السلسلة العلمية المنهجية 2 (أصل الدين) الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا ...

منذ 15 ساعة
السلسلة العلمية المنهجية 2
(أصل الدين)

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام الأولين والآخرين، أما بعد:

ففي هذه الحلقة سنتناول الحديث عن أصل الدين، وهو موضوع في غاية الأهمية؛ وذلك لأنه لا يصح إيمان أحد إلا إذا أتى به.


• فما هو أصل الدين؟

أصل الدين هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه.

أربعة أمور ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإبراهيم وموسى قاما بأصل الدين؛ الذي هو الإقرار بالله، وعبادته وحده لا شـريك له، ومخاصمة من كفر بالله".([1]) انتهى كلامه.

"والبراءة ممن أشرك به سبحانه" هو ما عبَّر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية هنا بقوله: "ومخاصمة من كفر بالله"، فكلا العبارتين معناهما واحد: مخاصمة المشـركين والبراءة منهم.

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأصل الدين أن يكون الحب لله، والبغض لله، والموالاة لله، والمعاداة لله، والعبادة لله". ([2]) انتهى كلامه.

فنقول بناء على ما سبق: لو أن شخصا أتى بثلاثة أمور من أصل الدين ولم يأت بالرابع؛ كترك عبادة ما سوى الله تعالى، أو ترك البراءة ممن أشـرك به سبحانه، هل يصح إسلامه؟، الجواب: لا.
فماذا يسمى؟، يسمى مشـركا كافرا.

وهذا القدر الذي هو أصل الدين لا يعذر من لم يأت به أحد بلغ حد التكليف ولو كان جاهلا، سواء بلغته الحجة الرسالية أو لم تبلغه، أو بلفظ آخر سواء جاءه رسول أو لم يأته.

قال إمام المفسـرين ابن جرير الطبري رحمه الله بعد ذكره لشـيء من أصل الدين، قال: "لا يعذر بالجهل به أحد بلغ حد التكليف؛ كان ممَّن أتاه من الله تعالى رسول، أو لم يأته رسول، عاين من الخلق غيره، أو لم يعاين أحدا سوى نفسه".([3]) انتهى كلامه رحمه الله.

لم يعاين أحدا سوى نفسه؛ يعني لم ير إلا نفسه؛ كمن كان في جزيرة نائية ولم ير أحدا من الناس سوى نفسه.

نقول: فإذا جاءه رسول دخل في أصل الدين الإيمان به وبما جاء به على وجه الإجمال.

إذن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم منذ بعثته إلى الآن، وبما جاء به على وجه الإجمال يدخل في أصل الدين؛ لأن أصل الدين هو الشهادتان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أصل الدين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا عبده ورسوله". ([4]) انتهى كلامه رحمه الله.

• طيِّب ما معنى (الإقرار بالله)؟

يعني: الإيمان بوجوده تعالى، وأنه متصف بصفات الكمال، ومنزه عن النقائص والعيوب، وأنه سبحانه المتفرِّد بالخلق والأمر.

قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]
والأمر منه ما هو كوني؛ أي أنه سبحانه يقول للشـيء كن فيكون، ومن الأمر ما هو شرعي؛ ويتمثل بتفرده سبحانه وتعالى بالتحليل والتحريم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن أصل الدين أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه الله؛ فإن الله سبحانه في سورة الأنعام والأعراف عاب على المشـركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله، وأنهم شـرعوا من الدين ما لم يأذن به الله". ([5]) انتهى كلامه رحمه الله.

مرة ثانية: ما هو أصل الدين؟ هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشـرك به سبحانه، شرحنا الإقرار بالله.

طيب، ما معنى: عبادته سبحانه وحده، وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه؟
معناه: توحيد الله، ومحبة التوحيد وتحسينه، وموالاة أهله، وتقبيح الشـرك، واجتنابه، ومخاصمة أهله.

قال ابن القيم رحمه الله: "واعلم أنه إن لم يكن حسن التوحيد وقبح الشـرك معلوما بالعقل، مستقرا في الفطر، فلا وثوق بشـيء من قضايا العقل؛ فإن هذه القضية من أجل القضايا البديهيات، وأوضح ما ركب الله في العقول والفطر". ([6]) انتهى كلامه رحمه الله.

وموالاة أهله: هذا هو الولاء؛ موالاة المؤمنين ...، ومخاصمة أهله -يعني أهل الشـرك-: هذا هو البراء من المشركين ...

ومن هنا يتبيَّن أن الولاء والبراء يدخل في أصل الدين.

ولكن ههنا مسألة؛
وهي الفرق بين وجود العداوة للكافرين وبين إظهار العداوة، فالأول -وهو وجود العداوة- من أصل الدين، والثاني: وهو إظهار العداوة فمن واجبات الدين لا من أصله.

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله: "ومسألة إظهار العداوة غير مسألة وجود العداوة؛ فالأول: يعذر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، والثاني: لا بد منه؛ لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حب لله ورسوله تلازم كلي، لا ينفك عنه المؤمن". ([7]) انتهى كلامه.
أصل الدين كما قلنا: لا يُعذر بالجهل به أيُّ أحد؛ أي لا يصح إسلام من نقضه ولا يرتفع عنه اسم الكفر.

• لماذا لم يعتبر بجهل الرجل العاقل أو المرأة العاقلة في أصل الدين؟

لأنه مما علم وثبت بالميثاق وضرورة الفطرة والعقل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأصل الدين هو عبادة الله، الذي أصله الحب والإنابة والإعراض عما سواه، وهو الفطرة التي فطر عليها الناس". ([8]) انتهى كلامه.

وقال ابن القيم رحمه الله: "وأي شيء يصح في العقل إذا لم يكن فيه علم بقبح الشرك الذاتي، وأن العلم بقبحه بديهي معلوم بضـرورة العقل، وأن الرسل نبهوا الأمم على ما في عقولهم وفطرهم من قبحه". ([9]) انتهى كلامه رحمه الله.

ومن هنا نعلم أن أصل الدين لا يشترط فيه إقامة الحجة للحكم بالكفر على من لم يأت به؛ أي نحكم على من لم يأت بأصل الدين بالكفر، سواء أقيمت عليه الحجة أم لم تقم.

ونؤكد على أنه لا عذر لأي أحد بالجهل في هذه المسائل، التي هي من أصل الدين؛ لأنها من العلوم الضرورية المستقرة في جميع الفطر والعقول، وبالتالي فمن انتقض أصل دينه فهو مشـرك، ولكن عذابه في الدنيا والآخرة متوقف على بلوغ الحجة الرسالية إليه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة، وعدم التمكن من معرفتها؛ فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل". ([10]) انتهى كلامه رحمه الله.

سؤال: ما الذي يناقض أصل الدين؟
الجواب: الشـرك ...

حيث قلنا في تعريف أصل الدين: أنه الإقرار بالله وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه، إذن: الشرك بـالله يناقض أصل الدين وينافيه.

ومعنى الشـرك شـرعا: هو جعل الشـريك أو الند لله تعالى في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.

فمثال شـرك الربوبية: أن يجعل مع الله خالق أو رازق أو مدبر أو حاكم أو مشـرع.

ومثال الشـرك في الألوهية: السجود أوالدعاء أوالنذر أوالذبح لغير الله.

ومثال الشـرك في الأسماء والصفات: تعطيلها مثل نفي العلم والسمع والبصـر عن الله، أو تشبيهه سبحانه وتعالى بخلقه.

وكل هذا الشـرك لم يعذر فيه أحد من المشـركين بجهله؛ لأنه يناقض أصل الدين، والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حكم بكفر الأتباع والمقلدين، وحكم بكفر الأميين من أهل الكتاب مع جهلهم، وحكم بكفر جهلة مشـركي العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "من مات مشـركا فهو في النار، وإن مات قبل البعثة؛ لأن المشـركين كانوا قد غيَّروا الحنيفية دين إبراهيم واستبدلوا بها الشـرك وارتكبوه، وليس معهم حجة من الله به، وقبحه والوعيد عليه بالنار لم يزل معلوما من دين الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم، وأخبار عقوبات الله لأهله متداولة بين الأمم قرنا بعد قرن، فلله الحجة البالغة على المشـركين في كل وقت، ولو لم يكن إلا ما فطر عباده عليه من توحيد ربوبيته المستلزم لتوحيد إلهيته، وأنه يستحيل في كل فطرة وعقل أن يكون معه إله آخر، وإن كان سبحانه لا يعذب بمقتضـى هذه الفطرة وحدها، فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومة لأهلها، فالمشـرك يستحق العذاب بمخالفته دعوة الرسل، والله أعلم". انتهى كلامه رحمه الله.

وأما الجهلة من المشـركين بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من المنتسبين للإسلام وغيرهم فالأمر فيهم أشد؛ لأن غالب جهلهم جاء من جهة الإعراض عن رسالته صلى الله عليه وسلم، والإعراض بمجرده كفر، فكيف لو كان معه شـرك؟!

قال الشوكاني رحمه الله: "ومن وقع في الشرك جاهلا لم يعذر، لأن الحجة قامت على جميع الخلق بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فمن جهل فقد أتي من قبل نفسه؛ بسبب الإعراض عن الكتاب والسنة، وإلا ففيهما البيان الواضح؛ كما قال سبحانه في القرآن: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89]، وكذلك السنة: قال أبو ذر رضي الله عنه: " توفي محمد صلى الله عليه وسلم وما ترك طائرا يقلب جناحيه بين السماء والأرض إلا ذكر لنا منه علما"، أو كما قال رضي الله عنه؛ فمن جهل فبسبب إعراضه، ولا يعذر أحد بالإعراض". انتهى كلامه رحمه الله.

هذا وأدلة عدم عذر الجاهل في الشـرك والذي يناقض أصل الدين كثيرة.

منها قوله تعالى: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف: 30].

قال الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: إن الفريق الذي حق عليهم الضلالة، إنما ضلوا عن سبيل الله وجاروا عن قصد المحجة، باتخاذهم الشياطين نصـراء من دون الله وظهراء؛ جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك، بل فعلوا ذلك وهم يظنون أنهم على هدى وحق، وأن الصواب ما أتوه وركبوا.
وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادا منه لربه فيها؛ لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هاد، وفريق الهدى فرق، وقد فرق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية". ([11]) انتهى كلامه رحمه الله.

ومن الأدلة على عدم عذر الجاهل في الشـرك: قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103، 104].

قال الطبري رحمه الله: "وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته؛ وذلك أن الله -تعالى ذكره- أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية، أن سعيهم الذي سعوا في الدنيا ذهب ضلالا، وقد كانوا يحسبون أنهم محسنون في صنعهم ذلك، وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم، ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يعلم لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم يحسنون صنعه، كانوا مثابين مأجورين عليها، ولكن القول بخلاف ما قالوا، فأخبر جل ثناؤه عنهم: أنهم بالله كفرة، وأن أعمالهم حابطة". ([12]) انتهى كلامه رحمه الله.

طيب: إذا حكمنا على شخص ما بالكفر والشـرك، ما الذي يترتب على ذلك؟

يترتب على حكمنا على أحد بالكفر والشـرك ولو كان جاهلا: قطع الموالاة الإيمانية بيننا وبينه حتى يتوب إلى الله تعالى، وعدم التناكح معه أو أكل ذبيحته، وكذا عدم الاستغفار له إن مات على ذلك، وأنه لا حظ له من الحقوق التي أوجبها الله للمسلمين، وغير ذلك من الأحكام.

وأما تعذيبه في الدنيا والآخرة فهذا متوقف على قيام الحجة الرسالية، وهذا على الصحيح من أقوال العلماء، ودليله قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
ونؤكد على: أن من وقع في الشـرك من هذه الأمة فهو مشـرك كافر أيضا، وإن كان مدعيا للإسلام ناطقا بالشهادتين.

قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].

وقال تعالى بعد ذكره لأنبيائه عليهم السلام: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88].

وهذه الآيات من أقوى الأدلة على أن الإسلام يحبط بالشـرك، وأن من أشرك من هذه الأمة فهو كافر، وإن كان ناطقا بالشهادتين عاملا بشعائر الإسلام الأخرى.
ونختم بمسألتين:

الأولى: لو كان إنسان قائما بأصل الدين يعبد الله ولا يشـرك به شيئا، ويؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم، لكنه يجهل مصطلح أصل الدين.

بمعنى أنك لو سألته: ما هو أصل الدين تلعثم أو لم يحر جوابا، فلا يضـره ذلك؛ لقيامه بأصل الدين، إذ لا يضـره عدم معرفة ما اصطُلح عليه في هذه المسائل والمعاني.

والدليل على ما ذكرنا: ما جاء في الصحيحين -واللفظ للبخاري-: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معاذ)، قلت: لبيك وسعديك، ثم قال مثله ثلاثا: (هل تدري ما حق الله على العباد)، قلت: لا، قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشـركوا به شيئا).

فتصـريح معاذ رضي الله عنه بأنه يجهل حق الله على عباده لم يوقعه في الكفر أو الشرك؛ لأنه قائم بهذا الحق وإن لم يعلم الاصطلاح الشرعي الذي يدل على ذلك المعنى.

المسألة الثانية: أن إحدى المسائل التي ذكرنا أنها من أصل الدين قد يخفى على بعض طلبة العلم أنها من أصل الدين، وهي مسألة عداوة المشـركين، وموالاة المؤمنين؛ فيظن أنها من واجبات الدين لا من أصله، أو يتوقف فيها، فهذا لا يعد ناقضا لأصل الدين طالما أنه حقق البراءة من المشـركين، والموالاة للمؤمنين.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: "بحسب المسلم أن يعلم: أن الله افترض عليه عداوة المشـركين وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، وأخبر أن ذلك من شروط الإيمان، ونفى الإيمان عمن يواد {مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22]، وأما كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو لوازمها، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، إنما كلفنا بمعرفة أن الله فرض ذلك وأوجبه، وأوجب العمل به، فهذا هو الفرض والحتم الذي لا شك فيه، ومن عرف أن ذلك من معناها، أو من لازمها فهو حسن، وزيادة خير، ومن لم يعرفه فلم يكلف بمعرفته، لا سيما إذا كان الجدال والمنازعة فيه مما يفضي إلى شـر واختلاف، ووقوع فرقة بين المؤمنين، الذين قاموا بواجبات الإيمان، وجاهدوا في الله، وعادوا المشـركين، ووالوا المسلمين". ([13]) انتهى كلامه رحمه الله.

ونكتفي بهذا القدر، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا هداة مهديين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[1])) مجموع الفتاوى (16/203).
[2])) منهاج السنة النبوية (5/255).
[3])) التبصير في معالم الدين (ص126-132).
[4])) مجموع الفتاوى (1/10).
[5])) مجموع الفتاوى (20/357).
[6])) مدارج السالكين (3/455).
[7])) الدرر السنية (8/359).
[8])) مجموع الفتاوى (15/438).
[9])) مدارج السالكين (1/253).
[10])) طريق الهجرتين (ص414).
[11])) تفسير الطبري (12/388).
[12])) تفسير الطبري (18/128).
[13])) الدرر السنية (8/166).



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 100
الخميس 15 محرم 1439 ه‍ـ

683b4f9a9ea34

  • 0
  • 0
  • 28

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً