معنى قوله تعالى "ولقد همَّت به وهمَّ بها"

منذ 2008-04-10
السؤال: ما معنى قوله تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه}، علماً أن بعض الناس يقولون أن يوسف كاد أن يميل إليها لولا أن عصمه الله؟
الإجابة: قد بين الله تبارك وتعالى أن عبده يوسف من عباده المخلصين الذين يعصمهم من الوقوع في الخطأ، وقد كان ذا همة عالية وعزيمة صادقة، فعندما دعته هذه المرأة الفاجرة امرأة العزيز إلى نفسها وغلقت الأبواب كما جاء في قوله تعالى: {وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون}، منعه من الوقوع في الخطأ ثلاث قضايا وردت في سورة يوسف:

- أولاً: قال: {معاذ الله} يعني أعوذ بالله أن أفعل مثل هذا الأمر.

- ثانياً: قال: {إنه ربي أحسن مثواي} ربي هنا بمعنى سيدي وهو زوجها، قال: هذا رجل كريم أحسن مثواي في بيته، وأكرمني بعد أن كنت عبداً فلا أخونه في زوجته.
وهذا على الصحيح من وجه التفسير، أما الوجه الثاني من تفسير: {إنه ربي} يعني إنه الله سبحانه وتعالى قد يسر لي الأمر وجعل مثواي عند هذا الرجل الكريم الذي لم يهنّي، وقد كان من الممكن أن يكون مصيري عند رجل آخر يضربني ويُعاملني كسائر العبيد الذين يُعامَلون في مثل هذا الوقت، ولهذا قال: {إنه ربي أحسن مثواي} يعني إنه الله سبحانه وتعالى أحسن مثواي، فكيف أعصيه؟!
لكن الصحيح هو المعنى الأول: {إنه ربي} يعني هو زوجك أحسن مثواي ولا أخونه في زوجته، بدليل أنه قال بعد ذلك: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين}، ولذلك لم يرض يوسف الخروج من السجن عندما جاءه الإفراج، إلا بعد أن يحققوا في القضية حتى يعلم الملك الذي أمر بسجنه ظلماً أنه لم يخنه وهو غائب: {ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فعندما جاءه الرسول ليبلغه بانتظار الملك أن يفسر له رؤياه قال: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن} أي حققوا في القضية أولاً.
وبعد أن حققوا في القضية وأتوا بهؤلاء النساء اللواتي شهدن عليه بأنه راود سيدته، بدلن شهادتهن السابقة: {قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء}، وجاءت امرأة العزيز: {قالت الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه من الصادقين}.

- ثالثاً: قال: {إنه لا يفلح الظالمون}، والهاء في: {إنه} يسميها أهل اللغة ضمير الشأن والحال، ومعنى الآية أن الذي يخون من أكرمه ويغدر به ويدنس فراشه فهذا ظالم لا يفلح.

ثم أخبر تبارك وتعالى فقال: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} يعني أن الله تبارك وتعالى من إكرامه لعبده يوسف أنجاه من هذه الورطة، وأراه الله تبارك وتعالى برهاناً ليستقيم على أمر الله تبارك وتعالى، ثم قال الله تبارك وتعالى: {إنه من عبادنا المخلصين} يعني من عبادنا الذين نخلصهم فلا ندنسهم بهذا، لأنه نبي كريم وابن نبي كريم، فهو أكرم الناس، كما قال النبي عندما سئل من أكرم الناس فقال: "يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"، فهو نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وجده الأعلى هو أبو الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف

بكالريوس كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

  • 14
  • 5
  • 74,620

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً