ابني أصبح يخاف من الليل بسبب مشادة وقعت أمامه!

منذ 2017-07-16

هناك المخاوف التي تصيب الأطفال في سن المدرسة حيث يبدأ خوف الطفل من الأشياء الواقعيّة، مثل: خوفه من التعرّض للإصابة أو جرح، وكذلك الخوف من الطبيب، والخوف من التّحصيل المدرسيّ، ومن الموت، والحوادث الطبيعية، كالزلازل والفيضانات، وغيرها.

السؤال:

ولدي شاهد مشادة بين رجال يوم العيد بالليل، وشاهد رجلاً متهورًا يصدم الطريق، وأبوه وأعمامه أمامه، ومشاجرة بين رجال، ومن تلك الليلة وهو يكره الليل ويكره النوم بالليل، كان في البداية يسهر طول الليل حتى تطلع الشمس، ويصرخ بأن أحدًا سيأتي ويهاجمه ويقتلنا جميعًا.

حاولت في البداية أن أقنعه أن هذا الرجل مريض نفسي، وأنه تقد أخذته الشرطة، ولا يستطيع الخروج ليؤذي أي أحد، ولكنه صار يتخيل أشياء خيالية أن حرامي سيأتي للبيت ويقتلنا كلنا.

طول اليوم بخير، لكن لما يأتي الليل وقبل النوم بالذات ينهار ويبكي ويرتجف من الخوف، ويصرخ أن هناك شيئًا سيقتله ويقتل أباه. طبعًا أحاول أن أهدئه وأقرأ معه القرآن والقصص، وأحضنه، وأحيانًا أنام جنبه. هذا الكلام كل ليلة يحدث إلى الآن، ولنا عشرة أيام على ذلك.

ما الحل؟ هل أعرضه على دكتور نفسي؟ وكيف نتجاوز هذه الأزمة؟

الإجابة:

ابنتي الفاضلة:

يتعرّض الطفل للكثير من المخاوف الطبيعية التي تختلف طبيعتها باختلاف عمر الطفل، ويبدأ هذا الخوف في الظهور عنده منذ بداية حياته، وبما يتناسب مع مدى إدراكه للأمور، فهناك المخاوف التي تصيب الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، كأن يتعرّض الطفل في هذه المرحلة للخوف من رؤية الأشياء الخياليّة التي يشاهدها على التلفاز من وحوش وحيوانات والأقنعة، والرعد، وكذلك الخوف من الظلّام، والنوم وحيدًا.

وهناك المخاوف التي تصيب الأطفال في سن المدرسة حيث يبدأ خوف الطفل من الأشياء الواقعيّة، مثل: خوفه من التعرّض للإصابة أو جرح، وكذلك الخوف من الطبيب، والخوف من التّحصيل المدرسيّ، ومن الموت، والحوادث الطبيعية، كالزلازل والفيضانات، وغيرها.

وهناك الخوف من الحوادث التي يتعرّض لها هو أو أي أحد من أهله، كأن يرى أو يسمع مشاهد وأمورًا مخيفة ومؤلمة تبقى عالقة في ذهنه؛ فتصيبه بالخوف والقلق والتوتر.

 ابنتي الفاضلة، الموقف الذي تعرّضتم له وردود فعلكم تجاه ما حصل هو سبب مخاوف طفلك -حماه المولى وحفظهفي الليل الذي هو الوقت المثالي لتعزيز هذه المخاوف؛ لذلك فإن طفلك بحاجة إلى مساعدتك عندما يحين وقت النوم، ويمكن لبعض الأفكار أن تكون بمنزلة المهدّئ له حتى يخلد إلى النوم ومنها:

الاستماع إلى مخاوفه؛ حتى تشاركيه إيّاها وتقدّمي له المساعدة والدعم للتخلص منها.

وضع إضاءة خافتة في أحد أركان الغرفة؛ لكي لا يشعر بالخوف من الظلام، كما يمكن أن تمشي معه في الغرفة بعض الوقت لتبديد مخاوفه، ذكّريه أنكم في البيت والباب مغلق بإحكام ولا يستطيع أحد الدخول إلى البيت.

الاتفاق معه على النوم بجواره لبعض الوقت حتى يذهب في النوم؛ حتى يتعود على النوم بمفرده بشكل تدريجيّ، وطمئنيه دائمًا أنّك ووالده موجودان بالقرب منه إن احتاج مساعدتكما.

ضبط والتحكّم ببرامج الرسوم المتحركة التي يشاهدها طفلك على التلفاز، والابتعاد عن البرامج والأخبار التي تتضمّن مشاهد العنف والدماء، والتي تتضمّن الشخصيات ذات الأشكال غير الطبيعيّة المخيفة.

تذكيره بالأمور التي لم يعد يخاف منها؛ فهذا له تأثير قوي عليه؛ إذ أنّ ثقته بنفسه على تعلّم التعامل مع مخاوفه ستزيد، وسيدرك أنه من الممكن التغلب على مخاوفه الباقية كما تغلب على هذه المخاوف.

مشاركته بعض الألعاب التي يكون دور طفلك فيها الاختباء في غرفة مظلمة والآخرون يبحثون عنه؛ مثل هذه الألعاب ستبدد خوفه من الظلام وستجعله يتلاشى.

تعليم طفلك آليات وطرق الاسترخاء المختلفة، كأن يأخذ نفَسًا عميقًا، أو أن يتخيّل نفسه يطفو على سحابة، أو مستلقًا على شاطئ البحر، وتعليمه كيف يحوّل الوحش المخيف إلى وحش مضحك.. وهكذا، كما أنه يمكن ربط الليل بشيء يحبه، كأن تشتروا له لعبة يرغبها، بحيث لا يلعب بها إلا في الليل، فيكون قدوم الليل عاملًا إيجابيًا بدل أن يكون سببًا للخوف والرعب.

عرض مقاطع فيديو تشجّعه على مواجهة خوفه بشكل خياليّ؛ فذلك يساعده على تخيّل طرائق مواجهة المواقف والأشياء التي يخاف منها، قبل أن يتعرّض لها في واقعه الحقيقي.

التحلّي بالشجاعة، وعدم إبداء خوفك من أي شيء أمامه، وعدم إخباره عن الأشياء التي تخافون أنتم منها؛ لأن ذلك سيعمل على زرع الخوف المضاعف بداخله، ولن يتمكن من التغلب عليه.

الابتعاد عن استخدام التحذير والعقاب والتخويف معه؛ حتى تعدّلي سلوكه؛ فهذا يولّد لديه الشعور بعدم الأمان والتزعزع الداخلي، بالإضافة لعيش طفلك في جو متوتر نفسيًا يجعله متأهّبًا لمتلازمة من الرعب والهلع تجاه أيّ مثير جديد يتعرّض إليه.

الحرص دائمًا على غرس الشجاعة في داخله، من خلال عبارات التشجيع منك له ومن والده؛ حتى تتعزز ثقته بنفسه أكتر، وقومي بشراء الألعاب له تشجيعًا على عدم خوفه.

تحصينه بالأدعية والآيات القرآنية، وتَحفيظها له، وشرحها بما يَتناسب مع عمره، وإخباره أنّ قراءة القرآن والأذكار تحفظه من كل مكروه بإذن الله.

ختامًا: إن قمت باتّباع هذه النصائح ولم تجدي تغيّرًا أو تحسّنًا؛ فالأفضل أن تقومي ووالده باصطحابه لأخصائي نفسي للأطفال؛ لعمل جلسات وعمل تطمينات له.

أسأل الله تعالى لك الصحة والعافية لك ولعائلتك، ونتمنى أن تعاودي المراسلة للاطمئنان على طفلك.

 

المستشار: أ. باسمة شحادة

  • 3
  • 0
  • 9,669

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً