حكم العمل في صناعة القلوب
أعمل صانعًا للديكور، وأقوم بصناعة ديكورات طول السَّنة وليس لمناسبات معينة، وهذه الديكورات والهدايا التي أَقوم بصناعتِها أَغلبها على شكل قَلْب، وقد يُكْتَب على القلب أسماءُ أشخاص، صمَّمتها مسبقًا أو على حسب الطلب من الزَّبائن، فهل ما أقوم بصناعتِه جائز؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحالُ كما تقول: أنَّك تَصنع تلك القُلوب طوال العام، ولا يختصُّ ذلك بِمناسبات وأعياد بِدْعيَّة، فهذا له حالتان:
الأولى: أن تعلم أو يغلِبَ على ظنِّك أنَّ من يشتريها يَستخدِمُها في الأمور المباحة، فلا حرج عليْكَ إن شاء الله في تصنيعِها والاتِّجار بها.
الثانية: أن تعلم أو يغلِبَ على ظنِّك أنَّ المشتريَ سيستخدِمُها فيما حرَّم الله، كما يفعله العشَّاق، أو تستخدم في أعياد ومناسبات الكفَّار مثل ما يسمى بعيد الحب - فلا يجوز -والحال كذلك- بيعُها إليْهِم؛ لأنَّه من باب التَّعاون على الإثْم والعدوان.
فقد دلَّت نصوص الشَّرع على أنه لا يجوز للمسلم أن يُشارك أو يعين على عملٍ محرَّم أو مبتدع، سواء كانتِ المشاركة مباشرةً بحضور الاحتفال، أم برسْم الشعارات، وإعداد اللافتات، ولا يجوز للمسلم الاحتِفال بشيء من أعياد الكفَّار؛ لأنَّ العيد من جملة الشَّرع الذي يجب التقيُّد فيه بالنَّصِّ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" : "الأعياد من جملة الشَّرع والمنهاج والمناسك، التي قال الله سبحانه عنها: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [المائدة: 48]، وقال: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67]؛ كالقِبلة والصَّلاة والصِّيام، فلا فرْقَ بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائِر المناهج؛ فإنَّ الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفْر، والموافقة في بعض فروعِه موافقة في بعض شُعَب الكفر؛ بل الأعْياد هي من أخصِّ ما تتميَّز به الشَّرائع، ومن أظْهر ما لها من الشعائِر، فالموافقة فيها موافقةٌ في أخصِّ شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أنَّ الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكُفْر في الجملة".
وقال رحمه الله في "مجموع الفتاوى": "لا يحلُّ لِلمسلمين أن يتشبَّهوا بهم في شيءٍ ممَّا يختصُّ بأعيادهم ... ولا يحلُّ فعل وليمةٍ ولا الإهداء، ولا البيع بِما يُستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تَمكين الصِّبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد، ولا إظهار الزينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصُّوا أعيادَهم بشيءٍ من شعائرهم؛ بل يكون يومُ عيدهم عند المسلمين كسائِر الأيَّام، لا يخصُّه المسلمون بشيء من خصائِصِهم". اهـ. والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: