اللقطة
شخص كان يجلس فى سيارته ليلا برفقة اصدقائه ثم فجأة رمي شخص عليه من الشباك كيس به مبلغ من المال وهو يجرى ولا يعلموا لماذا فعل ذلك ولا يعرفون من هو فحاولوا اللحاق به ولكن لم يجدوه فأخذ الشخص الذي سقط الكيس عليه جزء من هذا المال وترك باقى المبلغ مع احد رفقائه ..
شخص كان يجلس فى سيارته ليلا برفقة اصدقائه ثم فجأة رمي شخص عليه من الشباك كيس به مبلغ من المال وهو يجرى ولا يعلموا لماذا فعل ذلك ولا يعرفون من هو فحاولوا اللحاق به ولكن لم يجدوه فأخذ الشخص الذي سقط الكيس عليه جزء من هذا المال وترك باقى المبلغ مع احد رفقائه الذين كانوا معه بالسيارة على سبيل الامانة و لكن عندما عاد ليسترد منه هذا المبلغ الذي تركه عنده على سبيل الامانة قال له انه وضعه فى بناء مسجد وعندما سأله لماذا فعل ذلك دون ابلاغه فقال له انت لا تستحق هذا المال ولا نعرف صاحبه الحقيقي فقام نزاع وخلاف حاد بينهم فما الواجب عليهم فعله وما هو التصرف الذي كان يجب عليهم فعله؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد جاءت السنة المشرفة بأن اللقطة من حق الملتقط بعد التعريف، فمن وجد مالاً ذا قيمة فله أن يأخذه بعد التعريف، ويتصرف فيه، ثم إن جاء صاحبه كان مخيرًا بين إمضاء تصرفه وبين المطالبة به، فتصرف الملتقط موقوف على صاحب المال إن ظهر بعد ذلك؛ ففي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب أو الورق؟ فقال: «اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه».
وقد نص الأئمة على أن اللقطة من حق الملتقط، وهو مذهب الجمهور:
قال الإمام ابن قدامة المغني (6/ 79)
"فإن التقطها اثنان، فعرفاها حولًا، ملكاها جميعًا. وإن قلنا بوقوف الملك على الاختيار، فاختار أحدهما دون الآخر، ملك المختار نصفها دون الآخر. وإن رأياها معًا، فبادر أحدهما فأخذها، أو رآها أحدهما، فأعلم بها صاحبه، فأخذها، فهي لآخذها؛ لأن استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية، كالاصطياد.
قال أحدهما لصاحبه: هاتها. فأخذها، نظرت في نيته؛ فإن أخذها لنفسه، فهي له دون الآمر، وإن أخذها للآمر، فهي له، كما لو وكله في الاصطياد له". اهـ. وقال في "الجوهرة النيرة" (1/ 356)
"ولو كانا يمشيان فرأى أحدهما لقطة، فقال صاحبه هاتها فأخذها لنفسه فهي للآخذ دون الآمر"
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (20/ 577):
"قول النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة: «فإن وجدت صاحبها فارددها إليه، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء» فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن اللقطة التي عرف أنها ملك لمعصوم، وقد خرجت عنه بلا رضاه، إذا لم يوجد فقد آتاها الله لمن سلطه عليها بالالتقاط الشرعي".
وقال (28/ 595)
" كذلك لا فرق في حقنا بين مال لا مالك له أمرنا بإيصاله إليه، وبين ما أمرنا بإيصاله إلى مالكه جملة؛ إذا فات العلم به أو القدرة عليه - والأموال كالأعمال سواء - وهذا النوع إنما حرم لتعلق حق الغير به، فإذا كان الغير معدومًا أو مجهولاً بالكلية، أو معجوزًا عنه بالكلية - سقط حق تعلقه به مطلقًا، كما يسقط تعلق حقه به إذا رجي العلم به، أو القدرة عليه إلى حين العلم والقدرة؛ كما في اللقطة سواء؛ كما نبه عليه صلى الله عليه وسلم بقوله: «فإن جاء صاحبها وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء»، فإنه لو عدم المالك انتقل الملك عنه بالاتفاق، فكذلك إذا عدم العلم به إعدامًا مستقرًا، وإذا عجز عن الإيصال إليه إعجازًا مستقرًا". اهـ.
إذا تقرر هذا، فالمال الذي التقطه الأخ السائل هو من حقه، بعد تعريفه سنة كاملة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي مال الله يؤتيه من يشاء»، فدل على أن الله شاء أن يعطيها للملتقط، وقال شيخ الإسلام: "أنه لا نزاع بين الأئمة أنه بعد تعريف السنة يجوز للملتقط أن يتصدق بها، وكذلك له أن يتملكها إن كان فقيرًا، وهل له التملك مع الغنى؟ . فيه قولان مشهوران، ومذهب الشافعي وأحمد أنه يجوز ذلك. وأبو حنيفة لا يجوزه ". اهـ. (29/ 322).
أما ما فعله صاحبك فلا ريب أنه أخطأ خطأين، الأول أنه تصدق بها قبل التعريف، ثانيًا أن اللقطة من حقك أنت؛ للأدلة السابقة المدعومة بكلام الأئمة، والذي يظهر أنه يجب عليه الضمان؛ لأنه وإن كان فعل ذلك متأولاً إلا أنه كان الواجب عليه أن يسأل أهل العلم، ولا يجوز إضاعة مال الغير بالتأويل،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: