الإحرام من الميقات من واجبات الحج .
لقد أحضرت الوالد والوالدة بزيارة عائلية إلي المملكة بنية الحج، وقد جاءا في شهر شوال من الخرطوم إلي المدينة المنورة، وبقيا بها إلي أن دخلوا مكة المكرمة في بداية ذو القعدة بدون إحرام، وبقيا بمكة إلي أن أتيت من الدمام إلي مكة، وأيضا بدون إحرام، وجلست معهم بمكة ثلاثة أيام إلي اليوم السابع من ذي الحجة، تحركنا من مكة إلي الحرم، وأحرمنا منه، ونوينا الحج مفرداً، وطفنا طواف القدوم، وسعينا سعي الحج، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة تحركنا إلى منى، وجلسنا فيها إلي الساعة الواحدة صباحا، ثم تحركنا إلي عرفات، ووصلنا الساعة 3 صباحا، علما بأن الوالد معاق في رجله، لا يستطيع المشي إلا عن طريق عجلة، أو عربة، ثم تحركنا من عرفات بعد المغرب، ووصلنا مسجد مزدلفة الساعة 9 مساء، ثم تحركنا الساعة الثانية صباحا من مزدلفة إلي منى، وصلينا الصبح بمنى، ورمينا جمرة العقبة الساعة 6 صباحا، ثم دفع الوالد والوالدة قيمة الهدي، وأنا أيضا دفعت قيمة الهدي، ثم حلقنا وتحللنا، في اليوم الثاني رمينا الجمرات الثلاثة الساعة 10 صباحا، وذهبنا لمكة لطواف الإفاضة، أما في اليوم الثالث تحركنا من منى الساعة 2 صباحا رمينا الجمرات، باعتبار أننا متعجلون، ومن ثم ذهبنا لمكة،فطفنا طواف الوداع، ومن ثم ذهبنا إلى جدة، ومن جدة إلي الدمام في اليوم التالي . هل هناك أي منسك من المناسك علي الوالد أو الوالدة أو انا غير مجزء ؟ وإن كان فماذا يجب علينا ؟
حيث إن والديك أتيا من الخرطوم بنية الحج وسافرا من المدينة إلى مكة بهذه النية.
فكان الواجب عليهما أن يحرما من ميقات المدينة، ولا يجوز لهما أن يحرما من مكة.
وعلى ذلك: فعلى كل منهما دم، يذبح في الحرم ويوزع على فقراء الحرم.
وأنت أيضًا وقد أتيت من الدمام بنية الحج، ولم تحرم من الميقات: فعليك دم أيضا مثلهما.
وجمهور الفقهاء على أن الرمي قبل الزوال [ = يعني: قبل الظهر ]: لا يجزئ، لما ثبت من رمي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال، وقد قال: «خذوا عني مناسككم» (رواه مسلم (1297).
وحيث إنكم رميتم قبل الزوال، فعلى كل منكم دم أيضا لعدم رمي الجمرات في وقته المشروع.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الرجم قبل الزوال ليس بصحيح في غير يوم العيد، أما يوم العيد فلا بأس، وأما الرجم في أيام التشريق قبل الزوال فإنه لا يجزئ لأنه خلاف الشرع، والرسول - صلى الله عليه وسلم- رمى بعد الزوال، وقال: «خذوا عني مناسككم»، وهكذا أصحابه رموا بعد الزوال، والعبادات توقيفية ليست بالرأي.
فمن رمى قبل الزوال: فرميه غير صحيح، وعليه دم عما ترك من الواجب"
فيكون على كل واحد منكم شاتان مقابل تركه واجبين، وهما: الإحرام من الميقات، رمي الجمرات في وقتها المحدد شرعا.
وقد ذكرت أنكم دفعتم قيمة الهدي، والحج المفرد لا يجب فيه الهدي، فليس هو كالقران والتمتع.
فإذا كنت نويت بهذا الهدي أنه من أجل ما تركتم من واجبات: فقد بقي على كل واحد منكم شاة أخرى.
وإذا كنت لم تنو ذلك: فإنه يكون تطوعا، ويبقى على كل واحد منكم شاتان؛ فإن الكفارات يشترط فيها النية، كما يشترط في سائر العبادات.
قال النووي رحمه الله: " تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَيَكْفِيهِ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّقْيِيدُ بِالْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا وَاجِبَةً". . انتهى، من "روضة الطالبين" (8/279).
وجاء في "الأشباه والنظائر"، لابن نجيم، مع شرحه: "غمز عيون البصائر" (1/73):
"أَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَالنِّيَّةُ شَرْطُ صِحَّتِهَا، عِتْقًا، أَوْ صِيَامًا، أَوْ إطْعَامًا.". انتهى.
وفي "الكافي شرح البزدوي" (3/1066):
" (لا تخلو الكفارة عن معنى العبادة العقوبة ).
أما معنى العبادة: فلأنها تؤدَّى بما هو طاعة، وهو الصوم، وتشترط النية.
وتجب مع الشبهات، أو لأنه لما جنى لم يكن بد من أن يفعل طاعة بعده، لتكون ساترة وماحية لتلك الجناية، قال عليه السلام: «أتبع السيئة الحسنة تمحها».
وأما معنى العقوبة: فلأنها وجبت جزاء، زجرًا؛ بمقابلة جنايته.."
وينظر: "قواعد الأحكام"، للعز ابن عبد السلام (1/178)، "مقاصد المكلفين" للأشقر (333).
والله تعالى أعلم.
- التصنيف: