حلف الوالد على ألا يكلم ولده أبدًا
أنا حلفت بالله أني ما أكلم ولدي حتى أقابل ربي؛ لأمر فعله، وقد تدخل أهله وأعمامه لكي أعدل عن حلفي ولكني رفضت ذلك، فما علي في هذا الحلف؟
ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في البخاري وغيره أنه قال: «إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير» [البخاري: 6623]، لاسيما وأن هذا الحلف يترتب عليه قطيعة، فيتعيّن أن يكلمه، وله أن يكفر عن يمينه قبل أن يكلمه أو يكلمه قبل أن يكفر عن يمينه كما جاء في ذلك الروايات التي تدل على جواز هذا وهذا، فمثل هذا عليه أن يكفّر إذا كان السبب لا يقتضي الهجر.
أما إذا كان هناك ما يقتضي الهجر فللوالد أن يهجر ولده من باب التأديب، وللمعلم أن يهجر تلميذه من باب التأديب، لكن لا يزيد في ذلك على القدر الذي يحصل به المقصود، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هجر الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة إلى أن تاب الله عليهم، فالهجر له أصل في الشرع، لكن الأصل الصلة والهجر علاج، فإذا اقتضى الأمر علاجه بالهجر فلا مانع من ذلك، على أن الأصل في هذا الهجر الذي ذكر في السؤال يدل على أنه من أجل مشاحنة بينهما، فمثل هذا يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير وهو خطاب ولده ومكالمته، ثم بعد ذلك إذا كان هذا الأمر مما يقتضي أن يؤنبه ويعتب عليه وينصحه بترك مثل هذا الأمر فهذا هو الأصل وهو العلاج الأصلي.
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: