هروب البنت مع خاطبها إذا لم يوافقْ أهلُها على الزواج

منذ 2013-02-03
السؤال:

شَخْص خَطَبَ بِنْتًا مِنْ أَهْلِها، وَأَهْلُ البنْتِ رَفَضوا الشّابَّ لأسْبابٍ هُمْ أَدْرى بِها، فالبِنْتُ هَرَبَتْ مع هَذا الشّابِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُما تَزَوَّجا فَما حُكْمُ البنت والشّاب فِي هَذه الحالةِ؟ وَهَلْ يُعْتَبَرُ زَواجُهُم مَشْروعًا وَصَحِيحًا؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فَما أَقْدَمَتْ عَليه تِلكَ الفَتاةُ مِنَ الهُروبِ مِن بَيْتِ أَبِيها مِمّا اتُّفِقَ عَلى حُرْمَتِهِ شَرْعًا وَعُرْفًا، فَقَد اتَّفَقَ العُلماءُ عَلى مَنْعِ خُروجِ المرأَةِ مِن بَيْتِ وَلِيِّها عِنْدَ وُجودِ الرّيبَةِ، أَوْ كَوْن الفَتاة غَيْرَ مَأْموَنةٍ عَلى نَفْسِها، وهَذا أَمْرٌ بَدَهِيٌّ وَمِنَ المَعْلومِ مِنَ الإسْلامِ بِالضَّرورةِ إِلا عِنْد مَنْ فَسَدتْ فِطَرُهُم وَطُمِسَتْ بَصائِرُهُم، فالواجِبُ عَلى تِلكَ الفَتاةِ التَّوْبَةُ، ومِنْ لوازِمِها العَوْدَةُ لِبيْتِ أَهْلِها مَعَ طَلَبِ العَفْوِ مِنْهُمْ.

وَأَمّا ما وَقَعَ مِن نِكاحٍ فَهو باطِلٌ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيَّما امْرأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِا فَنِكاحُها باطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بها فَلَها المَهْرُ بِما اسْتَحَلّ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنِ اشْتَجَروا فالسُّلْطانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ" (أَخْرَجَهُ أَبو داوُد والتِّرمِذِيُّ وابْنُ ماجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّان وابْنُ مَعِين والحاكِمُ وغيْرُهُم).

ورَوَى ابنُ ماجهْ عَن أَبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تُزَوِّجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّجُ المرأةُ نفسَها؛ فَإِنَّ الزّانِيةَ هِي الَّتِي ‏تُزوّجُ نفسَها".

وَذَهَبَ أَبو حَنِيفَةَ إِلى أَنَّهُ يَجوزُ لِلْمرأَةِ البالِغةِ الزَّواجُ بِغَيرِ إِذْنِ الوَليِّ، وهو قَوْلٌ ضَعِيْفٌ رِوايَةً وَدِرايَةً، ولا دَليلَ عَلى ما ذَهَبوا إِليهِ بَلْ هو خِلافُ الدَّليلِ الصريح والعقل الصحيح.

والرَّاجِحُ هوَ ما ذَهَبَ إِليهِ جُمهورُ العُلَماءِ أَنَّه لا يَصِحُّ نِكاحُ المرأةِ إِلاَّ بِإذْنِ وليِّها؛ لِما تقدَّمَ مِن الأدلَّةِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ، فَلا يسوغُ شَرعًا العدولُ عنْها.

وعليه؛ فهذا النّكاحُ المسؤولُ عنه نِكاحٌ باطِلٌ يَجِبُ فَسْخُه، ثم إِنْ وافقَ الوليُّ على زواجِهِما بعدَ ذلكَ فلْيكنْ بعقْدٍ جَديدٍ في حُضورِ الوليِّ وشاهِدَين عَدْلَين منَ المسلمينَ.

وللمَزيدِ راجِعْ: "حكم زواج المرأة دون علم أهلها"،، والله أعلم. 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 17
  • 2
  • 113,083

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً