شرح حديث: "ولا هامة ولا صفر"
سمعت حديثاً عن التشاؤم، يقول فيما معناه: «
» أرجو منكم ذكر الحديث كاملاً مع شرح الكلمات التي لا أفهمها فيه.ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5316، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 4116)، « » (أخرجه مسلم من رواية أبي هريرة ومن رواية جابر في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة، برقم 4118، 4119)، « » (أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الفأل، برقم 5315، ومسلم في كتاب السلام باب الطيرة والفأل، برقم 4123)، والمعنى: إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية، من أن الأشياء تعدي بطبعها، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن هذا الشيء باطل، وأن المتصرف في الكون هو الله وحده، فقال بعض الحاضرين له صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر، وهو داء يأخذ البطن، برقم 5278، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولانوء، برقم 4116)، والمعنى أن الذي أنزل الجرب في الأول هو الذي أنزله في الأخرى، ثم بين لهم صلى الله عليه وسلم أن المخالطة قد تكون سبباً لنقل المرض من المريض إلى الصحيح، بإذن الله عز وجل؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5328، ومسلم في كتاب السلام باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء برقم 4117)، والمعنى: النهي عن إيراد الإبل المريضة ونحوها بالجرب ونحوه مع الإبل الصحيحة؛ لأن هذه المخالطة قد تسبب انتقال المرض من المريضة إلى الصحيحة بإذن الله، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه الإمام أحمد في باب مسند المكثرين برقم 9345)؛ وذلك لأن المخالطة له قد تسبب انتقال المرض منه إلى غيره، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل مع مجذوم وقال: « » (أخرجه الترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل مع المجذوم برقم 1739، وأبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة برقم 3424، وابن ماجه في كتاب الطب، باب الجذام، برقم 3532)؛ ليبين صلى الله عليه وسلم أن انتقال الجذام من المريض إلى الصحيح إنما يكون بإذن الله، وليس هو شيئاً لازماً.
والخلاصة: أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه، إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك، ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: «الصحابة برقم 3978، وأبو داود في كتاب الطب باب في الطيرة، برقم 3411)، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة، برقم 3418)، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة برقم 6748).
» فالمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في الحديث الآخر: « » (أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين منوأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت رب هذا البيت، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «العلم: إنها دابة تكون في البطن، تسمى: صفر، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيها أنها تعدي، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
» فهو الشهر المعروف، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأوضح صلى الله عليه وسلم أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم، وقال بعض أهلوأما النوء: فهو واحد الأنواء، وهي النجوم، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم أنه خلق النجوم زينة للسماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]، وقال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 97] الآية، وقال سبحانه: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16].
وأما الغول: فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (أخرجه الإمام أحمد في باب مسند المكثرين برقم 14559)، والمعنى: أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر.
أما الفأل: فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا عدوى، برقم 5331، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 4124) أ.هـ، ومن أمثلة ذلك أن يسمع المريض من يقول: يا سليم يا معافى فيسره ذلك، وهكذا إذا سمع من ينشد ضالة من يقول: يا واجد، أو يا ناجح أو يا موفق فيسره ذلك ويتفاءل به، والله ولي التوفيق.
سؤال أجاب عنه سماحته بتاريخ 24/11/1418هـ.
- التصنيف:
- المصدر: