العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان

منذ 2012-02-10
السؤال:

إن كل ما يحصل لنا في هذه الدنيا ليس مصدره واحد عند الناس، فعند حصول الأشياء الجميلة والمفرحة نقول الحمد لله فالسبب هنا مشيئة الله، وعند حصول الأشياء المحزنة والسيئة نقول سببها الشيطان -لعنة الله عليه- وليس قضاء وقدر الله. والسؤال هنا حول العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان خاصة على المؤمن فكيف يكون؟ وهل حقاً توجد علاقة بينهما؟ وما علاقة النفس الأمارة بالسوء بهما؟

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من أصول الإيمان، الإيمان بالقدر وخيره وشره، وكل ما يجري في الوجود من خير وشر من نعم ومصائب، ومن إيمان وكفر وطاعة ومعصية وغير ذلك من أفعال العباد كل ذلك بقدر الله ومشيئة، فإنه لا يكون في ملك الله ما لا يريد، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما في هذا الوجود مما وقع ومما سيقع كله قد سبق به علم الله وكتابه، وكل ذلك بمشيئته وقدرته سبحانه وتعالى، فالواجب على العبد أن يؤمن بهذا الأصل، لكن إن أصابه خير فعليه أن يحمد الله ولا يضيف نعم الله إلى نفسه، أو إلى الأسباب التي كان لها أثر في حصول هذه النعمة بل عليه أن يعلق قلبه بالله ليشكره ويذكره، {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل:53]، وإن أصابته مصيبة فعليه أن يؤمن كذلك أنها من قدر الله، ولكن عليه أن يذكر الأسباب التي جرت عليه هذه المصيبة، فإن المصائب من الأمراض أو ذهاب الأموال أو ذهاب الأحبة تكون ابتلاء وامتحاناً، وتكون جزاء على السيئات كما قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى:30]، وقال تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [آل عمران:165]، فإذا أصابت المسلمين هزيمة أو نزلت بهم مصيبة فعليهم أن يحاسبوا أنفسهم ويتفقدوا عيوبهم، وأن يتوبوا من ذنوبهم وأن يتوجهوا إلى ربهم، وهذا شأن المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، والله تعالى له الحمد على كل حال؛ على السراء والضراء والشدة والرخاء؛ لأن كل ما تجري به الأقدار هو بمشيئته وحكمته سبحانه وتعالى فله الحمد على كل ما يقدره ويقضيه؛ لأنه تعالى حيكم عليم يضع الأشياء في مواضعها، وليس بلازم أن ندرك حكمة الله في كل جزئية وصغيرة وكبيرة لكن نؤمن بأن الله حكيم فما خفيت علينا حكمته وهو الأكثر فإننا نحيله إلى ما نؤمن به من كمال حكمته سبحانه وتعالى ولا شك أن الشيطان هو الداعي إلى كل شر من أفعال العباد فهو الداعي إلى الكفر وهو الداعي إلى المعاصي، والذنوب والمعاصي سبب لما يصيب العبد من المصائب فإذا أصاب الإنسان مصيبة فعليه أن يصبر، وأن يستغفر وأن يحاسب نفسه، ويتفكر من أين دخل عليه الشر والبلاء حتى يتقيه ويحذر من مداخل الشر، ومن أعظم ما ينفع من ذلك التجاء العبد إلى ربه بأن يعصمه من شر الشيطان وأن يعيذه من الكفر والفسوق والعصيان، فيدعو ربه بأن يوفقه لأسباب السعادة وأن يجنبه أسباب الشقاوة.

اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، والله أعلم.

تاريخ الفتوى: 16-2-1426 هـ. 

عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 4
  • 2
  • 17,863

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً