رجل زنا بامرأة متزوجة فهل يجوز الزواج منها
اختلف أهل العلم في حكم زواج الزاني بمن زنى بها، والراجح أنه جائز بشرط التوبة، وهو مذهب الإمام أحمد ومَن وافقه، ورجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية
فتاه تريد الطلاق من زوجها بسبب انه لا يصلي الا متقطع وانه خانها مع غيرها وانه مقصر في النفقه وانها تلاقي معامله سيئه من ام زوجها. سافرت هذه الفتاه الي بلد اخر مع أهلها للعمل بموافقة زوجها وهناك تعرفت على شاب اخر في العمل حبها واحبته ووقع معها في الحرام ثم انه حاول الإبتعاد عنها كثيرا وحثها على العوده لزوجها لكنها كانت تقول انها تريد الطلاق سواء كان هو في حياتها أم لأ والاستمرار مع زوجها لن يطول ثم انها طلبت الطلاق وطلقها زوجها الان هل يجوز لهذا الشاب الزواج منها ام انها محرمة عليه؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالذي يظهر أن سبب تحرج الشاب المذكور من الزواج من تلك المرأة، هو علمه بخطورة إفساد المرأة على زوجها، وأنه مِن أقبح المعاصي والذنوب الشديدة، حتى قال صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد: ((ليس منا مَن خبَّب امرأة على زوجِها ولا عبدًا على مواليه))، بل هو مِن فعل السحرة وأفعال الشياطين؛ كما قال سبحانه عنهم: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102].
ومن أجل ذلك قرر الفقهاء على أنَّه: "لو خبَّب امرأة على زوجها حتى طلَّقها ثم تزوَّجها وجَب أن يُعاقَب هذا عقوبة بليغة، وهذا النكاح باطل في أحد القولين في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، ويجب التفريق بين هذا الظالم المُعتدي وبين هذه المرأة الظالمة"؛ كما في المستدرك على مجموع الفتاوى (4 / 166) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ولكن إن كان الحال كما ورد في السؤال أن تلك المرأة كانت عازمة على فراق، وأن دخول هذا الرجل في حياتها ليس هو السبب في الطلاق: فيجوز لهما حينئذ الزواج بعد التوبة النصوح مما وقعا فيه من الزنا.
فالزنا من أقبح الكبائر التي حذَّر الله - تعالى - في كتابه المحكم من مجرد الاقتراب من الأسباب الداعية إليه، ومن مخالطة أسبابه ودواعيه؛ فقال – سبحانه -: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]، وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم – خطورة الزنا على الإيمان فقال كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".
غير من تاب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، تاب الله عليه، وغَفَرَ له ما كان، ؛ كما قال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:25]، وقال تعالى بعد أن تَوَعَّد من ارتكب أكبر الكبائر: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].
قال - تعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
وقد اختلف أهل العلم في حكم زواج الزاني بمن زنى بها، والراجح أنه جائز بشرط التوبة، وهو مذهب الإمام أحمد ومَن وافقه، ورجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية كما جاء في "مجموع الفتاوى": "نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف، منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة".اهـ.
هذا؛ والله أعلم
- التصنيف:
- المصدر: