هل الأولى أن يحج تطوعا أم يعطي المال لغيره ليحج الفريضة
بعد أداء فريضة الحج، إن تيسرت الإعادة فهل من الأفضل القيام بالحج مرة أخرى أو إهداؤه إلى شخص آخر له القدرة الصحية للقيام بالحج وليست له القدرة المالية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن كان مقصودك السؤال عن التبرع بنفقة حج التطوع لغير المستطيع حتى يحج عن نفسه كما هو الظاهر، فاعلم أن غير المستطيع لا يلزمه الحج، لقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97].
فإعطاؤه المال ليحج به هو من جنس الصدقة عليه، وقد نص العلماء على أن الحج خيرٌ من التصدق بنفقته مالم تكن ضرورة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَالْحَجُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ وَاجِبَةً. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ مَحَاوِيجُ فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مُضْطَرُّونَ إلَى نَفَقَتِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ كِلاهُمَا تَطَوُّعًا فَالْحَجُّ أَفْضَلُ لأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَالِيَّةٌ. انتهى.
لكن قد ذهب بعض أهل العلم إلى تفضيل الصدقة على الحج وهو رواية عند أحمد، وقد أفتى العلامة العثيمين أن تمكين الغير من حج الفريضة أولى من أن يحج الإنسان حجة التطوع، فقد سئل رحمه الله: من دفع نفقة شخص لم يؤد الحج وهي فريضة .. فهل له مثل أجره؟ وهل هو أفضل من أن ينيب من يحج عنه؟ فأجاب: نعم - إن شاء الله - له مثل أجر حجِّه، يعنى أجر حج فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « »؛ والحج نوع من الجهاد، وإعطاء هذا الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي الدراهم لشخص يحج عنه حجة نافلة؛ لأنه سيؤتي أجر فريضة إلى أخيه لأداء ركن من أركان الإسلام عنه." انتهى.
وأما إن كان مقصودك أنك تحجُ بنفسك، وتجعل ثواب الحج لغير المستطيع بماله، فهذا لا يُشرع لأن النيابة في الحج لا تكون إلا عن ميت، أو معضوبٍ عاجز عن الحج ببدنه.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: