فتوى المعاملات المالية
رجل بالسعودية استدان منه صديقه بالسودان 60 مليون جنيه سوداني، اتفقا على أن يرد المبلغ بالريال السعودي، واتفقا على السعر مسبقاً، ما حكم هذه المعاملة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمن أجل أن نحكم على هذه المعاملة فإنه لا بد من تكييفها هل هي مداينةٌ أم صرف؟ فإن كانت مداينة -كما هو الظاهر من السؤال- فلا بد في الدين من رد عينه أو قيمته؛ بمعنى أن هذا المستدين يلزمه أن يرد للدائن ستين مليوناً من الجنيهات في الأجل الذي التزمه؛ لعموم قوله تعالى: {أوفوا بالعقود}، مع قوله سبحانه: {فليؤد الذي ائتمن أمانته وليتق الله ربه}، ويمكنه أن يرده عملة أخرى شريطة أن يكون بسعر يوم السداد؛ استدلالاً بقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه وأعطى هذه من هذه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة؛ فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؛ آخذ هذه من هذه وأعطى هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيءٌ" (رواه أبو داود)، وأما الاتفاق على السعر مسبقاً فلا يجوز؛ لأنه موقع في الربا كما سبق؛ ولأنه مفض إلى التنازع والشحناء؛ نظراً لاختلاف السعر بين العملتين من يوم لآخر، وقد قال الله تعالى في شأن تشريع الدين: {ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا}، فكل ما يؤدي إلى النزاع والريبة وإثارة العداوة والبغضاء فإن الشريعة تمنعه.
وإن كانت صرفاً -أي مبادلة للجنيهات بريالات- فإنها لا تصح؛ لأن النساء يفسدها؛ فلابد من التقابض، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الذهب بالذهب والفضة بالفضة ربا إلا مثلاً بمثل هاء وهاء؛ فإذا اختلفت الأصناف جاز التفاضل بشرط التقابض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تبيعوا غائباً منها بناجز"، فعلى هذين أن يراجعا نيتهما ويصححا معاملتهما؛ حتى تقع على الوجه الذي يحبه الله، والله الموفق والمستعان.
- التصنيف:
- المصدر: