بيع وشراء الذهب عن طريق البنك

منذ 2019-02-24

"يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء أكان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أم بعملة مودعة فيه".

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي مبلغ من المال اودعته في أحد البنوك التركية في تركيا وكان هناك خيار في الحساب البنكي تتيح شراء الذهب وإيداعه في الحساب وظننت بأنها بمثابة القبض الحكمي ولا مشكلة شرعية فيها ثم تبين لي بعد ذلك أن البنك لا يسلم الذهب إطلاقا بل المسألة لا تتعدى كونها أرقاما فقط فما حكم المال االذي دخل في هذه العملية علما بأنني أجريت عدة تحويلات على كامل المبلغ الذي عندي من الذهب إلى الليرة التركية فالمال كله دخل وخرج في هذه المعاملة عدة مرات هل صار المال كله مالا مشبوها أرجو تفصيل الإجابة عن ذلك بارك الله بكم

الإجابة:

 

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن حكم بيع الذهب وشراؤه عن طريق البنك يحدده مدى التزام البنك بالضوابط الشرعية:

فأولاً: إن كان البيع والشراء يتم على عين موجودة قائمة يمكن تملكها وحيازتها، ويحصل التقابض والتماثل ‏فيما يشترط له ذلك-: فإن المعاملة صحيحة، سواء كان الذهب مملوكًا للبنك، أو يتم شراؤه من خارجه، مع تحقيق القبض الحقيقي، حيث يقوم البنك بفرز وتسجيل الذهب باسم العميل الخاص، سواء عن طريق رقم السبيكة أو غيرها الطرق التي يتم من خلالها تعيين وتمييز الذهب.

قال ابن المنذر: " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا: أن الصرف فاسد" انتهى من "الأوسط" (10/197).

فإن كان القبض يتم دفتريًا فقط، يعني تقييد الذهب باسم العميل في حسابه الخاص، دون تعيين السبائك الذهبية المشتراه أو أرقامها-: فالذي يظهر أن القيد المصرفي أو القبض الحكمي يحل محل القبض الحقيقي ويسد مسده؛ لأن القبض يرجع إلى العرف، كما حرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم في مواضع كثيرة من كتبهما، وأن كل ما عده الناس قبضاً فهو قبض، والعرف المصرفي يَعُدُّ هذا قبضاً، فيقوم مقام القبض الحقيقي.

وقد قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، في الدورة الحادية عشرة: "يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء أكان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أم بعملة مودعة فيه".

ومعلوم أن الأوراق النقدية مقيسة أو فرع عن على الذهب والفضة، فما جاز في الفرع جاز في الأصل من باب أولى، ولأن كلاهما معاملة صرفية، يشترط فيها التقابض في مجلس العقد.

ثانيًا: إن كان بيع الذهب وشراؤه يتم في البنك على ‏سلعة غير موجودة، وإنما على قيمة سوقية فقط، أو يكون البنك لا يملك الذهب، ويتم تقييده في حساب العميل بالمصرف-: ففي هذه الحال لا يجوز التعامل مع البنك في شراء أو بيع الذهب؛ لما سبق بيانه أن من شروط بيع وشراء الذهب، القبض الحقيقي أو القبض الحكمي بالعملة المتفق عليها في مجلس العقد.

وعليه، فإن كان البنك المسؤول عنه يلتزم بالضوابط السابقة ويحوز الذهب حقيقة، فلا بأس من التعامل معه، وتكون الأرباح التي تم قبضها حلالاً.

وأما إن كان لا وجود حقيقي للذهب، والبيع والشراء يتم على رصيد رقمي من الذهب يتم تسجيله في حسابه، وإذا أراد البيع: يبيع ما قُيِّد في حسابه من ذهب-: فالبيع باطل ولا يجوز التعامل مع البنك بيعًا وشراء، ولا يجوز الانتفاع بالأرباح وليأخذ رأس ماله فقط ويضع الربح في مصالح المسلمين، إلا أن يكون جاهلاً بحرمة تعامل البنك ففي تلك الحال يحل له أكل الربح؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275]، يعني: ما أخذ قبل معرفة التحريم ،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 3
  • 56,430

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً