كيف أربي أبنائي على حب الله ودينه؟
التَّربية بالحبِّ أبقى وأثبت، وهذه هي المرحلة الثَّانية، إذا شعرت أنَّ أبناءك قد استقرَّ حبُّ الله ورسوله في نفوسهم، وتعرفين ذلك من خلال أسئلتهم لك، وحواراتهم معك، فانتقلي إلى مسألة غرس القيم والمبادئ في نفوسهم، وذلك بأسلوب: الله ربُّنا وخالقنا ورازقنا وراعينا يحبُّ الصَّادقين، ويكره ويبغض الكاذبين، وحبيبنا وقائدنا ورسولنا يحبُّ المسلم الأمين، ويكره ويبغض المسلم الخائن، وهكذا.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي: كيف أجعل أبنائي يحبُّون الله ورسوله؟ وهل أحدِّثهم عن عذاب النَّار ويوم القيامة؟ مع العلم أنَّهم صغار جزاكم الله خيراً.
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
ألخِّصُ لكِ -أختي الفاضلة- جواب استشارتك في النِّقاط الآتية:
أولاً: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا أهلاًّ لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق...آمين.
ثانياً: أنت تذكرين -أختي الفاضلة- أنَّك أمٌّ لعددٍ من الأبناء، وأنَّ هؤلاء الأبناء حفظهم الله ورعاهم ما زالوا صغاراً، وأنَّك ترغبين أن تربِّيهم تربية صالحة ومستقيمة، تربية قائمة على محبَّة الله ورسوله، ودوام مراقبة الله ومخافة عقابه، وتتساءلين عن مسألة تحديثهم بعذاب النَّار وأهوال يوم القيامة، وفي الحقيقة أغتنم الفرصة لأشكرك على اهتمامك وحرصك على تربية أبنائك تربية إسلاميَّة سليمة، وليت الأمَّهات الأخريات يعتنين بأبنائهن كعنايتك واهتمامك وحرصك، فجزاك الله خيراً من أمٍّ صالحة، ومربِّية واعية.
ثالثاً: التَّربية بالقدوة والاقتداء، وجدتها أنجع وأنجح طريقة وأسلوب في التَّربية، إظهار حبّك لله ولرسوله، وإجلالك وتعظيمك لله ورسوله أمام أبنائك، له أثر عظيم، ودور كبير في غرس حبِّ الله ورسوله في قلوبهم وأرواحهم، وهناك صور عديدة لإظهارك حبَّ الله وحبَّ رسوله أمام أولادك: إكثارك من تلاوة كتاب الله عزَّ وجلَّ، ورفع صوتك بالتِّلاوة، وسماع تلاوة القرآن من جهاز التَّسجيل أو من قناة فضائيَّة، والطَّلب من الأولاد الإنصات والاستماع تعظيماً وتقديراً لكتاب الله، كلُّ هذا يذكي في نفوسهم حبَّ الله تعالى.
عندما تريدين النَّوم توضَّئي بحيث يراك الأبناء، ثمَّ صلِّي ركعتين لله تعالى، وأشعريهم بأنَّك ترغبين في وداع هذا اليوم على طاعة الله، ثمَّ قولي أذكار النَّوم بصوت يسمعه أبناؤك الصِّغار من حولك، ثمَّ وأنت في فراشك ردِّدي على مسامعهم هذه الكلمات: الله معي... الله ناظري... الله شاهدي... وحاولي أن تترنَّمي بهذه الكلمات، فلها تأثير كبير في زرع مخافة الله وخشيته في النُّفوس.
قصِّي لهم قبل نومهم قصصاً تختارينها تغرس في نفوسهم حبَّ الله والخوف منه، كقصة تلك الأم التي قالت لابنتها: يا بنيَّتي اخلطي الحليب بالماء، وردّ البنت عليها: إذا كان عمر لا يرانا، فربُّ عمر يرانا، وغيرها. وزيارة واحدة منك لمكتبة إسلاميَّة، أو ببحث في النت تحصلين على عشرات القصص التي تتحدَّث في هذا الجانب. وإكثارك من الصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وبصوت مسموع من الأولاد، وطلبك من الأولاد أن يصلُّوا ويسلِّموا على رسول الله، وجمعهم حولك، وأخذ كتاب في سيرة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وقراءة صفحة أو صفحتين منه على أولادك، ثمَّ قيامك في رحلة إلى الحرم المكِّي والحرم النَّبويِّ، وزيارة النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام، كلُّ هذا يذكي حبَّ أبنائك لله ولرسوله.
رابعًاً: التَّربية بالحبِّ أبقى وأثبت، وهذه هي المرحلة الثَّانية، إذا شعرت أنَّ أبناءك قد استقرَّ حبُّ الله ورسوله في نفوسهم، وتعرفين ذلك من خلال أسئلتهم لك، وحواراتهم معك، فانتقلي إلى مسألة غرس القيم والمبادئ في نفوسهم، وذلك بأسلوب: الله ربُّنا وخالقنا ورازقنا وراعينا يحبُّ الصَّادقين، ويكره ويبغض الكاذبين، وحبيبنا وقائدنا ورسولنا يحبُّ المسلم الأمين، ويكره ويبغض المسلم الخائن، وهكذا.
خامسًاً: أحذرك أختي من استخدام أسلوب العنف والإكراه للأبناء، فهذا الأسلوب له آثار سلبيَّة جدَّاً، وخاصَّة في فترة السِّنين الأولى من عمر أبنائك حتَّى سنِّ العاشرة، أمَّا بعد العاشرة فيجوز ذلك بقدر وحذر ودقَّة، بحيث يلجأ إليه كحلٍّ أخير، وكما قيل: آخر علاج الكي.
سادساً: اشغلي أولادك بحفظ القرآن، ورغِّبيهم بحفظه بهدايا ومحفِّزات، وكذلك حفظ بعض الأحاديث القصيرة الصَّحيحة، كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تغضب»، وكقوله صلَّى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتَّات»، وكقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يدخل الجنَّة قاطع»، وكقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «قل: آمنت بالله ثمَّ استقم» وغيرها تختارينها بكلِّ دقَّة وحذاقة.
سابعًا: أمَّا مسألة تحديث الأبناء عن يوم القيامة، والنَّار وأهوالها، فأرى أن يكون بقدْر يسير، بحيث يكتفى بمعرفة الأبناء أنَّ هناك يوماً يجتمع فيه الأولون والآخرون، وسيحاسبون فيه على أعمالهم الحسنة والسَّيئة، وألا تتخذ النَّار وسيلة لتخويف الأبناء من الله، أو لتركهم بعض الأفعال والتَّصرفات السَّيئة، فيشعر الطِّفل بأنَّ الله يعذِّب بالنَّار، وعقله لا يستوعب ذلك، فقد يؤدِّي به الأمر إلى كره وبغض الله عزَّ وجلَّ، وهذا منزلق خطير جدَّاً في التَّربية، أرى الولوج فيه برفق وتؤدة.
حفظ الله لك أبناءك، وأعانك على تربيتهم تربية إسلاميَّة، وجعلهم قرَّة عين لك وللمسلمين.
سعد العثمان
- التصنيف:
- المصدر: