رأي في جواز دفع الزكاة في الدعوة إلى اللّه
منذ 2009-02-25
السؤال: حيث إن نشر الكتاب الإسلام والشريط مهم في الدعوة إلى الله في هذا
الزمان: في تصحيح العقيدة وتوضيح العبادات الشرعية والحث على الآداب
الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهل يجوز صرف الزكاة في
نشر وطباعة الكتاب والشريط الإسلامي؟ فقد سبق أن ناقش مجلس المجمع
الفقهي هذه المسألة وقد صدر عنه القرار التالي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدورته الثامنة والمنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27/ 4/ 1405ه، 8/ 5/ 1405هـ - وبعد دراسة ما يدل عليه معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} في الآية الكريمة، ومناقشة وتداول الرأي فيه - ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:
- أحدهما: قصر معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء، وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} من الزكاة على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى.
- القول الثاني: أن سبيل الله شامل عام لكل أطراف الخير، والمرافق العامة للمسلمين؛ من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس والربط وفتح الطرق، مما ينفع الدين وينفع المسلمين، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين. وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1 - نظراً إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظاً من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذىً} [البَقرَة، من الآية: 262]، ومن الأحاديث الشريفة: مثل ما جاء في أبي داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " " (1).
2 - ونظراً إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، ونشر دينه بإعداد الدعاة، ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم؛ فيكون كلا الأمرين جهاداً.
لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم: عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " " (2).
3 - ونظراً إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي، فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.
4 - ونظراً إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله فإن المجلس قرر -بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها، ويدعم أعمالها في معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبة: 60] في الآية الكريمة.
هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
أما الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فقال: "ها هنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة، هو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله، ولكشف الشبه عن الدين؛ وهذا يدخل في الجهاد، وهذا من أعظم سبيل الله".
نرجو من فضيلتكم التفصيل في هذه المسألة المهمة.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدورته الثامنة والمنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27/ 4/ 1405ه، 8/ 5/ 1405هـ - وبعد دراسة ما يدل عليه معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} في الآية الكريمة، ومناقشة وتداول الرأي فيه - ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:
- أحدهما: قصر معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء، وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} من الزكاة على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى.
- القول الثاني: أن سبيل الله شامل عام لكل أطراف الخير، والمرافق العامة للمسلمين؛ من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس والربط وفتح الطرق، مما ينفع الدين وينفع المسلمين، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين. وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1 - نظراً إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظاً من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذىً} [البَقرَة، من الآية: 262]، ومن الأحاديث الشريفة: مثل ما جاء في أبي داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " " (1).
2 - ونظراً إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، ونشر دينه بإعداد الدعاة، ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم؛ فيكون كلا الأمرين جهاداً.
لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم: عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " " (2).
3 - ونظراً إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي، فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.
4 - ونظراً إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله فإن المجلس قرر -بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها، ويدعم أعمالها في معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبة: 60] في الآية الكريمة.
هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
أما الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فقال: "ها هنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة، هو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله، ولكشف الشبه عن الدين؛ وهذا يدخل في الجهاد، وهذا من أعظم سبيل الله".
نرجو من فضيلتكم التفصيل في هذه المسألة المهمة.
الإجابة: فإني أقول إن ما ذكره هؤلاء العلماء المشهورون قول صحيح ورأي سديد،
وفيه توسعة على المسلمين، وتأييد للدعاة والمرشدين، وسبب قوي لنشر
الدين وقمع المشركين.
ولا شك أنه سبيل الله تعالى هو الطريق الموصل إليه، وجمعه سُبُل، كما قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المائدة، من الآية: 16]؛ أي: يهدي إلى السبيل التي تؤدي من سلكها إلى السلام، فكل عمل صالح يقرب إليه تعالى ويوصل إلى رضاه وجنته فهو من سبيل الله؛ لأن الله تعالى يحب أن يتقرب به إليه، ويترتب عليه ثوابه وكرامته، فالله تعالى ذكر في آية الصدقات أشخاصاً يستحقونها لحاجاتهم الخاصة بهم، كالفقير والغارم والمؤلَّف وابن السبيل ونحوهم، ممن يأخذها لمصلحته وحاجته الحاضرة، ثم أجمل الجهات الأخرى بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبة، من الآية: 60]، وقد جعل الله الهجرة من سبيله بقوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَْرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} [النّساء، من الآية: 100].
ولا شك أن مصلحة الدعوة إلى دين الله، وبيان محاسن الدين، والرد على المفسدين والملحدين، وتفنيد شبهات الكفار والمنافقين ونحو ذلك، هو من نصر الله ونشر دينه الذي ارتضاه وأحبه وفرضه على البشر، فإذا تعطل هذا الباب ولم يوجد من ينفق عليه، ويدفع به إلى الأمام، ويتبرع للدعاة والمصلحين بما يكفل استمرارهم في عملهم وجب أن يصرف فيه من الزكوات المفروضة، لاقتضاء المصلحة، فالنفقة فيه قد تكون أهم من دفعها لبعض المذكورين، كالمُكاتَب والمؤلَّف وابن السبيل؛ فإن هؤلاء قد يتحملون الصبر، ولا يكون فيهم من الضرورة كضرورة الرد على المفسدين وقمع المنافقين، ونشر العلم وطبع المصاحف وكتب الدين، وتسجيل أشرطة إسلامية؛ تتضمن بيان حقيقة الإسلام وأهدافه، ومناقشة الشبهات التي تروج على ضعفاء البصائر، فمتى توقف الإنفاق على هذه المصالح من التبرعات - جاز الصرف على جميعها وما أشبهها من الزكاة، التي شرعت لمصالح الإسلام وما يسد خلتهم. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الآلوكة.
(1) أبو داود (1990)، وابن خزيمة في (صحيحه) (3077)، والطبراني في (الكبير) (12911)، والحاكم 1/484 (1779) وصححه، والبيهقي في (الكبرى) (11699)، والحديث صححه الألباني في (الإرواء) رقم (1587).
(2) أحمد (3/124، 153، 251)، وأبو داود (2504)، والنسائي (3096)، والدارمي (2431)، وابن حبان (4708)، والحاكم 2/81 (2427) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة رقم (3821): "إسناده صحيح".
ولا شك أنه سبيل الله تعالى هو الطريق الموصل إليه، وجمعه سُبُل، كما قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المائدة، من الآية: 16]؛ أي: يهدي إلى السبيل التي تؤدي من سلكها إلى السلام، فكل عمل صالح يقرب إليه تعالى ويوصل إلى رضاه وجنته فهو من سبيل الله؛ لأن الله تعالى يحب أن يتقرب به إليه، ويترتب عليه ثوابه وكرامته، فالله تعالى ذكر في آية الصدقات أشخاصاً يستحقونها لحاجاتهم الخاصة بهم، كالفقير والغارم والمؤلَّف وابن السبيل ونحوهم، ممن يأخذها لمصلحته وحاجته الحاضرة، ثم أجمل الجهات الأخرى بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبة، من الآية: 60]، وقد جعل الله الهجرة من سبيله بقوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَْرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} [النّساء، من الآية: 100].
ولا شك أن مصلحة الدعوة إلى دين الله، وبيان محاسن الدين، والرد على المفسدين والملحدين، وتفنيد شبهات الكفار والمنافقين ونحو ذلك، هو من نصر الله ونشر دينه الذي ارتضاه وأحبه وفرضه على البشر، فإذا تعطل هذا الباب ولم يوجد من ينفق عليه، ويدفع به إلى الأمام، ويتبرع للدعاة والمصلحين بما يكفل استمرارهم في عملهم وجب أن يصرف فيه من الزكوات المفروضة، لاقتضاء المصلحة، فالنفقة فيه قد تكون أهم من دفعها لبعض المذكورين، كالمُكاتَب والمؤلَّف وابن السبيل؛ فإن هؤلاء قد يتحملون الصبر، ولا يكون فيهم من الضرورة كضرورة الرد على المفسدين وقمع المنافقين، ونشر العلم وطبع المصاحف وكتب الدين، وتسجيل أشرطة إسلامية؛ تتضمن بيان حقيقة الإسلام وأهدافه، ومناقشة الشبهات التي تروج على ضعفاء البصائر، فمتى توقف الإنفاق على هذه المصالح من التبرعات - جاز الصرف على جميعها وما أشبهها من الزكاة، التي شرعت لمصالح الإسلام وما يسد خلتهم. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الآلوكة.
(1) أبو داود (1990)، وابن خزيمة في (صحيحه) (3077)، والطبراني في (الكبير) (12911)، والحاكم 1/484 (1779) وصححه، والبيهقي في (الكبرى) (11699)، والحديث صححه الألباني في (الإرواء) رقم (1587).
(2) أحمد (3/124، 153، 251)، وأبو داود (2504)، والنسائي (3096)، والدارمي (2431)، وابن حبان (4708)، والحاكم 2/81 (2427) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة رقم (3821): "إسناده صحيح".
- التصنيف: