صحة حديث الأمر بالفرار من المجذوم

منذ 2015-04-04
السؤال:

ما صحة حديث: «فر من المجذوم فرارك من الأسد»؟

 

الإجابة:

هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في صحيحه بصيغة قال، قال -رحمه الله-: "وقال عفّان حدثنا سليم بن حيان قال حدثنا سعيد بن ميناء قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد»" فهو مروي بهذه الصيغة، صيغة قال كما أنه مخرج بسند عند الإمام أحمد لكن فيه مجهول، يبقى أن المعوّل على ما في صحيح البخاري، وأهل العلم يختلفون فيما أخرجه البخاري بصيغة قال، وعفّان أبو مسلم الصفّار من شيوخ البخاري فإذا روى البخاري عن شيخ من شيوخه بصيغة قال جازمًا بذلك فقد اختلف العلماء هل يعد من قبيل المعلق أو الموصول، الذي عليه ابن الصلاح وأيده الحافظ العراقي وجمعٌ من أهل العلم أنه موصول لكن هذه الصيغة قال كصيغة عن ولذا يقول الحافظ العراقي:

أما الذي لشيخه عزا بقال فكذي   

عنعنة كخبر المعازف    

لا تصغ لابن حزم المخالف   

فهو موصول وليست مثل حدثنا أو سمعت لكنها مثل عن وهي محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم، فلا يعرف الراوي بالتدليس، وأن يكون الشيخ الراوي قد لقي أو عاصر من روى عنه كما هو الخلاف المعروف في العنعنة أنه محمول على الاتصال بالشرطين، والبخاري ممن يشترط السماع كما استقر عند أهل العلم، والبخاري شيخه عفّان بن مسلم لقيه وروى عنه فعلى هذا هو محمول على الاتصال، فالخبر متصل على هذا القول،

والقول الثاني أن هذه من صيغ التعليق عند الإمام البخاري، ولو كان عفّان بن مسلم من شيوخه؛ لأنه لو سمعه منه مباشرة لقال حدثنا كما هي عادته وجادته، لكن لما عدل من قوله حدثنا إلى قال عرف أنه لم يتحمله منه مباشرة بل بواسطة وأسقط الواسطة، وهذه حقيقة المعلق، لكن الذي عليه ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل التحقيق أنّه موصول، له حكم الوصل مادام عفّان شيخ من شيوخه ولقيه وسمع منه وجزم بنسبة الخبر إليه قال قال، حتى على القول الثاني وهو أنّه معلق بصيغة الجزم وهذه الصيغة عند أهل العلم يقولون أن النسبة صحيحة لمن أُبرز وأما من بقي ممن لم يُبرز يعني حتى على القول بأنه معلق هناك واسطة بين البخاري وبين عفّان، البخاري ضمن لنا ما انحذف بدليل أنه جزم بنسبته إلى عفّان، وقال عفّان: حدثنا سليم بن حيان ولولا أنّه ثقة عنده لما جزم بنسبته إلى شيخه عفّان.

المقصود أن هذه من المسائل المختلف فيها من صحيح البخاري، والمرجح عند ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل التحقيق أن لها حكم الوصل، وغاية ما يقال أنها مثل عن محمولة على الاتصال بالشروط المعروفة عند أهل العلم، والإمام البخاري ما عرف بالتدليس بل قال ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان: هو أبعد خلق الله عن التدليس يعني شرط قبول السند المعنعن ومثله قال أن لا يعرف الراوي بالتدليس، والراوي هنا البخاري عن شيخه عفّان لا يعرف بالتدليس وقال ابن القيم: والبخاري أبعد خلق الله عن التدليس، ولو قال من أبعد خلق الله عن التدليس لكان التعبير أدق، الأمر الثاني أن يكون الراوي قد لقي أو عاصر أو روى عنه والبخاري لقي عفّان لأنّه من شيوخه ففي هذين الشرطين يتبين لنا أن الحديث موصول وأقل أحواله أن يكون معلقًا بصيغة الجزم وما كان بهذه المثابة فإنه صحيح على أي حال والله أعلم.

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

  • 1
  • 0
  • 3,803

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً