مانصيحتكم لمن لديها وسواس من النظافة؟

منذ 2015-03-07
السؤال:

عندي وسواس من النظافة منذ سنين، ويزيد معي وإذا رأيت نجاسة في موضع، أو ثوب، أو سرير، فأنا أظل أعافه مهما طهر، ولو غسل في مغسلة أجدني أعافه أيضًا، وأعاف كل ما لامس النجاسة، فهل هذا طبيعي، أرجو أن تساعدوني. 

 

الإجابة:

أنا أقول للسائلة، وهذه دائما أشياء يكثر عنها السؤال عنها، في الغالب أن هذه الأسئلة جوابها فيها، كثيرٌ من السائلين يقول “أحس بالوسوسة من الشيطان”، إذا كنت تقول بلسانك وسوسة، ومن الشيطان، وأتعب منها، وهذا يزيد عليَّ مرةً، وينقص مرة، أقول إن جواب سؤالك فيما كتبته، لأنك تقول إنها وسوسة، وعندي وساوس، والشيطان يقول، بل بعضهم يقول “يقول لي الشيطان”، ومع ذلك يسأل ، فإذا كنت تقول هذا فعليك أن تقطع الأمر من أول الطريق، وإياك أن تفتح باب السؤال.

كثيرٌ منهم يسأل اليوم، ويسأل الغد، ويكثر السؤال، الشيطان خبيث لا يتركه، ويدفعه على سبيل الدين والخير، هذا في الحقيقة يفتح باب شر وعناء وتعب، فيصرف المسلم والمسلمة عن مصالحة، فهو زيادة على أنه يعنته في عباداته، في صلاته، كذلك يوقع عليه العنت في حياته، في طعامه، في شرابه، مع أولاده، إذا كانت متزوجة، مع زوجها، وإن كان متزوج، مع زوجته، في قراباته، مع أصحابه، يعنته، ويجعل حياته شرًا وجحيمًا، كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة:10].

الشيطان يريد أن يوقع في قلب المؤمن الحزن، همه الحزن، لماذا؟، حتى يجد النكد من هذه الأمور، فيدعوه الشيطان إلى أن يتخلص من الطاعة، فيقول خلاصك من أن تتركها، وهذه مصيبة، بلية، حتى إن بعض من يقع على بعض الوساوس، يجد الهم حينما يحضر وقت الصلاة، والمؤمن راحته في الصلاة، أنسه في الصلاة، «أرحنا بها يا بلال» (1). كيف تكون هذه الصلاة، وهذه الطهارة، «الطهور شطر الإيمان»  (2). تكون عنةً ومشقة، لا الراحة، وهي الروح، وهي الإيمان، والطمأنينة، والخير والهدى، والصلاح على الإنسان، وعلى من حوله، من أولاد، ومن أهله، ومن أصحابه.

أنت تدرك أبواب الخير والهدى ومفاتيح الخير، الذي أقول،

وأوصي نفسي وإخواني، أنه حينما يحس بذلك، أن يقطع باب الشيطان، والنبي قد أوصانا بوصية عظيمة، حينما سأله الصحابة، سألوه مرة واحدة، ثم كفوا رضي الله عنهم، لم يكرروا، ولم يسألوا، ولم يسلسلوا، لا لما سألوا عن أمر أعظم من هذا، أعظم من هذه المسائل، سألوا النبي عن أمور من الوساوس أعظم من هذه المسائل في الطهارة، فعلمهم عليه الصلاة والسلام، وأجابهم في جوابٍ شافٍ، ثم عملوا رضي الله عنهم، ووجدوا الراحة.

لما قالوا: «يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه شيئًا، لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به» (3). وعند أبي داود بإسنادٍ جيد، «لأن يكون حممة»  (4). يعني مثل الشيء المحترق، العظم المحترق البالي، «أحب إليه من أن يتكلم به». قال: «وجدتموه». قال عليه الصلاة والسلام: «ذلك محض الإيمان» (5). «ذاك صريح الإيمان». في حديث أبي هريرة، وفي حديث ابن مسعود، وقال: «حمدًا لله أن رد كيده إلى الوسوسة» (6)، ثم قال: «فليستعذ بالله»، ثم لينتهي.

فأنا أقول نعمل بوصيته عليه السلام، يستعيذ الإنسان، وينتهي، تنتهي عن السؤال، تنتهي عن تصديق الشيطان، وأنه الكاذب، وتعوذ بالله من شره، ثم أنت حينما تعرض عليك هذه الوسوسة لا تبالي بها، ولا تحزن، بل كما قال بعض السلف أفرح، مهما كانت هذه الوساوس، وقال: إن الشيطان يحب أن يحزن المؤمن. فإذا فرحت فإنه يحس بالنكد، فيعود شره ووباله عليه، ما أراد من الشر فإنه يعود عليه، وتدبيره الذي أراد أن يضر به المسلم يعود تدميرا عليه، ولندعو “الهم اجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم”.

أيضا تعلم أن تدبير الشيطان هذا، هو يدبر، اجتهد في أن يكون تدميرًا له، ثم لا تحتاج إلى سلاح، ولا عتاد، سلاحك “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، “لا إله إلا الله وحدة لا شريك له، لك الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير”، “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، وهكذا من سائر الأذكار التي تحرق الشيطان.

ثم قد تحس في أول الأمر، حينما تجتهد في محاربة الشيطان، قد تحس بشيءٍ من الشدة، لكن كما يقال هي ساعة الصفر، فاصبر فالشيطان خبيث يقول أدركوا فلان، أدركوا فلانة، لا يفلت، فأنت في هذه الحالة تقضي عليه، وتهلكه بالذكر، فمثل هذا السؤال المتعلق بتشديد الطهارة، من الآن أقول أوصي نفسي وإخواني هو قطعًا الوساوس، وعدم التشديد في الطهارة، في الملابس، وفي الثياب، وفي البدن، لما فيه من المخالفة، وما فيه من الإسراف، والضرر على الإنسان، ثم يعود بأمراض نفسية، وأمراض عضوية، إن لم يدارك نفسه، فهذا هو الواجب، ومن أخذ بهديه، فليبشر بالخير في الدنيا والآخرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) أخرجه أبو داود  (4946)، عن رجل من خزاعة بلفظ “يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها”.  ورواه أحمد 38/178 (23088)، عن رجل من أسلم، (23154) عن رجل من الأنصار. ورواه أبو داود 5/347 (4947)، وأحمد (230154)، والطبراني في الكبير (6215) كلهم عن رجل من الأنصار رضي الله عنه ورمز له المزي (رقم 15616) د.

(2) أخرجه مسلم (223).

(3) أخرجه مسلم رقم (209).

(4) أخرجه أبو داود: (5112).

(5) أخرجه مسلم  : (133).

(6) أخرجه أحمد: (2097) وأبو داود: (5112).

عبد المحسن بن عبد الله الزامل

داعية في إدارة شؤون التوعية بالسعودية وحاصل على بكالريوس في التربية من جامعة الملك سعود

  • 3
  • 0
  • 34,683

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً