حكم صلاة من أصيب بالزهايمر

منذ 2020-07-18

ومن كان مسلوب العقل أو مجنونًا فغايته أن يكون القلم قد رفع عنه، ولا يصح إيمانه ولا صلاته ولا صيامه ولا شيء من أعماله؛ فإن الأعمال كلها لا تقبل إلا مع العقل. فمن لا عقل له لا يصح شيء من عباداته لا فرائضه ولا نوافله.

السؤال:

جدتي عمرها 73 عام - مصابه بالزهايمر - لم تعد تفرق بين ما حدث منذ 20 سنه و تظنه حدث بالأمس - لا تعرف الأيام ولا الأوقات حتى إذا نظرت في الساعة -لا تدرك أننا في رمضان حتى إذا ذكرناها - قد تظن أنها صلت و هي لم تصلِ و العكس - حتى أنها قد تتوضأ خمس مرات ظنا منها أنها تستعد للصلاة إذا صلت تخلط عدد الركعات و لا تعرف في أي صلاة هي - و إذا صلينا معها في جماعة تشرد في الصلاه و هي غير مدركه حتى انه عندما سلم الأمام من التحيات - ردت السلام ظنا منها أن أحدا بالباب بالنسبه للصيام فهي لا تصوم لأنها تنسي و تأكل - حتى إذا ذكرت تنسي في نفس الدقيقة - و لأنها هزيله للغايه حتى أن وزنها تحت الأربعين أما الصلاة فيعتقد أهلى أنها واجبه عليها - و يوقظوها لتصلي - و هي مع سنها تنام أكثر من المعتاد - و قد تفوت مواعيد الصلاة - و عندما يوقظها أحد لا تكون قد أخذت كفايتها من النوم - مما يجعلها تائهه أكثر عندما تستيقظ، لأنهم غالبا يوقظونها بصوت عالي و شديد حتى أن أهلي يجعلوها تعيد الصلاة كامله إذا أنقصت عدد الركعات فما حكم ذلك ؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر أن جدتك قد اختلط عقلها بسبب مرض الزهيمر، ووصل إلى درجة سقوط التكليف عنها، ولا تؤاخذ بما يصدر منها، ولا تلام على ما ليست مكلفة به، حتى لو كانت تتمتع بصحة جيدة؛ لأن العقل هو مناط التكليف، ومتى فقد فلا يؤاخذ الإنسان؛ لأن أهلية الأداء تفوت بزوال العقل؛ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

وقد اتفق أهل العلم على أنه لا تصح صلاة من زال عقله بأي سبب زال؛ لأن من لم يعلم ما يقول لم تحل له الصلاة.

 وكذلك اتفق الأئمة على أن الصيام يسقط بالعجز عن مثل: الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة الذين يعجزون عنه أداء وقضاء، وإنما اختلفوا في وجوب الفدية بالإطعام؟ فأوجبها الجمهور: كأبي حنيفة والشافعي وأحمد، ولم يوجبها مالك

قال شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" (10/ 435- 437):

"ومن كان مسلوب العقل أو مجنونًا فغايته أن يكون القلم قد رفع عنه، ولا يصح إيمانه ولا صلاته ولا صيامه ولا شيء من أعماله؛ فإن الأعمال كلها لا تقبل إلا مع العقل. فمن لا عقل له لا يصح شيء من عباداته لا فرائضه ولا نوافله....

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} فنهى الله عز وجل عن قربان الصلاة إذا كانوا سكارى حتى يعلموا ما يقولون، وهذه الآية نزلت باتفاق العلماء قبل أن تحرم الخمر بالآية التي أنزلها الله في سورة المائدة، وقد روي أنه كان سبب نزولها: أن بعض الصحابة صلى بأصحابه وقد شرب الخمر قبل أن تحرم فخلط في القراءة، فأنزل الله هذه الآية؛ فإذا كان قد حرم الله الصلاة مع السكر والشرب الذي لم يحرم حتى يعلموا ما يقولون، علم أن ذلك يوجب أن لا يصلي... وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قام أحدكم يصلي بالليل فاستعجم القرآن على لسانه، فليرقد فإنه لا يدري لعله يريد أن يستغفر فيسب نفسه"، وفي لفظ: "إذا قام يصلي فنعس فليرقد"، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة مع النعاس الذي يغلط معه الناعس... والنبي صلى الله عليه وسلم إنما علل ذلك بقوله: "فإنه لا يدري لعله يريد أن يستغفر فيسب نفسه"، فعلم أنه قصد النهي عن الصلاة لمن لا يدري ما يقول، وإن كان ذلك بسبب النعاس". اهـ. مختصرًا.

إذا تقرر هذا؛ فلا يجب على جدتك الصلاة ولا الصيام، ولا يشرع لأبنائها إيقاظها للصلاة،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 1
  • 10,662

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً