الأخوة في الله

منذ 2012-09-03
السؤال:

أنا شابٌّ في العِشرينات من العمر، تعرَّفْتُ على عائلة متديِّنة وعلِمْتُ أنَّهم من خِيرة الناس، وتَتِمُّ المُراسلةُ بَيْنِي وبينَهُم عن طريق رسائلَ قصيرةٍ على الجوَّال؛ نظرًا لبُعد المسافة بَينِي وبينهم، وكنتُ أُفَضِّلُ أن يتولَّى الزَّوجُ أمْرَ مُراسلتي، ولكنْ نظرًا لأنَّ الزَّوج لا يَعرفُ كيفيَّة كتابة أو قراءة رسائلَ من الجوَّال فيطلُبُ من زَوْجَتِه أن تقرأ له الرسائل الواردة منِّي، وأيضًا تقوم بِكتابة الرَّدِّ عليها وإرسالها لي، عِلمًا بأنَّ هذه الرَّسائل للاطمِئْنان عنِ الأحوال، وللتذكرة بِاللَّه ببرامج دينية، فهل هناك أيُّ محظور شرعيٍّ في أن تقوم الزوجة بقراءة وكتابة الرسائل، وذلك بعلم ومعرفة وموافقة زوجِها وهو على علم تامٍّ بكلِّ رسالة، وما جاء فيها، ولكن يطلب منها الكتابة نيابةً عنه؛ نظرًا لعدَمِ معرفته بِهَذِه الأمور؟

وهل تُعتَبَرُ هذه المرأة أُختًا لي في الله؟ ونَحصل على أجر الأخوَّة في الله من خلال التذكير بالله ببرامج دينية، وكل ما فيه أجر و ثواب؟ عِلمًا بأنَّه ليس لي أيُّ اتِّصالٍ بِها سِوى تلك الرسائل التي تَكونُ مُوَجَّهةً للعائلة بمعرفة وعلم زوجِها، فهي تقوم بدَور الكتابة فقط بدلاً من زوجِها.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنْ كان الأمرُ كما تقول - أنَّ الرَّسائِلَ تُرسَلُ عَبْرَ جوَّال هذا الزَّوج، وأنَّ تلك الزَّوجة مُجرَّد قارئةٍ للرسائل الَّتي تُرسِلُها لزوجها، أو كاتبةٍ لِما يُرسله إليكَ فقطْ، فلا حَرَجَ في ذلك إن شاء الله تعالى، إلاَّ أن تَأْنَسَ من نفسِك رِيبةً في الأمر فابتَعِدْ ولا تَعْدِلْ بالسلامة شيئًا.

أما كون تلك المرأة أختا لك في الله، فقد جعل الله المسلم أخًا للمسلم وهو يشمل الرجال والنساء؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10]، وقال صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ" (متفق عليه وهما صيغتا عموم)، ولقدْ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المُهاجرين والأنصار، ونساءُ المهاجرين داخلاتٌ بالتَّبع في المؤاخاة، ولَم يردْ دليلٌ يُخصِّص استقلالَها بالأمر، فالرَّجل المسلم أخو المرأة المسلمة، بشرط لا يترتَّبُ على هذا الإخاء الوقوع في مؤاخذاتٍ شَرْعِيَّة منِ اختلاطٍ أو خُضوعٍ بالقَوْلِ أو ما شابه.

أما أجر التذكير بالله ببرامج دينية وغيرها، فإن الله تعالى يثيب على ما هو أقل من هذا؛ قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7،8] وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الحُمُر، فقال: "ما أنزل الله فيها شيئًا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}".

وروى البخاري في صحيحه، عن عَدي مرفوعا: "اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة، ولو بكلمة طيبة" وفي صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري مرفوعًا: "لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط"، وفي الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا نساء المؤمنات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فِرْسَنَ شاة" يعني: ظلفها،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 3,963

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً