أتعامل بقسوة مع أطفالي بسبب عدم السعادة مع أمهم!
التّعامل بإيجابيّة مع الجانب التّربوي في حياة أطفالك؛ يتطلّب منك النّظر إلى علاقتك بزوجتك بعين الرّحمة، فإنْ كان التّقصير الذي تلمسه من طرفها متعلّقًا بأمورٍ خارجة عن إرادتها مع محاولاتها الدّائمة لتلبية احتياجاتك ورغباتك؛ فلا ذنب لها فيما لا تملكه، وعليك أنْ تتأمل قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
أنا متزوج منذ عشر سنوات، ولدي بنت وولد، في حياتي الزوجية غير سعيد،؛ فلقد تزوجت امرأة لا تطابقني فكرًا وشعورًا، ولا تملك مفاتيح السعادة؛ مما أشعرني هذا بالغضب، فصببت غضبي على ابني، عند قيامه بأي خطأ أصرخ عليه بشدة، وأضربه لأتفه الأسباب، حتى أصبح يخاف مني بدون أن أكلمه، ويبكي بمجرد الاقتراب منه، فوالله إني أحبه، لكنني أعيش حالة من الغضب بسبب حياتي البائسة.
لا أعرف ما السبيل! إن طلقت زوجتي تشرد أبنائي، وإن ظللنا معًا سيعيش أبنائي في بيت مليء بشحنات الغضب، حتى ابنتي لم أعد أطيق الجلوس معها واللعب معها، وهي بحاجة إلي، وأصبحت تطلق ضحكات هستيرية بدون أي سبب، حتى أصبحت قلقًا عليها، فأتمنى منكم إيجاد حل لحالتي الصعبة.
السيّد الكريم: حفظك الله وأطفالك وسائر أسرتك.
لا شك بأنّنا نقدّر تأثير الحالة النّفسيّة العامّة، ومدى تأثير القبول النّفسي لزوجتك على سائر علاقاتك الأسريّة والتّربويّة؛ فإنّها منظومة متكاملة ومترابطة، وأنت تلجأ لتفريغ الضّغوط والشّعور بالإحباط والكآبة على شكل انفعالات منصبّة على الأطفال.
والتّعامل بإيجابيّة مع الجانب التّربوي في حياة أطفالك؛ يتطلّب منك النّظر إلى علاقتك بزوجتك بعين الرّحمة، فإنْ كان التّقصير الذي تلمسه من طرفها متعلّقًا بأمورٍ خارجة عن إرادتها مع محاولاتها الدّائمة لتلبية احتياجاتك ورغباتك؛ فلا ذنب لها فيما لا تملكه، وعليك أنْ تتأمل قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
ففي تلك الآية قاعدة تربويّة نفسيّة تفسّر أهميّة الإيمان بالقضاء والقدر، والقناعة التّامّة بأنّ الله قسم لك ما فيه الخير من حيث لا تبصر ولا تدري، لحكمة فيها الخير كله في الدّنيا والآخرة. إنّ السّعادة والاسترخاء والطّمأنينة في العلاقات الأسريّة يستدعي القناعة التّامّة بما نملك.
فإنْ وجدت جانبًا من التّقصير أو النّقص عند زوجتك؛ فإنّ ذلك يستدعي منك البث إليها وحثّها وتوجيهها إلى ما تحب، وليس الكبت في نفسك والشّعور بالظّلم والإحباط الذي يشعل غضبك ويهدم حياتك، ويؤثّر على الصّحة النّفسيّة لأطفالك وسائر أفراد أسرتك بما فيهم أنت.
كن واثقًا بأنّ مفاتيح السّعادة في حياتك الزّوجيّة تملكها أنتَ كما زوجتك، قدّم لها النّصيحة، وتحدّث إليها عن ما تحتاجه لتعيش وإيّاها في سعادة، فكافّة الأشياء والصّور في حياتك يمكن التّعديل عليها لتفاجئك بما تحبّ وترغب، فلا تبحث عن السّعادة بعيدًا؛ فإنّها بين يديك، بما تقدّمه من محاولاتٍ للتّعديل والتّغيير في شخصك وشخص زوجتك، فلا شك بأنّ عندها ما يُسعدك.
وللشعور بالطّمأنينة والقناعة عليك بإحكام إغلاق باب مقارنة زوجتك مع الأخريات؛ فلا علم لك بالمحاسن والعيوب عندهن، فقد تكون لزوجتك من الخصال ما لا تملكها أخرى، كما أنّ بعض المظاهر الزّائفة قد تشعرك بعدم الرّضا والقبول لزوجتك؛ لذلك عليك تعداد الجوانب الإيجابيّة في حياتك الزّوجيّة، والتّغافل عن السّلبيات مهما وجدتها مؤلمة؛ لتعيش في سعادة وسكينة.
ثمّ يكفيك من السّعادة أن تشعر بقيمة التّضحية والعطاء في سبيل تنشئة أطفالك والإحسان إليهم والحفاظ على حياتك الأسريّة آمنة، فقلبك المكتنز بالرّحمة والحب لطفليك عليه أنْ ينطق حبًّا، وعليك أنْ تترجم هذا الحب بالبذل لأجلهما.
وأخيرًا: استعن بالله بمجاهدة النّفس وما تهوى، واحتساب الأجر بما لم تنله من أمنياتٍ عند الله، والسّعي لأنْ تكون المدخل والمحرّك الأول لمفاتيح السّعادة لكافّة أفراد أسرتك؛ فالسّعادة لا تكمن في مواصفات الزّوجة التي تحاكي أحلامك وطموحك، بقدر ما تكمن في ابتسامةٍ على وجوه أطفالك، أو حياةٍ سويّة خالية من الاضطرابات النّفسيّة، فكم من العلاقات الزّوجيّة المبنيّة على تكافؤ تامٍ بين الأزواج إلا أنّها فقدت معنى الطّمأنينة والسّكينة؛ بسبب الحرمان من إنجاب الأطفال، أو بسبب مرضٍ ألمّ بأحدهم، أو أكثر من ذلك؟!
نسأل الله أنْ ينعم عليك بالسّكينة والطّمأنينة، ويملأ حياتك سعادة ورحمة.
المستشار: أ.أميمة صوالحة