قضاء التائب عن ترك بعض الصلوات
منذ 2006-12-22
السؤال: سائل يقول: أنه يصلي في بعض الأوقات ويدع الصلاة في أوقات أخرى، ويحصل
منه العزم على التوبة في بعض الأوقات، ثم يرجع عن ذلك، وربما أفضى به
ذلك التساهل إلى ترك بقية الأركان، وقد عزم على التوبة الصادقة
والإقلاع التام فهل تقبل توبته، أم يكون من الذين قال الله فيهم:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ
اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [سورة النساء: الآية 137]؟ وهل
يشترط في التوبة النطق بالشهادتين بمسمع عالم؟ وهل لا بد من الغسل
وصلاة ركعتين... إلى آخره؟
الإجابة: قد بين الله في كتابه العظيم: أنه سبحانه يقبل التوبة من عباده مهما
تنوعت ذنوبهم وكثرت، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ} [سورة الزمر: الآية 53].
أجمع العلماء أن هذه الآية في التائبين، وقد أخبر فيها سبحانه: أنه يغفر الذنوب جميعا لهم، إذا صدقوا في التوبة إليه؛ بالندم، والإقلاع من الذنوب، والعزم أن لا يعودوا فيها، فهذه هي التوبة، ونهاهم سبحانه عن القنوط من رحمته، وهو: اليأس، مهما عظمت الذنوب وكثرت، فرحمة الله أوسع، وعفوه أعظم، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [سورة الشورى: الآية 25].
وقال في حق النصارى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة المائدة: الآية 73].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب عليك الإقلاع من جميع الذنوب، والحذر منها، والعزم على عدم العود فيها، مع الندم على ما سلف منها؛ إخلاصا لله، وتعظيما له، وحذرا من عقابه، مع إحسان الظن به سبحانه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " " وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: " " أخرجه مسلم في صحيحه.
فاتق الله: يا عبد الله، وأحسن ظنك بربك، وتب إليه توبة صادقة؛ إرضاء له سبحانه، وإرغاما للشيطان، وأبشر بأنه سبحانه سيتوب عليك، ويكفر سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة، وهو سبحانه الصادق في وعده، الرحيم بعباده.
أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط، وإنما التوبة تكون بالإقرار بما جحدته، وبعمل ما تركت، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا، والندم على ما سلف، والعزيمة على عدم العود، وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات. لأن التوبة تهدم ما كان قبلها.
أما إن كنت تركت الشهادتين، أو شككت فيهما فإن التوبة من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك، فتقول: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله)، عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين، من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
أما الغسل فهو مشروع، وقد أوجبه بعض العلماء على من أسلم بعد كفره الأصلي، أو الردة، فينبغي لك أن تغتسل، وذلك بصب الماء على جميع بدنك بنية الدخول في الإسلام، والتوبة مما سلف من الكفر، أما صلاة ركعتين بعد الغسل فلا تجب، ولكن يستحب لكل مسلم إذا تطهر الطهارة الشرعية أن يصلي ركعتين؛ لأحاديث وردت في ذلك.
وأما قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [سورة النساء: الآية 137]. فليس معناها: أن من زاد كفره أو تكرر لا يتوب الله عليه، وإنما معناها عند أهل العلم: استمراره على الكفر حتى يموت.
كما قال الله سبحانه في الآية الأخرى في سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} [سورة البقرة: الآية 161].
وقال تعالى في سورة آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [سورة آل عمران: الآية 91].
وقال أيضا في سورة البقرة: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: الآية 217].
فقد أوضح الله سبحانه في هذه الآيات الثلاث أن حصول العذاب واللعنة وعدم القبول وحبوط الأعمال كل ذلك مقيد بالموت على الكفر.
وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الكافر مهما تنوع كفره ومهما تكررت ردته فإنه مقبول التوبة عند الله إذا تاب توبة نصوحا، وهي المشتملة على: الإقلاع عن الكفر، والعزيمة على عدم العودة فيه، والندم على ما مضى منه.
وإنما اختلفوا في حكم من تكررت ردته في حكم الشرع في الدنيا، هل يقبل منه ويسلم من القتل، أم لا تقبل منه ويقتل؟ هذا محل الخلاف، أما فيما بينه وبين الله سبحانه فليس في قبولها خلاف إذا كانت توبة نصوحا كما تقدم.وأرجو أن يكون فيما ذكرناه لك مقنع وكفاية.
والواجب عليك البدار بالتوبة الصادقة، والضراعة إلى الله سبحانه، والإلحاح في الدعاء أن يتقبل منك، وأن يثبتك على الحق، ويعيذك من نزغات الشيطان ووساوسه، فإنه العدو المبين الذي يريد إهلاك غيرك، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سورة فاطر: الآية 6].
فبادر إلى إرغامه بالتوبة الصادقة، وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، والسلامة من النار، مع قبول التوبة إذا صدقت في ذلك، وأوصيك بالإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أفضل ذلك أن تكثر من كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، ومن الكلمات الآتية: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم).
كما نوصيك أيضا بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم والتدبر لآياته، فإن فيه الهداية لكل خير والتحذير من كل شر، ونوصيك أيضا بمطالعة ما تيسر من كتب الحديث المعروفة، مثل: (رياض الصالحين) و (بلوغ المرام)، فإن فيها ما ينفعك ويعينك على الخير إن شاء الله، أما صوم النافلة؛ كالإثنين، والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهو قربة وطاعة وفيه أجر عظيم، وتكفير للسيئات، ولكن إذا كانت أمك لا ترضى بذلك فلا تكدرها، فإن الوالدة حقها عظيم، وبرها من أهم الواجبات، ولعلها تخاف عليك من الكسل إذا صمت، وعدم القيام بالواجب في طلب الرزق والقيام بحاجات البيت، ومعلوم أن طلب الرزق الحلال لإعاشة العيال وأهل البيت من أفضل القربات، بل من أهم الواجبات، وهو أفضل من التفرغ لصوم التطوع، وصلاة التطوع.
وبكل حال فالذي أنصحك به هو: أن تسمع قولها، وتطيعها في مثل هذا، وإذا رأيت مجالا في المستقبل لطلبها الإذن فاستأذنها في الصوم إذا كان الصوم لا يعطلك ولا يضعفك عن المهمات المذكورة آنفا.
والله المسئول أن يمنحك الفقه في الدين، ويهديك صراطه المستقيم، ويمن علينا وعليك بالتوبة النصوح، ويعيذنا وإياك وسائر المسلمين من نزغات الشيطان، وشر النفس وسيئات العمل، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - المجلد العاشر.
أجمع العلماء أن هذه الآية في التائبين، وقد أخبر فيها سبحانه: أنه يغفر الذنوب جميعا لهم، إذا صدقوا في التوبة إليه؛ بالندم، والإقلاع من الذنوب، والعزم أن لا يعودوا فيها، فهذه هي التوبة، ونهاهم سبحانه عن القنوط من رحمته، وهو: اليأس، مهما عظمت الذنوب وكثرت، فرحمة الله أوسع، وعفوه أعظم، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [سورة الشورى: الآية 25].
وقال في حق النصارى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة المائدة: الآية 73].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب عليك الإقلاع من جميع الذنوب، والحذر منها، والعزم على عدم العود فيها، مع الندم على ما سلف منها؛ إخلاصا لله، وتعظيما له، وحذرا من عقابه، مع إحسان الظن به سبحانه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " " وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: " " أخرجه مسلم في صحيحه.
فاتق الله: يا عبد الله، وأحسن ظنك بربك، وتب إليه توبة صادقة؛ إرضاء له سبحانه، وإرغاما للشيطان، وأبشر بأنه سبحانه سيتوب عليك، ويكفر سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة، وهو سبحانه الصادق في وعده، الرحيم بعباده.
أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط، وإنما التوبة تكون بالإقرار بما جحدته، وبعمل ما تركت، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا، والندم على ما سلف، والعزيمة على عدم العود، وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات. لأن التوبة تهدم ما كان قبلها.
أما إن كنت تركت الشهادتين، أو شككت فيهما فإن التوبة من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك، فتقول: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله)، عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين، من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
أما الغسل فهو مشروع، وقد أوجبه بعض العلماء على من أسلم بعد كفره الأصلي، أو الردة، فينبغي لك أن تغتسل، وذلك بصب الماء على جميع بدنك بنية الدخول في الإسلام، والتوبة مما سلف من الكفر، أما صلاة ركعتين بعد الغسل فلا تجب، ولكن يستحب لكل مسلم إذا تطهر الطهارة الشرعية أن يصلي ركعتين؛ لأحاديث وردت في ذلك.
وأما قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [سورة النساء: الآية 137]. فليس معناها: أن من زاد كفره أو تكرر لا يتوب الله عليه، وإنما معناها عند أهل العلم: استمراره على الكفر حتى يموت.
كما قال الله سبحانه في الآية الأخرى في سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} [سورة البقرة: الآية 161].
وقال تعالى في سورة آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [سورة آل عمران: الآية 91].
وقال أيضا في سورة البقرة: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: الآية 217].
فقد أوضح الله سبحانه في هذه الآيات الثلاث أن حصول العذاب واللعنة وعدم القبول وحبوط الأعمال كل ذلك مقيد بالموت على الكفر.
وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الكافر مهما تنوع كفره ومهما تكررت ردته فإنه مقبول التوبة عند الله إذا تاب توبة نصوحا، وهي المشتملة على: الإقلاع عن الكفر، والعزيمة على عدم العودة فيه، والندم على ما مضى منه.
وإنما اختلفوا في حكم من تكررت ردته في حكم الشرع في الدنيا، هل يقبل منه ويسلم من القتل، أم لا تقبل منه ويقتل؟ هذا محل الخلاف، أما فيما بينه وبين الله سبحانه فليس في قبولها خلاف إذا كانت توبة نصوحا كما تقدم.وأرجو أن يكون فيما ذكرناه لك مقنع وكفاية.
والواجب عليك البدار بالتوبة الصادقة، والضراعة إلى الله سبحانه، والإلحاح في الدعاء أن يتقبل منك، وأن يثبتك على الحق، ويعيذك من نزغات الشيطان ووساوسه، فإنه العدو المبين الذي يريد إهلاك غيرك، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سورة فاطر: الآية 6].
فبادر إلى إرغامه بالتوبة الصادقة، وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، والسلامة من النار، مع قبول التوبة إذا صدقت في ذلك، وأوصيك بالإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أفضل ذلك أن تكثر من كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، ومن الكلمات الآتية: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم).
كما نوصيك أيضا بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم والتدبر لآياته، فإن فيه الهداية لكل خير والتحذير من كل شر، ونوصيك أيضا بمطالعة ما تيسر من كتب الحديث المعروفة، مثل: (رياض الصالحين) و (بلوغ المرام)، فإن فيها ما ينفعك ويعينك على الخير إن شاء الله، أما صوم النافلة؛ كالإثنين، والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهو قربة وطاعة وفيه أجر عظيم، وتكفير للسيئات، ولكن إذا كانت أمك لا ترضى بذلك فلا تكدرها، فإن الوالدة حقها عظيم، وبرها من أهم الواجبات، ولعلها تخاف عليك من الكسل إذا صمت، وعدم القيام بالواجب في طلب الرزق والقيام بحاجات البيت، ومعلوم أن طلب الرزق الحلال لإعاشة العيال وأهل البيت من أفضل القربات، بل من أهم الواجبات، وهو أفضل من التفرغ لصوم التطوع، وصلاة التطوع.
وبكل حال فالذي أنصحك به هو: أن تسمع قولها، وتطيعها في مثل هذا، وإذا رأيت مجالا في المستقبل لطلبها الإذن فاستأذنها في الصوم إذا كان الصوم لا يعطلك ولا يضعفك عن المهمات المذكورة آنفا.
والله المسئول أن يمنحك الفقه في الدين، ويهديك صراطه المستقيم، ويمن علينا وعليك بالتوبة النصوح، ويعيذنا وإياك وسائر المسلمين من نزغات الشيطان، وشر النفس وسيئات العمل، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - المجلد العاشر.
- التصنيف: