أولادي لا ينامون إلا على مُشاهدة التلفاز ؟!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابنة عمرها ٤ سنوات، وابن عمره سنتان ونصف, لا ينامان إلا على التلفاز (قناة براعم)، فهل يُشَكِّل هذا ضررًا نفسيًّا أو سلوكيًّا عليهما؟
مع العلم أني مشغولة بمولودة جديدة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الفاضلة: بارك الله لكِ في أولادكِ، وحفِظ لكِ المولود الجديد، وجعَله قرَّةَ عينٍ لكِ.
أمَّا بالنسبة لسؤالِكِ: هل النوم على التلفاز يوميًّا يُشكِّل ضررًا على الأطفال؟
فإنَّه يُؤسفني أن أذكُر لكِ بعضًا من أضرارِ ذلك الذي ذكرتِ، من خلال نتائج دراساتٍ قام بها كثير من الباحثين؛ ومنها:
أنَّ الأطفال الذين يُشاهِدون التلفاز كثيرًا - خاصَّة قبل النوم - هم أكثر عُرْضة لمشاكل النوم، بما فيها صعوبة وقلَّة النوم، والكوابيس، وتَكرَار الاستيقاظ أثناء الليل، والشعور بالإجهاد أثناء النهار.
هذا - بمجرَّد بقاء التلفاز مفتوحًا، حتى إن لم يُشاهِده الأطفال - كافٍ ليُسبِّب اضطرابًا ملحوظًا في نومِهم.
إذًا عليكِ أن تَسألي نفسكِ سؤالًا: لماذا يُنصَح دائمًا بقراءة كتاب قبل الخُلود للنوم، أو حكاية قصة للأطفال؟!
لأنَّ المهم هو أن يَخلُد الجسمُ والنفس للراحة قبل النوم، وعلى العكس من ذلك، تتسبَّب مُشاهدة التلفاز لفَترات طويلة مساءً في أنْ يظَلَّ المرءُ يَقِظًا وقَلِقًا.
فإن ما يَحدُث داخل الطِّفل تراكُم لحاجاتٍ نفسيةٍ، يُريد تلبيتها مِن خلال متابعته للكارتون قبل النوم، ولكنَّها تملأ نفسه داخليًّا، وتضغَط على أعصابه، دون أن تُفرغ هذه الطاقة خارجيًّا قبل النوم؛ وهذا ما يُسبِّب الكوابيس، ويُشعِره بعدم الإنجاز؛ مما يؤدِّي إلى امتصاص قُدرات أطفالنا وذكائهم وقوتِهم.
إن كثرة مُشاهدة الأطفال للتلفاز دون سنِّ الـ8 سنوات، يُقلِّل من فَهْمهم للواقع؛ فيَعجَزون عن التفرِقة بين الواقع والخيال، فعندما يُشاهِد فيلمًا عن "الأشباح"، فإنه يُصدِّق ما يحدُث فيه مِن أحداثٍ، الأمر الذي يَتَسَبَّب له في حُدُوث كوابيس؛ لهذا تكون أي مَشاهد عُنْف - حتى في أفلام الكارتون - مُزعِجة ومُرعبة له.
وليس التأثيرُ السَّلبي يَحدث نتيجة مُشاهدة الأفلام التي تَحتوى على العنف فقط بل وجدْنا أنَّ مشاهدة أي محتوًى في المساء يُمثِّل مشكلة، وليس بالضرورة مَشاهد العنف فقط التي تسبِّب مشاكل النوم.
أيضًا لا نُغفِل الدور السلبي الذي تُسبِّبه الإضاءةُ الصناعيَّة على الحالة النفسيَّة للإنسان، وخاصَّة الأطفال، وتكون مُضِرَّة على صحَّتهم.
وبشكلٍ عامٍّ، فإنه كلما ازداد عدد ساعات المشاهدة الفعليَّة أو السلبية بمُجرَّد تشغيل التلفاز فقط، مع عدم الانتباه له، ازدادت المشاكل التي يتعرَّض لها الأطفال قبل النوم، وفي مواصَلة نومهم وحين استيقاظهم في الصباح , ويُسَبِّب لهم تعبًا طوال اليوم.
أمَّا بالنسبة لفكرة وُجُود تلفاز في غرفة النَّوم لدى الأطفال، فهذا يجعلهم أكثر عُرضة لمشاكل التعَب أثناء النَّهار، بنسبة أكثر ثماني مرات من الأطفال الآخرين، كما ذكَرتْ بعض الدراسات، أيضًا يُؤثِّر على تحْصيلهم الدراسي فيما بعدُ، وأوضحتْ أيضًا أنَّ إصابة الأطفال في السابعة من العمر بمُشكلات في الانتباه والتركيز تَزداد بزيادة أوقاتِ مُشاهدتهم للتلفاز من السنة الأولى إلى ثلاث سنوات، ووجَد الباحثون أنَّ كلَّ ساعة يَقضيها الطفل يوميًّا قبل سنِّ المدرسة في مشاهدة التلفاز، تَزيدُ خطرَ إصابته بمشكلات في الانتباه بنسبة 10% تقريبًا فيما بعدُ!
هذا ما نقلتْه إلينا بعضُ الدِّراسات عن الآثار المترتِّبة على النوم، عن طريق مُشاهدة التلفاز.
والآن عليكِ أن تأخذي القرار بأن تُغيِّري طريقة النوم؛ فهم ما زالوا صِغارًا، ومن السهل استخدام أساليب أخرى؛ ليعتادوا عليها.
غالِيَتي، قومي بتحديد وقت النوم كل يوم في ميعاد ثابت للأبناء بعد انتهاء الطفل مِن مُشاهدة فيلمه، أو برنامجه المفضَّل، ثم يغلق التلفاز، فمن الضروري جدًّا إبقاء جهاز التلفاز مُطفًأ لأطول فترة ممكنة.
وعليكِ أيضًا أن تُحَدِّدي وقتًا مُعيَّنًا لمُشاهدة الأطفال للتلفاز؛ حِفاظًا على عُيُونهم، وقوة إبصارهم، وعلى سلامة نشاطهم الجُسماني.
ومن الواجب على الأم مشاركة أبنائها في مشاهدة التلفاز، حتى وإن كان كرتون أطفال، فلا تَخلو قناة من بعض الأخطاء، ولا أحد منا يَضمَن المستقبل في مسألة النوم على التلفاز من قِبَل الأبناء في فترة المراهَقة، حيث لا يوجد رقيب، فلتكوني بجانبهم وقتها، ولتُعلِّقي على ما تَرينَه من مدْح وذمٍّ، وإظهار رأيك في بعض المواقف التي تحتاج ذلك.
أعانكِ الله على تربية أبنائكِ، وجعَله في ميزان حسناتكِ ورزَقَك الصبر
- التصنيف:
- المصدر: