رفع الأعمال
لكم منى كل الشكر والتقدير، ورفع الله قدركم، وعظم شأنكم.
أرجو الإفادة و التوضيح فى هذا الأمر:
كيف ترفع الأعمال؟ هل ترفع يومي الاثنين والخميس كما جاء فى الحديث إن كان صحيحًا؟
وهل حديث النصف من شعبان والذى فيه: "ترفع فيه الأعمال" صحيح؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد دلت السنة الصحيحة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله - عز وجل - أولًا بأول؛ فقد روى مسلم في "صحيحه" عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات، فقال: «
».قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (1 / 319):
"وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الملائكة الحفظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل. والله أعلم". اهـ.
»، وفي الرواية الثانية: « »، فمعنى الأول - والله أعلم -: يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار الذي بعده، وعمل النهار قبل عمل الليل الذي بعده، ومعنى الرواية الثانية: يُرفع إليه عمل النهار في أول الليل الذي بعده، ويُرفع إليه عمل الليل في أول النهار الذي بعده؛ فإنقال ابن حجر في "فتح الباري" (2 / 330):
"وأن الأعمال تُرفع آخر النهار، فمن كان - حينئذ - في طاعة، بورك في رزقه وفي عمله، والله أعلم".
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «
»؛ رواه مسلم.وروى الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «
».قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (4 / 252):
"وأعمال العباد تُجمع جملة وتفصيلًا، فترفع أعمال الليل قبل أعمال النهار، وأعمال النهار قبل أعمال الليل، تُعرض الأعمال على الله في كل يوم اثنين وخميس؛ فهذا كله مما جاءت به الأحاديث الصحيحة". اهـ.
كما تعرض أعمال السنة كلِّها في شهر شعبان؛ فقد روى النسائي، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قلت: يا رسول الله، لَمْ أرَكَ تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «الألباني في صحيح النسائي.
»؛ حسنهقال الحافظ فى "الفتح" (4 / 215): "صححه ابن خزيمة".
قال في "تحفة الأحوذي" (3 / 375):
"قال ابن الملك: وهذا لا ينافي قوله - عليه السلام -: «
»، للفرق بين الرفع والعرض؛ لأن الأعمال تُجمَع في الأسبوع، وتعرض في هذين اليومين".وفي حديث مسلم: «
».قال ابن حجر: "ولا ينافي هذا رفعَها في شعبان؛ فقال: «
»؛ لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة، وأعمال العام مجملة". اهـ.قال في "عون المعبود" (10 / 226):
"فإن عمل العام يُرفع في شعبان؛ كما أخبر به الصادق المصدوق: «
»، ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس؛ كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار. فهذا الرفع في اليوم والليلة، أخص من الرفع في العام، وإذا انقضى الأجل، رُفع عمل العمُر كله، وطويت صحيفة العمل". اهـ.وعليه؛ فما ورد عن رفع الأعمال في شهر شعبان مجملًا صحيح؛ كما بينا.
أما تخصيص ليلة النصف منه بعبادات ظنًّا أن له فضيلة على غيره، فهو أمر لم يقم عليه دليل صحيح.
وما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان، ليس من الصحيح في شيء، ولا يحل الأخذ به، ولا العمل بمقتضاه.
- التصنيف:
- المصدر: