عدم الاحتِشام بين العاقدين
السَّلام عليْكم ورحْمة الله،
هناك أُخت أعرِفُها تُريد أن تُرسل لكم بسُؤالها؛ لثِقتها في موقِعِكم.
والسؤال أنَّه: تمَّت خِطْبتُها منذ سنة و 8 أشهر إلى أحد الأشخاص، كانتْ فرحتُها بهِ لا تُوصَف؛ فهُو ملتزِم يَحفظ القرآن كامِلاً، يُحافظ على الصَّلوات في المسجِد، من عائلةٍ طيِّبة، وحدَث بينهما قبولٌ منذ البِداية.
المشكلة أنَّه: مع فتْرة الخطوبة حدثَت بينهُما بعْض التَّجاوُزات لَم تصِل إلى الزِّنا أبدًا، وهُو حتَّى لم يطَّلِع على جِسْمها، لكِن حدَث لَمس وتَجاوُزات، لكنَّهما تابا وتمَّ عقْد الزَّواج منذ عام.
بعد العقد، أحسَّت هذه الفتاة أنَّ هذا الزَّوج كان يجرُّها للمعصية، وأنَّه لَم يكُن أمينًا عليْها وقد خان أباها بتصرُّفاتِه تلك، صارحتْه بتِلك المشاعر، وقد قال لها: إنَّه تاب، وإنَّ الله يقْبل التَّوبة عن عباده.
المشكلة أنَّها الآن في مرحلة العقْد، وزوجُها يُؤمن أنَّ كلَّ شيء مُباحٌ له إلاَّ الجِماع، وكانت هي مقْتنِعة بذلِك لكنَّها سمِعت أحد الشُّيوخ يقول: إنَّه حتَّى دون الجِماع يجب التَّوسُّط في الأمْر حتَّى لا تُصْبح خيانة للأمانة، هي الآن تَخاف من زوجِها في المستقْبَل: هل سيُصْبِح أمينًا على نفسِه في علاقاتِه بالنِّساء؛ لأنَّه أحيانًا تصدر منه بعض تصرُّفات المراهقين، كأن يَرْغَب أن يقبِّلَها في المصْعد، وهو لا يغضُّ بصرَه أحيانًا؟
هي لا تشكُّ فيه لكنَّها تريد أن تكون على بيِّنة من أمرها؛ حتَّى لا تكون قد اختارتِ اختِيارًا سيِّئًا، مع العلم أنَّه فيما عدا ذلك هو مقبول الأخلاق والدِّين.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما حدث بين هذه الفتاة وخطيبها من تجاوزات في فترة الخطوبة لا يجوز، وتجب التَّوبة النَّصوح منه، وقد بيَّنَّا ذلك في فتاوى سابقة، منها: "أحكام وضوابط فترة الخطوبة"، و"حكم تقبيل الرجل للمرأة بعد الخطبة وقبل العقد"، و"حدود التعامل بين الرجل والمرأة".
والواجب عليهما التَّوبة والإكْثار من الاستِغفار؛ نظرًا لما وقع بيْنهما من تجاوُزات للشَّرع، فإذا تحقَّقتِ التَّوبة، فلا حرج من إتْمام الزَّواج به؛ لأنَّ التَّوبة تجبُّ ما قبلها، والتَّائب من الذَّنب كمَن لا ذنب له، فإذا تاب الرَّجل - كما هو الظَّاهر من كلامِها - فلا تَجعل التَّجاوُزات الَّتي حدثتْ في فترة الخطوبة عُقدةً لديْها؛ فكلُّ بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائِين التَّوابون؛ كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم.
ولا يلْزم من معصيتِه معها قديمًا أنَّه في المستقْبل سيكون غير أمينٍ عليْها، وكوْنه قدِ اقترف ذنبًا وتاب منْه لا يُخرجه ذلك من أن يكونَ رجُلاً صالحًا ذا دين وخُلق؛ لأنَّ السَّلامة من الذنوب أمرٌ عسير التحقُّق على بني آدم.
وأمَّا ما يُباح للخاطِب مِن خطيبتِه بعد العقْد الشَّرعي، فقد بيَّنَّاه في فتوى: "حق العاقد"، فلتراجع.
أمَّا ما تلاحظه فيه من عدم حشْمة، فالمسلم لا يلزمُه الاحتِشام مع امرأته إن علِم أو غلَب على ظنِّه عدم اطِّلاع أحدٍ عليْهِما - كما هو الحال في المصعد - وإنَّما المنكر أن يفعل هذا أمام النَّاس.
والواجِبُ عليْها: نصحُه برفق ولين في مسألة غضِّ البصَر، وغيرها مما تلْمَسه فيه من تقْصير،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: