ضابط المحرَّمات من النسب والمصاهرة
هل أخت زوْجة الأبِ من المحارم أو لا؟ وإن كانت منهنَّ، فهل هي حرمة دائمة أو مؤقتة؟ والدليل على ذلك.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ أختَ زوجة الأب ليست من المحارم، لا حرمة دائمة ولا حرمة مؤقَّتة؛ لأنَّها لم تُذْكر ضمن المحرَّمات في الآية التي بيَّنت ذلك، وهي آية سورة النساء في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 23].
فلَم تحرم بنَسَب ولا مُصاهرة ولا رضاع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "أمَّا المحرَّمات بالنسب، فالضَّابط فيه: أنَّ جميع أقارب الرَّجُل من النَّسب حرام عليْه، إلا بنات أعمامِه، وأخوالِه، وعمَّاته، وخالاتِه، وهذه الأصناف الأربعة هنَّ اللاتي أحلَّهنَّ الله لرسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أَجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ} الآية [الأحزاب: 50].
فأحلَّ سبحانه لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم من النِّساء أجناسًا أربعة، ولَم يجعل خالصًا له من دون المؤمنين إلا الموهوبة.
وقال: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}، فدخل في "الأمَّهات": أمُّ أبيه وأم أمِّه وإن علَتْ، بلا نزاع أعْلمه بين العلماء، وكذلك دخل في "البنات": بنتُ ابنه وبنتُ ابن ابنتِه وإن سفلَتْ، بلا نزاع أعلمه، وكذلك دخل في "الأخوات": الأختُ من الأبوَيْن والأبِ والأمِّ، ودخل في "العمَّات" و"الخالات": عمَّات الأبويْن وخالات الأبوين، وفي "بنات الأخ والأخت": ولد الإخْوة وإن سفلْن، فإذًا حرِّم عليْه أصوله وفروعه، وفروع أصوله البعيدة، دون بنات العمِّ والعمَّات، وبنات الخال والخالات".
وأمَّا المحرَّمات بالصِّهر، فيقول: "كلُّ نساء الصهْر حلالٌ له إلا أربعةَ أصناف بِخلاف الأقارب، فأقارب الإنسان كلُّهن حرام إلا أربعة أصناف، وأقارب الزَّوجين كلهُن حلال إلا أربعة أصناف، وهنَّ حلائل الآباء والأبْناء، وأمَّهات النساء وبناتُهن، فيحرم على كلٍّ من الزَّوجين أصولُ الآخر وفروعه، ويحرم على الرجُل أمُّ امرأته وأمُّ أمها وأبيها وإن علت، وتحرم عليه بنت امرأتِه -وهي الرَّبيبة- وبنتُ بنتِها وإن سفلت، وبنت الرَّبيب أيضًا حرام كما نصَّ عليْه الأئمَّة المشهورون: الشَّافعي وأحمدُ وغيرُهُما، ولا أعلم فيه نزاعًا، ويحرم عليه أن يتزوَّج بامرأة أبيه وإن علا، وامرأة ابنه وإن سفل، فهؤلاء الأربعة هن المحرَّمات بالمصاهرة في كتاب الله"،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: