حكم من شاهد أو يفكر في الزنا فينزل المني
التفكير في الأمور الجنسية، وتَمَنِّي القلب واشتهاؤه، نوع من الزنا؛ لأنه يجر إلى الوقوع في الحرام.
اذا كان الشخص يشاهد او يفكر في الزنا فنزل منه مني علي يقظة ولكن الذي نزل شئ قليل لا اعلم هو مني ام مذي هل هذا يوجب الغسل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالذي يظهر أن ما يخرج عند التفكير أو المشاهدة إن كان على صفة ما ورد في السؤال، فإنه مذي وليس منيًا؛ لأن المنيُّ: سائل لزِج أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتورًا، ورائحته مثل رائحة طلع النخل، أو رائحة العجين؛ كما وروى أحمد، وأبو داود، والنسائي عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا فضخت الماء فاغتسل"؛ وفي رواية عند أحمد: "إذا حذفت فاغْتَسِل منَ الجنابة، وإذا لَم تكنْ حاذفًا فلا تغتسل"؛ وصححهما الألباني.
والفضخ: خروجه على وجه الشدة، أو خروجه بالعجلة، كما قال إبراهيم الحربي، وهو لا يكون بهذه الصفة إلا لشهوة.
أما المذي فماء أبيض رقيق لزج يخرج عند مبادئ الشهوة، ولا يعقب خروجه فتور في البدن، وقد لا يشعر به، ويخرج عند فتور الشهوة بلا شهوة.
هذا؛ وننبه السائل إلى أن التفكير في الأمور الجنسية، وتَمَنِّي القلب واشتهاؤه، نوع من الزنا؛ لأنه يجر إلى الوقوع في الحرام؛ فإن المُقَدِّمات من حيث كونها طلائع وأمارات تؤذِن بوقوع ما هي وسيلة إليه؛ فعن أبى هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "كُتِبَ على ابن آدم نصيبُه من الزِّنا مُدرِكٌ ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَا، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ"؛ متفق عليه، وقد قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات، والخطرات، واللفظات، والخطوات.
والحاصل أن الخطرات الجنسية شأنها خطير وهي مبدأ الشر، ومنها تتولد الإرادة والهمم والعزام،، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهرًا إلى الهلكات، ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة؛ كما قال الإمام ابن القيم.
أما مشاهدة المقاطع الجنسية، فمن المحرمات التي لا تشتبه على مسلم سليم الحس، وحرمتها معلومة من الدين بالضرورة والبداهة العقلية، و لا تحتاج إلي إقامة برهان، وقد حَرَّمَ الله - سبحانه وتعالي - ما هو أقل من ذلك فَسَاداً، وأقل منه فُحْشاً وقُبْحاً،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: