مواقف السلف الصالح في شكر النعمة

منذ 2008-07-18
السؤال: نرجو أن تتحدثوا عن بعض أقوال سلفنا الصالح في شكر النعمة في مقابل نعمة الأمن، وما هو موقف من جاء إلى دارك واقتحمها ليسرق؟ فهل هو صائل منتهك للحرمات؟
الإجابة: بالنسبة لمواقف السلف في هذا كثيرة جداً، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو سيد الشاكرين وإمامهم، وأنتم تعلمون أنه ما شبع قط ثلاث ليال متوالية، وأنه يمضي عليه ثلاثة أشهر تباعاً وما أوقدت في بيوته نار، وأنه ينام على حصير فيؤثر ذلك الحصير في جنبه، وخُير بين أن يكون نبياً ملكاً وأن يكون نبياً عبداً فاختار أن يكون نبياً عبداً، ومع هذا يقوم الليل حتى تتورم قدماه، فتقول له عائشة رضي الله عنها: ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً؟".

وكذلك حال أصحابه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم من بيته فإذا أبو بكر وعمر قد خرجا، فقال: "ما أخرجكما؟" فقالا: الجوع، فقال: "وأنا ما أخرجني إلا ما أخرجكما"، فذهبوا فأتوا أبا الهيثم بن التيهان -وهو رجل من الأنصار الذين بايعوا بالعقبة ومن النقباء، فهو نقيب عقبي بدري من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- فوجدوا امرأته، فسألوها عن أبي الهيثم، فقالت: هو في النخل يأتي الآن، فبسطت لهم بساطاً فجلسوا عليه، فجاء أبو الهيثم، فلما رآهم حمد الله تعالى، وقال: ما أحد أكرم منا ضيفاً اليوم، ثم دخل إلى شياه له فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجتنب ذوات الدر أي اللبن، فذبح شاة عناقاً وأتى بعذق من نخل وبماء بارد، فلما أكلوا وشربوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه"، {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم}.

وقد ثبت عن عبد الرحمن بن عوف، وخباب بن الأرت، وسعد بن أبي وقاص جميعاً أن كل واحد منهم حصلت له هذه القصة بعينها، مما يدلكم على أن هذا الحال حالهم جميعاً، كان عبد الرحمن صائماً فوضعت مائدة الإفطار بين يديه، فلما رأى فيها ألواناً بكى، فقال له الناس: يا أبا المنذر ما يبكيك؟ فقال: إنا كنا أهل كفر وجاهلية، فبعث الله إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم فآمنا واتبعنا وجاهدنا، فمنا من مات ولم يتعجل شيئاً من أجره، منهم أخي مصعب بن عمير، قتل يوم قتل -أي يوم أحد- وليس له إلا سيفه وبردة عليه!! إن نحن غطينا بها رأسه بدت رجلاه!! وإن نحن غطينا رجليه بدا رأسه!! فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه وأن نجعل على رجليه من الإذخر، فماتوا ولم يتعجلوا شيئاً من أجرهم، وبقينا وراءهم ففتحت علينا الدنيا أبوابها فنحن نهدبها فخشينا أن يقال لنا يوم القيامة: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}، هؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، لا يأمنون مكر الله ويخافون عقوبته سبحانه وتعالى، وإذا أنعم الله عليهم بنعمة كان حالهم هكذا.

أما السؤال الثاني عمن اقتحم بيت الإنسان ودخل دون إذن فعلى الإنسان أن يعلمه الأدب الشرعي، وأن يبين له ما أمر الله به في سورة النور في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}، وإذا علمه الأدب فلم يتعلمه وأصر على الإعراض عن حكم الله سبحانه وتعالى فلا بد أن يؤدبه حينئذ.

--------------------------

نقلاً عن موقع الشيخ

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.

  • 21
  • 0
  • 51,282

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً