أبي عبد الرحمن شريف بن محمود سليم ١. درس تفسير الاستعاذة القولُ في تأويلِ الاستعاذةِ ١. ...
منذ 6 ساعات
أبي عبد الرحمن شريف بن محمود سليم
١. درس تفسير الاستعاذة
القولُ في تأويلِ الاستعاذةِ ١.
تأويلُ قولِه: "أعُوذُ". و الاستعاذةُ الاستجارةُ.
وتأويلُ قولِ القائلِ: "أعُوذُ باللَّهِ مِن الشيطانِ": أسْتَجِيرُ باللَّهِ دونَ غيرِه مِن سائرِ خلقِه، مِن الشيطانِ، أن يَضُرَّني في ديني، أو يَصُدَّني عن حقٍّ يَلْزَمُني لربِّي.
تأويلُ قولِه: "مِن الشيطانِ". والشيطانُ في كلامِ العربِ كلُّ مُتَمَرِّدٍ مِن الجنِّ والإنسِ والدَّوابِّ وكلِّ شيءٍ. ولذلك قال ربُّنا جلّ ثناؤُه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]. فجلذي جعَل مِن الجنِّ.
وقال عمرُ بنُ الخطابِ رحمةُ اللَّهِ عليه، وركِب بِرْذَوْنًا فجعَل يَتَبَخْتَرُ به، فجعَل يَضْرِبُه فلا يَزْدادُ إلا تَبَخْتُرًا، فنزَل عنه، وقال: ما حمَلْتُموني إلا على شيطانٍ، ما نزَلْتُ عنه حتى أنْكَرْتُ نفسي.
حدَّثنا بذلك يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرَني هشامُ بنُ سعدٍ، عن زيدِ بنِ أسْلَمَ، عن أبيه، عن عمرَ .
قال أبو جعفرٍ: وإنما سُمِّي المُتَمَرِّدُ مِن كلِّ شيءٍ شيطانًا؛ لمفارقةِ أخلاقِه وأفعالِه أخلاقَ سائرِ جنسِه وأفعالَه، وبُعدِه مِن الخيرِ. وقد قيل: إنه أُخِذ مِن قولِ القائل:شطَنَت دارِي مِن دارِك. يُريدُ بذلك: بَعُدَت. ومِن ذلك قولُ نابغةِ بني ذُبْيانَ :
نأتْ بسعادَ عنكَ نَوًى شَطُونُ … فبانَت والفؤادُ بها رَهينُ
والنَّوَى: الوجهُ الذي نوَتْه وقصَدَتْه. والشَّطونُ: البعيدُ. فكأن الشيطانَ على هذا التأويلِ فَيْعَالٌ مِن: شَطَن. ومما يَدُلُّ على أن ذلك كذلك قولُ أميةَ بنِ أبي الصَّلْتِ :
أَيُّمَا شاطِنٍ عَصَاه عَكاه … ثم يُلْقَى في السِّجْنِ والأكْبالِ
ولو كان فَعْلانَ مِن: شاط يَشِيطُ لَقال: أَيُّمَا شائطٍ. ولكنه قال: أَيُّمَا شاطنٍ؛ لأنه مِن: شَطَن يَشْطُنُ، فهو شاطنٌ.
تأويلُ قولِه: "الرَّجيمِ".
وأما الرجيمُ فهو فَعيلٌ بمعنى مفعولٍ ، كقولِ القائلِ: كفٌّ خَضيبٌ، ولحيةٌ دَهينٌ، ورجلٌ لَعينٌ. يريدُ بذلك: مخضوبةٌ، ومدهونةٌ، وملعونٌ. وتأويلُ الرجيمِ: الملعونُ المشْتومُ. وكلُّ مَشْتومٍ بقولٍ رَديءٍ أو سبٍّ فهو مَرْجُومٌ. وأصلُ الرجمِ الرَّمْيُ، بقولٍ كان أو بفعلٍ. ومِن الرجمِ بالقولِ: قولُ أبي إبراهيمَ لإبراهيمَ صلواتُ اللَّهِ عليه: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ [مريم: ٤٦].
وقد يجوزُ أن يكونَ قيل للشيطانِ: رجيمٌ؛ لأن اللَّهَ جلّ ثناؤُه طرَدَه مِن سماواتِه، ورجَمه بالشُّهُبِ الثَّواقبِ.
وقد رُوِي عن ابنِ عباسٍ أن أولَ ما نزَل جبريلُ [على النبيِّ صلى الله عليه وسلم علَّمه الاستعاذةَ] .
١. درس تفسير الاستعاذة
القولُ في تأويلِ الاستعاذةِ ١.
تأويلُ قولِه: "أعُوذُ". و الاستعاذةُ الاستجارةُ.
وتأويلُ قولِ القائلِ: "أعُوذُ باللَّهِ مِن الشيطانِ": أسْتَجِيرُ باللَّهِ دونَ غيرِه مِن سائرِ خلقِه، مِن الشيطانِ، أن يَضُرَّني في ديني، أو يَصُدَّني عن حقٍّ يَلْزَمُني لربِّي.
تأويلُ قولِه: "مِن الشيطانِ". والشيطانُ في كلامِ العربِ كلُّ مُتَمَرِّدٍ مِن الجنِّ والإنسِ والدَّوابِّ وكلِّ شيءٍ. ولذلك قال ربُّنا جلّ ثناؤُه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]. فجلذي جعَل مِن الجنِّ.
وقال عمرُ بنُ الخطابِ رحمةُ اللَّهِ عليه، وركِب بِرْذَوْنًا فجعَل يَتَبَخْتَرُ به، فجعَل يَضْرِبُه فلا يَزْدادُ إلا تَبَخْتُرًا، فنزَل عنه، وقال: ما حمَلْتُموني إلا على شيطانٍ، ما نزَلْتُ عنه حتى أنْكَرْتُ نفسي.
حدَّثنا بذلك يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرَني هشامُ بنُ سعدٍ، عن زيدِ بنِ أسْلَمَ، عن أبيه، عن عمرَ .
قال أبو جعفرٍ: وإنما سُمِّي المُتَمَرِّدُ مِن كلِّ شيءٍ شيطانًا؛ لمفارقةِ أخلاقِه وأفعالِه أخلاقَ سائرِ جنسِه وأفعالَه، وبُعدِه مِن الخيرِ. وقد قيل: إنه أُخِذ مِن قولِ القائل:شطَنَت دارِي مِن دارِك. يُريدُ بذلك: بَعُدَت. ومِن ذلك قولُ نابغةِ بني ذُبْيانَ :
نأتْ بسعادَ عنكَ نَوًى شَطُونُ … فبانَت والفؤادُ بها رَهينُ
والنَّوَى: الوجهُ الذي نوَتْه وقصَدَتْه. والشَّطونُ: البعيدُ. فكأن الشيطانَ على هذا التأويلِ فَيْعَالٌ مِن: شَطَن. ومما يَدُلُّ على أن ذلك كذلك قولُ أميةَ بنِ أبي الصَّلْتِ :
أَيُّمَا شاطِنٍ عَصَاه عَكاه … ثم يُلْقَى في السِّجْنِ والأكْبالِ
ولو كان فَعْلانَ مِن: شاط يَشِيطُ لَقال: أَيُّمَا شائطٍ. ولكنه قال: أَيُّمَا شاطنٍ؛ لأنه مِن: شَطَن يَشْطُنُ، فهو شاطنٌ.
تأويلُ قولِه: "الرَّجيمِ".
وأما الرجيمُ فهو فَعيلٌ بمعنى مفعولٍ ، كقولِ القائلِ: كفٌّ خَضيبٌ، ولحيةٌ دَهينٌ، ورجلٌ لَعينٌ. يريدُ بذلك: مخضوبةٌ، ومدهونةٌ، وملعونٌ. وتأويلُ الرجيمِ: الملعونُ المشْتومُ. وكلُّ مَشْتومٍ بقولٍ رَديءٍ أو سبٍّ فهو مَرْجُومٌ. وأصلُ الرجمِ الرَّمْيُ، بقولٍ كان أو بفعلٍ. ومِن الرجمِ بالقولِ: قولُ أبي إبراهيمَ لإبراهيمَ صلواتُ اللَّهِ عليه: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ [مريم: ٤٦].
وقد يجوزُ أن يكونَ قيل للشيطانِ: رجيمٌ؛ لأن اللَّهَ جلّ ثناؤُه طرَدَه مِن سماواتِه، ورجَمه بالشُّهُبِ الثَّواقبِ.
وقد رُوِي عن ابنِ عباسٍ أن أولَ ما نزَل جبريلُ [على النبيِّ صلى الله عليه وسلم علَّمه الاستعاذةَ] .