ذكر جملة من معتقد الجهمية والرد عليها

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

حكم المحبة ثابت الأركان ***** ما للصدود بفسح ذاك يدان

إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان

وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان

فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان

ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان

وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان

ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان

فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان

وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان

حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان

والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران

شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان

يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان

أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران

أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان

واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان

ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان

ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران

هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران

لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان

قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان

وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران

وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني

وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان

وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان

هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران

ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني

أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان

والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان

هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان

سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران

وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان

وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان

وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان

لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان

قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان

فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان

فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني

ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان

جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان

بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن

ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان

قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان

وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان

كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان

وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان

وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان

وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان

فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان

شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان


فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان

وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان

والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن

لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان

والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان

ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان


فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان

ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان

هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان

وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان

قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان

والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان

فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان

وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان

واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان

واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران

واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران

واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان

هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان

فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان


فصل

وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان

ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان

بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان

وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان

فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان

وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان

قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان

أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان

ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان

وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان

فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان

وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان

فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان

تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان

تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن

فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان

العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران

والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان

كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان

ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان

هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن

هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران

لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان

هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان

او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان

بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان

فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان

وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران

وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان

وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن

وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان

أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان

لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان

وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان

وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان

كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان

وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان

وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان

وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان

وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان

وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان

هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان

وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان

وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران

وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان



والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان

والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان

ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن

والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان

ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان

وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان

وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان

ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان

لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان

فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان

إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان

وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان

وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان

لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان

فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان

بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان

ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان

فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان

وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان



والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران

وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني

ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان

مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران

فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان

حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان

أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان

وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران

والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن

هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان

ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران

Audio player placeholder Audio player placeholder
رؤية الكل

فن إدارة الحياة الزوجية

نصائح لكل من الزوج والزوجة لتهيئة حياة إسلامية سعيدة.

Audio player placeholder Audio player placeholder
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
1 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً