السحر وهل له حقيقة؟ وحل السحر عن المسحور.
منذ 2008-04-07
السؤال: سائل يسأل عن حقيقة السحر، هل له وجود حقيقي واقعي أم أنه مجرد
تخيلات، وتوهمات، وشبه ذلك؟ وقال: كان لنا جار صاحب ديانة فيما يظهر
لنا، ويأتون إليه الناس من كل ناحية متأثرين بأنواع من الأمراض
النفسية، ومنها السحر، فيزعم أنه يعالجهم بعلاجات متنوعة، وأنهم يشفون
بإذن الله ثم بسبب علاجاته، قال: وناقشته مرة عن ذلك، فقال: إنه
يستطيع أن يحل السحر عن المسحور، فسألته عن كيفية ذلك، فلم يفصح لي عن
شيء صريح، وأنا متشكك منه، وقال لي مرة: إنه يستطيع أن يعمل السحر
ابتداءً، ويؤثر به على أي شخص يريده، وقد عمله فعلاً فيما مضى، ثم تاب
من عمله، فلا يعود إليه أبداً، ولكنه الآن مستمر على حل السحر؛
احتسابًا لنفع الناس؛ وتكسباً لما يحصل منهم عليه، لينفقه على نفسه،
وعائلته، ويتصدق منه، فهل يحل مثل هذا الصنيع، وماذا يترتب عليه؟
الإجابة: نعم، السحر له وجود حقيقي واقعي لا شك فيه.
هذا مذهب أهل السنة والجماعة؛ خلافاً للمعتزلة، ومن قال بقولهم، وقد ذكره الله في كتابه.
وهو: عبارة عما خفي، ولطف سببه، قال أبو محمد الموفق المقدسي في (الكافي): السحر عزائم وَرُقى، ومنه ما يؤثر في القلوب، والأبدان، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء، وزوجه. قال الله تعالى عن اليهود: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله} (1) إلى آخر الآية، وقال تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2) يعني: السواحر اللواتي ينفثن في سحرهن.
ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر بالاستعاذة منه.
▪ والسحر محرم في جميع أديان الرسل، واختلف أهل العلم: هل يكفر الساحر أو لا؟
فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية عنه، وقال الشافعي: إذا تعلم السحر، فإن وصف ما يوجب الكفر، فهو كافر، وإن وصف ما لا يوجب الكفر نظرت، فإن اعتقد إباحته، فهو كافر، وإلا فلا، وقد سماه الله كفرا بقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}، وقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ}، "وْحدُّ الساحر ضربة بالسيف" (3) الحديث (رواه الترمذي عن جندب مرفوعاً وموقوفاً، وصحح الموقوف)، وبهذا الحديث أخذ مالك وأبو حنيفة. فقالوا: يقتل الساحر، وهو رواية عن الإمام أحمد، قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وممن روي عنه قتله: عمر، وعثمان، وابن عمر، وحفصة، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد (4) وعمر بن عبد العزيز.
وأما الشافعي، فلم ير القتل بمجرد السحر؛ إلا أن عمل في سحره ما يبلغ الكفر (5). وبه قال ابن المنذر (6)، وهو رواية عن الإمام أحمد.
▪ وأما حل السحر عن المسحور، فقد ورد فيه حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال: " " (7) (رواه أحمد وأبو داود)، وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب: رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه، أو ينشر؟ قال: لا بأس، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم ينه عنه (8).
وروي عن الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر.
▪ قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حله بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، الثاني: النشرة بالرقية، والتعوذات، والأدوية، والدعوات المباحة، فهذا جائز. والله أعلم.
___________________________________________
1 - سورة البقرة: الآية (102).
2 - سورة الفلق: الآية (4).
3 - الترمذي (1460)، وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل ابن موسى المكي يضعف في الحديث... والصحيح عن جندب موقوف.أ.هـ. والحاكم (4/360)، والبيهقي (8/136)، وقال: إسماعيل بن مسلم ضعيف. والدارقطني (3/ 114)، وقال الإمام أحمد في إسماعيل بن مسلم: ضعيف يسند أحاديث مناكير.
4 - ذكر ذلك ابن المنذر في (الإشراف على مذاهب أهل العلم) (2/ 407).
5 - المصدر السابق.
6 - نقل هذا عن الشافعي الترمذي في (الجامع) (1460).
7 - أحمد (4/ 293)، وعنه أبو داود (3868)، وعنه البيهقي (9/ 351)، ورجاله ثقات غير أن وهب بن منبه لم يلق جابراً رضي الله عنه.
8 - الطبري في (تهذيب الآثار)، ذكره الحافظ في (التغليق) (5/ 49، 50)، والأثرم في (سننه)، وغيرهما من طرق عن قتادة به بألفاظ، وصححه.
هذا مذهب أهل السنة والجماعة؛ خلافاً للمعتزلة، ومن قال بقولهم، وقد ذكره الله في كتابه.
وهو: عبارة عما خفي، ولطف سببه، قال أبو محمد الموفق المقدسي في (الكافي): السحر عزائم وَرُقى، ومنه ما يؤثر في القلوب، والأبدان، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء، وزوجه. قال الله تعالى عن اليهود: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله} (1) إلى آخر الآية، وقال تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2) يعني: السواحر اللواتي ينفثن في سحرهن.
ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر بالاستعاذة منه.
▪ والسحر محرم في جميع أديان الرسل، واختلف أهل العلم: هل يكفر الساحر أو لا؟
فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية عنه، وقال الشافعي: إذا تعلم السحر، فإن وصف ما يوجب الكفر، فهو كافر، وإن وصف ما لا يوجب الكفر نظرت، فإن اعتقد إباحته، فهو كافر، وإلا فلا، وقد سماه الله كفرا بقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}، وقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ}، "وْحدُّ الساحر ضربة بالسيف" (3) الحديث (رواه الترمذي عن جندب مرفوعاً وموقوفاً، وصحح الموقوف)، وبهذا الحديث أخذ مالك وأبو حنيفة. فقالوا: يقتل الساحر، وهو رواية عن الإمام أحمد، قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وممن روي عنه قتله: عمر، وعثمان، وابن عمر، وحفصة، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد (4) وعمر بن عبد العزيز.
وأما الشافعي، فلم ير القتل بمجرد السحر؛ إلا أن عمل في سحره ما يبلغ الكفر (5). وبه قال ابن المنذر (6)، وهو رواية عن الإمام أحمد.
▪ وأما حل السحر عن المسحور، فقد ورد فيه حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال: " " (7) (رواه أحمد وأبو داود)، وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب: رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه، أو ينشر؟ قال: لا بأس، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم ينه عنه (8).
وروي عن الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر.
▪ قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حله بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، الثاني: النشرة بالرقية، والتعوذات، والأدوية، والدعوات المباحة، فهذا جائز. والله أعلم.
___________________________________________
1 - سورة البقرة: الآية (102).
2 - سورة الفلق: الآية (4).
3 - الترمذي (1460)، وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل ابن موسى المكي يضعف في الحديث... والصحيح عن جندب موقوف.أ.هـ. والحاكم (4/360)، والبيهقي (8/136)، وقال: إسماعيل بن مسلم ضعيف. والدارقطني (3/ 114)، وقال الإمام أحمد في إسماعيل بن مسلم: ضعيف يسند أحاديث مناكير.
4 - ذكر ذلك ابن المنذر في (الإشراف على مذاهب أهل العلم) (2/ 407).
5 - المصدر السابق.
6 - نقل هذا عن الشافعي الترمذي في (الجامع) (1460).
7 - أحمد (4/ 293)، وعنه أبو داود (3868)، وعنه البيهقي (9/ 351)، ورجاله ثقات غير أن وهب بن منبه لم يلق جابراً رضي الله عنه.
8 - الطبري في (تهذيب الآثار)، ذكره الحافظ في (التغليق) (5/ 49، 50)، والأثرم في (سننه)، وغيرهما من طرق عن قتادة به بألفاظ، وصححه.
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: