ترك الصلاة سنة .. ثم تاب .. هل يجب عليه القضاء ؟
رجل مسلم ترك الصلاه أكثر من سنة ثم تاب فهل عليه القضاء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد اتفق أهل الإسلام على أن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي، كالحيض والنفاس عند المرأة، وكالجنون والإغماء ونحوها من الموانع الشرعية المعتبرة. وهي عبادة بدنية محضة، لا تقبل النيابة. وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: « » (رواه مسلم). وأجمع كل من يعتد به من أهل الإسلام على أن من جحد وجوبها فهو كافر مرتد، لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع.
وأما من تركها تكاسلاً، بحيث لايصليها مطلقا، فجمهور الأئمة ومنهم الشافعية والحنابلة على أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل. ويقتل عند المالكية والشافعية حدا لا كفراً، وفيه نظر، لأن هذا ليس من المواضع المنصوص عليها في القتل حدا، في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « »، فآل أمره إلى الكفر ومفارقة الجماعة، أو القتل تعزيراً، ويكفي ذ لك زاجرا. أما عند الحنابلة فإنه يقتل كفراً، وهو الأظهر، لمعاضدة الأدلة الصحيحة له، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : « » (رواه مسلم) ومثل حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « » (رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه). بل إذا كان ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها من غير عذر محبطا للعمل، كما في الحديث المخرج في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : « » فكيف بمن ترك صلوات كثيرة ؟!
وقال عبد الله بن شقيق البجلي، وهو من فضلاء التابعين : (لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة).
وحيث قلنا بهذا ـ أي بكفر تارك الصلاة تهاونا وإن لم يجحد وجوبها ـ فإن من كانت حاله مثل ما ذكرت فعليه أن يجدد إيمانه، وأن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يكثر من فعل النوافل والطاعات، ولا يجب عليه قضاء ماترك من صلاة أو صيام، ولا كفارة سوى التوبة النصوح والندم، والاستقامة مابقي.
على أنه إن كانت الصلوات وأشهر الصوم المتروكات، مما يطيق قضاءها، ولو في زمن متطاول فقضاها ـ احتياطا وخروجا من خلاف من لم ير كفره ـ كان أسلم لعاقبته.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: