حكم الحجر على الرجل العاقل
فلا يجوز الحجر على الرجل البالغ للعمر المذكور ما دام عاقلاً، ولا يجوز للوصي منعه من التصرف في ماله
توفي رجل بحادث سياره تاركا اب و ام و ارمله و ابن و ابنه قصر و اخان متزوجان ثلاثة اخوات احداهن كانت قاصر 1-ما هي النسبة المئوية لكل فرد من التركه و كل ما جمع اليها بعد ذلك؟ 2-الابن عمره الآن 25 و له سابقه في عمل مشروع دفع اليه جزء من ماله كسب في البدايه ثم خسر و نقص جزء من راس المال لكنه عاقل راشد عمل بالكثير من المهن المؤقته حتى عمل بالبترول فهل يوجد في الشرع و العرف ما يمنع الوصي المتعنت من رد جميع ماله اليه الا عند زواجه الغير معلوم الاجل؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان ورثة المتوفى محصورين فيما ذُكر، فإن التركة توزع كالتالي:
نصيب الأب والأم: يأخذ كل منهما السدس لوجود الفرع الوارث؛ قال الله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]
نصيب الزوجة: الثمن لوجود الفرع الوارث؛ قال تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12].
نصيب الأبناء: يقسم الباقي على ثلاثة أسهم، فيأخذ الابن الذكر سهمين، والبنت سهمًا واحدًا؛ قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
أما الولاية على المال فلا تكون إلا على الصغير غير البالغ، وما في معناه وهو البالغ السفيه يعني غير الرشيد، أو ضعيف العقل؛ قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا* وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 5، 6].
قال القرطبي في تفسيره (5/ 27): "لما أمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم في قوله: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ } [النساء: 2]، وإيصال الصدقات إلى الزوجات، بين أن السفيه وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه، فدلت لآية على ثبوت الوصي والولي والكفيل للأيتام".
وجاء في "المغني" (4/ 343): "مسألة؛ قال أبو القاسم - رحمه الله -: (ومن أونس منه رشد، دفع إليه ماله، إذا كان قد بلغ) الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة: أحدها، في وجوب دفع المال إلى المحجور عليه إذا رشد وبلغ، وليس فيه اختلاف بحمد الله تعالى؛ قال ابن المنذر: اتفقوا على ذلك، وقد أمر الله تعالى به في نص كتابه، بقوله سبحانه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]؛ ولأن الحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة، حفظًا لماله عليه، وبهذين المعنيين يقدر على التصرف، ويحفظ ماله، فيزول الحجر، لزوال سببه.
ولا يعتبر في زوال الحجر عن المجنون إذا عقل حكم حاكم، بغير خلاف، ولا يعتبر ذلك في الصبي إذا رشد وبلغ، وبهذا قال الشافعي، وقال مالك لا يزول إلا بحاكم، وهو قول بعض أصحاب الشافعي؛ لأنه موضع اجتهاد ونظر، فإنه يحتاج في معرفة البلوغ والرشد إلى اجتهاد، فيوقف ذلك على حكم الحاكم، كزوال الحجر عن السفيه.
ولنا، أن الله تعالى أمر بدفع أموالهم إليهم عند البلوغ وإيناس الرشد، فاشتراط حكم الحاكم زيادة تمنع الدفع عند وجوب ذلك بدون حكم الحاكم، وهذا خلاف النص، ولأنه حجر بغير حكم حاكم فيزول بغير حكمه، كالحجر على المجنون، وبهذا فارق السفيه.
وقد ذكر أبو الخطاب أن الحجر على السفيه يزول بزوال السفه، والأول أولى. فصار الحجر منقسما إلى ثلاثة أقسام، قسم يزول بغير حكم حاكم، وهو حجر المجنون، وقسم لا يزول إلا بحاكم، وهو حجر السفيه، وقسم فيه الخلاف، وهو حجر الصبي". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز الحجر على الرجل البالغ للعمر المذكور ما دام عاقلاً، ولا يجوز للوصي منعه من التصرف في ماله، والعلماء إنما أجازوا الحجر على المجنون،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: