الحجاب في وجود أفراد عائلة الزوج
تسخر مني عائلة زوجي دائماً بسبب لبس غطاء الرأس (الحجاب)، حتى عندما أكون معهم في المنزل أثناء التجمعات العائلية أو احتفالات الأعياد، وهم يقولون إنني غير مضطرة إلى التغطية في وجود أفراد العائلة. وأنا أعرف قواعد عورة المرأة أمام غير المحارم في الإسلام وأود أن أحافظ عليها؛ فكيف أواجه تعليقاتهم دون جرح شعورهم؟ وهل أبناء أخ أو أخت الزوج من المحارم للزوجة؟ لأسباب عائلية ولإصرار الزوج -وحتى لا نجرح شعورهم- فإنني أسلم عليهم باليد؛ حيث إن هذه عادة في العائلة، وأشعر بعدم الارتياح في هذا الأمر.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن أقارب الزوج أجانب بالنسبة للمرأة كغيرهم من سائر الأجانب، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن دخولهم على المرأة؛ ففي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت"، والحمو قريب الزوج من أخ وغيره.
والعلة التي لأجلها شدد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الحمو هي يسر دخوله وخروجه؛ قال النووي: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحمو الموت" فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنْكَر عليه، بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه... وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه، ويخلو بامرأة أخيه، فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه".
وعليه فلا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال الذين ليسوا محارم لها لما قد يترتب على ذلك من الفتن، ولما ينطوي عليه من المخاطر، فالواجب عليكِ أن تكون علاقتكِ مع أقارب الزوج مضبوطة بالضوابط الشرعية: من اتخاذ الحجاب الشرعي، والحشمة، وعدم الخلوة، وعدم الخضوع بالقول، وغض البصر، وغير ذلك مما تحتاجه الجلسات التي تضم الجنسين؛ قال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30]، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31]، وقال تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور:31].
وعليك أن تقدمي لهم النصيحة بالمعروف فيما يقعوا فيه من مخالفات شرعية، والله تعالى لا يستحيي من الحق، فتبيني لهم أن حجاب المرأة فريضة، وأن كونهم أقارب للزوج لا يعني أنهم محارم لها، ولا يجوز للمرأة الكشف لهم، وأن الواجب على الجميع طاعة أوامر الله ورسوله؛ فليس للمسلم أن يقرر غير ما قرره الله عز وجل ولو خالف المألوف والتقاليد والعادات الموروثة؛ قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} [الأحزاب:36]، ويمكنك أن تستعيني على ذلك ببعض الأشرطة والكتيبات وفتاوى أهل العلم المؤتمنين.
أما أبناء أخي الزوج أو أبناء أخته فليسوا بمحارم للمرأة؛ فالواجب نحوهم هو الواجب تجاه أي رجل أجنبي.
وأما مصافحتك لأقارب زوجك من الرجال فلا تجوز؛ ففي الصحيحين عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصافح النساء"، وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس رجل بِمِخْيَطٍ من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له" (رواه الطبراني والبيهقي والروياني)، و(الْمِخْيَط) بكسر الميم و فتح الياء: هو ما يخاط به؛ كالإبرة والمسلة ونحوهما، وهو وعيد شديد، ويدل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس، وقد اتفق الفقهاء على حرمة لمس الأجنبية.
وعليك أن تنصحي زوجك بترك تلك العادة المحرمة، وأن يقدِّم رضا الله تعالى على رضا الناس، ولتكن النصيحة بالرفق واللين، والابتعاد عن رفع صوت للحفاظ على المودة والرحمة.
واعلمي أنه لا يجوز لك طاعة الزوج في معصية الله تعالى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل" (رواه أحمد من حديث علي بن أبي طالب). والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: