مضاعفة الصلاة و الأعمال الصالحة الأخرى في الحرم

منذ 2015-08-25
السؤال:

مضاعفة الصلاة في الحرم بمائة ألف صلاة هل تشمل النوافل؟ وهل تشمل الأعمال الصالحة الأخرى كالصيام مثلًا والصدقة، وقراءة القرآن، ونحوها؟

الإجابة:

نعم، فقد جاءت الأحاديث بأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في مساجد البلاد الأخرى إلا المسجد النبوي ومسجد بيت المقدس فالصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، والصلاة في مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة فيما سواه غير المسجدين الحرام والنبوي وهذه المضاعفة تختص بالمسجد المحاط حول الكعبة، وقد تشمل التوسيعات إذا اتصلت الصفوف، وامتلأ المسجد بأدواره كلها وصفوا في التوسيعات وفي الطرق، فلهم ذلك، وأما بقية منازل مكة ومساجدها فلا تشملها هذه المضاعفة، فإن إطلاق المسجد يختص بالمبنى الذي يصلى فيه في ذلك الوقت، وعليه يطلق لفظ المسجد الحرام في الآيات القرآنية كقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} فإن المراد دخوله للنسك الذي بعده التحليق والتقصير، وليس المراد دخول مكة وهذا قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} يراد به المصلى حول الكعبة فهو الذي يستوي فيه الحاضر والبادي والعاكف وغيره، أي ليس لأحد أن يحتجز لنفسه مصلى يختص به.

وهذا لا يشمل بقية مكة وهكذا قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} المراد به المسجد الذي حول الكعبة، فإن أهله هم المسلمون الذين أخرجهم أهل مكة وطردوهم، وهم أولى بالمسجد حيث يعمرونه بالطواف، والاعتكاف، والركوع، والسجود، وهكذا قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فقد ثبت أنه قبل الإسراء مر على المسجد وغسل قلبه من ماء زمزم فابتدأ الإسراء من المسجد نفسه، وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} فحيث عبر بقوله فلا يقربوا احتاط أهل العلم ومنعوهم أن يقربوا البلد وألا يدخلوا حدود الحرم فإن القرب يعبر به عما كان قريبًا كمسيرة ساعة، أو نحوها حيث إنه لم يقل فلا يدخلوا المسجد الحرام وفَرقٌ بين قوله: {فَلَا يَقْرَبُوا} وقوله "فلا يدخلوا"، فعلى هذا نقول: إن المضاعفة بهذا المقدار تختص بالمسجد المحاط حول الكعبة، ويدخل في ذلك زياداته القديمة والجديدة، فإن الزيادة لها حكم المَزيد، والذين قالوا إن مكة كلها تدخل في المسجد الحرام ترتب على قولهم تساهل الناس، فكثير منهم يصلون في شققهم وفي منازلهم معتقدين أن مكة كلها من المسجد الحرام فيتركون الصلاة مع أئمة الحرم جمعة وجماعة ويصلون أفرادًا، أو جماعات في المنازل، وتفوتهم الحكمة من الصلاة جماعة.

وأما احتجاجهم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الفتح كان يصلي في الأبطح ولا يصلي في الحرم إلا قليلًا، فإن المسلمين معه عشرة آلاف، ومن المشقة أن يذهبوا كلهم للصلاة داخل المسجد الحرام حيث لا يتسع في ذلك الوقت لنصفهم ولا لربعهم، فإن حدوده كانت إلى زمزم وما يحاذيها، ولا شك أن الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضاعفة في كل مكان في الحرمين وفي البراري وغيرها، فلم يكلفهم ولم يذهب بهم إلى المسجد الحرام وهكذا فعل في حجة الوداع في صلاته قبل التروية في الأبطح بمَن معه، وفي مِنى في مسجد الخَيف فإن في ذهابهم كل وقت صعوبة ومشقة، حيث إنه يكلفهم المسير على الأقدام كل وقت ثم الرجوع إلى مخيماتهم، ثم إن هذه المضاعفة تشمل النوافل من الصلوات كالرواتب القبلية، والبعدية، والتراويح، وقيام رمضان، وصلاة الليل، وصلاة الضحى، وأما الصيام فقد ورد فيه حديثٌ أنه يضاعف في مكة، ذكره ابن رجب في لطائف المعارف لكنه ضعيف، وكذا الصدقة، والقراءة، والذكر لم يرد فيها دليل على أنها تضاعف كمضاعفة الصلاة، ولكن لشرف البقعة، وفضل المكان، ذهب كثير من العلماء إلى استحباب الصيام في مكة المكرمة وكذا كثرة الصدقات والأعمال الصالحة.

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية

  • 0
  • 0
  • 18,496

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً