الانتِقال من المدُن إلى القُرى
هل يجوز الرَّحيل من المدينة إلى القرية؟
مع العلم أني سمعتُ من أحد الإخوة أنَّ هُناك حديثًا يَقول بأنَّ الرَّحيل إلى البادِية من الكبائر.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا نعلم حديثًا عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - صحيحًا أو ضعيفًا بالمعنى المذْكور، وإنَّما جاء عن رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: « »؛ رواه أحمدُ وأصْحاب السُّنن من حديث أبي هُرَيْرة.
ولكن أهل البادية غيرُ أهل القُرى؛ فأهل البادية هُمُ الأعراب، ويغْلِب فيهم الجهْل والجفاء؛ ولهذا جاء في الحديث: « »، والبادية والبدْو بمعنًى واحد، وهو: ما عدا الحاضِرة والعمران، والنسبة إليْها بدوي. كما في "شرح مسلم" للإمام النووي.
وقال الدكتور جواد علي في "المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام": "المجتمع العربي: بدْو وحضر، أهل وبرٍ وأهل مدَر، فأمَّا أهل المدَر، فهم الحواضِر وسكَّان القُرى، وكانوا يعيشون من الزَّرع والنَّخل والماشية، والضَّرْب في الأرض للتِّجارة، وأمَّا أهل الوبَر، فهم قطَّان الصَّحاري، يَعيشون من ألبان الإبل ولحومِها، منتجعين منابتَ الكلأ، مرتادين لمواقع القَطْر، فيخيمون هنالك ما ساعدَهم الخصب وأمكَنَهم الرَّعي، ثمَّ يتوجَّهون لطلب العُشْب وابتغاء المياه، فلا يزالون في حلٍّ وترْحال. اهـ.
وعليه؛ فيجوز الانتِقال من المدُن إلى القُرى، بل قد يكون مطلوبًا في بعض الأحْيان؛ فرارًا من الفتَن المنتشِرة في المدُن، وإنَّما وردت الكراهة عن سُكنى البادية لما يترتَّب عليه من غلظ طبعِه، وقلَّة مُخالطة النَّاس،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: