رجل يجبر زوجته على الجماع من دبرها
رجل يجبر زوجته على الجماع من دبرها وإن رفضت هددها بالزنا بغيرها
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا يجوز للزوجة أن تمكن زوجها من إتيانها في دبرها، لأنه من المحرمات التي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعِلَها، فقال: "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا"؛ رواه أبو داود.
وقال أيضاً: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا، فَصَدَّقَه، أَوْ أَتَى امرَأَةً في دُبُرِهَا، فَقَدْ كَفَرَ ِبَما أُنزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ"؛ رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال: ((لَا يَنظُرُ اللهُ لِرَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا))؛ رواه ابنُ ماجهْ.
فهذه الأحاديثُ الشريفةُ تدلُّ صراحةً عَلَى تحريمِ وَطْء الزوجةِ فِي دُبُرها، وأنه يَجِبُ على الزوجة أن لا تُطيعَ زوجَهَا، إذا طلب منها ذلك، ولا تمكنه من نفسها، فإن أصرّ، رفعت أمرها إلى الحاكم؛ ليفرق بينهما؛ لأنهما إن تطاوعا عليه أَثِمَا جميعًا، ولا يقال: إن على الزوجة طاعةَ زوجِهَا؛ فَإِنَّما الطاعةُ في المعروف، وهذا منكرٌ عظيمٌ فكيفَ تُطِيعُهُ فيه؟!
بلِ الواجبُ في حق هذا الزوج أن يُؤَدَّبَ، وَيُعَزَّرَ، وإذا أصرَّ، فُرِّقَ بينه وبين زوجته، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
"ومتى وَطِئَها في الدبر، وطاوَعَتْهُ عُزِّرَا جميعًا؛ وإلا فُرِّقَ بينهما؛ كما يفرق بين الفاجر، ومن يَفْجُرُ بِهِ".
وسئل - رحمه الله تعالى - عما يجب على من وَطِئَ زوجته في دُبُرِهَا، وهل أباحه أَحَدٌ من العلماء؟ فأجاب:
"الحمد لله رب العالمين، الوَطْءُ في الدُّبُرِ حرامٌ في كتاب الله، وسنة رسوله، وَعَلَى ذلك عامةُ أئمة المسلمين؛ من الصحابة، والتابعين، وغيرهم، فإن الله قال في كتابه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا، جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَسَأَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، والْحَرْثُ: مَوْضِعُ الزَّرْعِ، وَالْوَلَدُ إنَّمَا يُزْرَعُ فِي الْفَرْجِ، لَا فِي الدُّبُرِ، {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ {أَنَّى شِئْتُمْ}؛ أَيْ: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ؛ مِنْ قُبُلِهَا، وَمِنْ دُبُرِهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا؛ فَاَللهُ - تَعَالَى - سَمَّى النِّسَاءَ حَرْثًا؛ وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِي إتْيَانِ الحُرُوثِ، وَالْحَرْثُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْفَرْجِ؛ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ أَثَرٍ: أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ هُوَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي حُشُوشِهِنَّ}؛ والْحُشُّ: هُوَ الدُّبُرُ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَذَرِ، وَاَللهُ - سُبْحَانَهُ - حَرَّمَ إتْيَانَ الْحَائِضِ مَعَ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَارِضَةٌ فِي فَرْجِهَا، فَكَيْفَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ، وأَيْضًا؛ فَهَذَا مِنْ جِنْسِ اللِّوَاطِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، لَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ؛ لَكِنْ حَكَى بَعْضُ النَّاسِ عَنْهُمْ رِوَايَةً أُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَطَعَنَ فِيهَا، وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِاللهِ يُكَذِّبُ نَافِعًا فِي ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعٌ غَلِطَ، أَوْ غَلِطَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ. فَإِذَا غَلِطَ بَعْضُ النَّاسِ غَلْطَةً، لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُسَوِّغُ خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ". اهـ.
وعليه، فيجب على تلك الزوجة عدم تمكين زوجها ولتخبر أهلها، ليأخذوا على يديه ويمنعوه من ذلك،، والله أعلم.
- المصدر: