
- المصدر:
Haithem
منذ