...

۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
فصلت لا ۔الله۔الا۔ الله
محمد۔۔۔۔۔۔رسول۔۔۔۔۔۔الله
...المزيد

الفتور في العبادة إذا مررت بحالة ” فتور العبادة ” فاعلم أن ما تشكو منه ليس مشكلة خاصة بك وحدك، بل ...

الفتور في العبادة
إذا مررت بحالة ” فتور العبادة ” فاعلم أن ما تشكو منه ليس مشكلة خاصة بك وحدك، بل هو من الحالات التي لا ينفك أن يمر بها الجميع، ليس فقط في أيامنا، بل إن أول من عاناه وطلب الدواء منه هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكن قبل أن نفكر معا في علاج الفتور دعنا ننظر إلى تعريفه وأسبابه وآثاره :

الفتور في اللغة بمعنى : سكن بعد حدة، ولانَ بعد شدّة.

وفى الاصطلاح : هو داءٌ يمكن أن يصيب بعض الناس أدناه الكسل والتراخي والتباطؤ، وأعلاه الانقطاع أو السكون بعد النشاط الدائم والحركة المستمرة..

قال تعالى: { وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون } (الأنبياء :19-20) ، أي أنهم في عبادةٍ دائمةٍ ينزهّون الله عما لا يليق به، ويصلون ويذكرون الله ليل نهار لا يضعفون ولا يسأمون.

ووضح من التعريف السابق أنّ للفتور مظاهر مثل ترك الشيء بعد المداومة عليه ، أو عدم فعله بالكيفية المطلوبة، أو فعل الشيء مع عدم الرغبة في عمله، وبالتالي يكون إجبارا أكثر منه اختيارا.

أما عن الأسباب التي تؤدّي إلى الفتور فهي كثيرة، وأهم هذه الأسباب:

1- الوقوع في المعاصي، وخاصة صغائر الذنوب..
قال تعالى: { وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } (الشورى :30) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه” رواه أحمد.
فقد يفرح الإنسان أنه لا يقع في كبائر الذنوب وله أن يفرح بذلك، ولكن لا يأخذ حذره من صغائر الذنوب ولا يبالى بها، وتؤدي به بعد ذلك إلى الفتور والتقصير في الطاعات، بل يمكن أن تؤدي به إلى فعل الكبائر.

2- الغلو والتشدُّد في الدين؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين” رواه أحمد
والغلو يكون بالانهماك في الطاعات وعدم إعطاء البدن الراحة الكافية للقيام بهذه الطاعات، فتؤثِّر الطاعات على الإنسان تأثيرًا عكسيًّا ولا تؤدي الغرض الذي من أجله تم فعلها، فتصيب النفس بحالةٍ من الكسل والدعة، وهو ما نطلق عليه الفتور.
3- الإسراف في المباحات؛ وهو عكس السبب السابق، ولكنه يؤدي إلى نفس النتيجة لأن الإسراف في المباحات يعوِّد النفس الراحة والكسل والخمول، وبالتالي ترك الطاعات أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة فينشأ في النفس حبٌّ لهذه المباحات واستثقالٌ للطاعات وعدم صبرٍ على أدائها، يقول المولى عز وجل: { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين } الأعراف : 31 ).

4- صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ” رواه الترمذي، فإنك إن صاحبت صاحب المعصية فإما أن تقع معه فيها، وإما أن تراه يفعلها ولا تنكرها عليه؛ وكلاهما منكرٌ ويؤدي إلى الفتور.

5- قلّة تذكُّر الموت وأمور الآخرة
وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة) رواه أحمد، وفى رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة) رواه الترمذي، فتذكّر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائمًا في شعورٍ حيٍ واتصالٍ وثيقٍ بالله لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاقى الله عز وجل وعدم تذكّر الموت والآخرة يؤدّي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور والكسل والدعة.

وأما عن آثار الفتور في العبادة

فهو يجعل الإنسان ينتقل من حالٍ إلى حال، ومن حركةٍ ودأبٍ إلى خمولٍ وكسل، ومن صلةٍ طيِّبةٍ وقويَّةٍ بالله إلى صلةٍ ضعيفةٍ به؛ وبالتالي ينقلب الميزان الذي يقيس به الإنسان أعماله وتصبح الأعمال السيئة أكثر من الأعمال الحسنة.

أما عن العلاج من الفتور في العبادة

فالعلاج ابتداءً هو مخالفة الأسباب، فكل سببٍ ذكرناه سابقًا من أسباب الفتور في العبادة يكون فعل عكسه هو خطوة في طريق العلاج، ومع هذا لا بأس من ذكر بعض الوسائل العملية للعلاج بجانب ما سبق:
1- عليك أن تبدأ كل عملٍ من الأعمال التعبديّة بشحن النفس تجاه هذا العمل، ولنأخذ مثالاً على ذلك بالصلاة.. فإذا قمت إلى الصلاة عليك أن تستحضر في ذهنك أو تكتبها في ورقةٍ وتقرأها كل الآيات والأحاديث الواردة في الصلاة، وفضلها، وثوابها، ووقتها، وفضل الخشوع فيها… ومن الأمثلة على ذلك:
- { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} البقرة :43
-{واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا عَلَى الخاشعين} البقرة :45.
- {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} (البقرة : 238)
- { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا } (النساء : 103).
- {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} (العنكبوت : 45)
وهكذا بالنسبة لآيات الصلاة أو معظمها، أما الأحاديث:
- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: “فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا” رواه مسلم.
- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر” رواه مسلم.
- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة” متفق عليه.
وهكذا بالنسبة لباقي الأحاديث أو معظمها؛ فإنك إن جمعت الآيات والأحاديث الواردة في الموضوع وكتبتها في ورقة وقرأتها قبل كل صلاة، فبذلك ستجدد بداخلك معاني الطاعات والعبادات كي لا تتحول العبادة إلى عادة، ولكن لتؤدي هذه الوسيلة ثمارها، فعليك بالمداومة عليها ومثل ذلك في باقي العبادات مثل الصوم والذكر… إلخ.

2- عليك قبل أن تبدأ في الأعمال التعبدية أن تسأل نفسك: لماذا أفعلها؟ وتحضر ورقةً وقلمًا وتدوّن كل نواياك في هذا العمل، وفكر في نوايا كثيرة وسجّلها، وستحصل على كميّةٍ كبيرةٍ من النوايا كنت غافلاً عنها وأنت تقوم بهذا العمل، فيساعدك هذا على استشعار قيمة هذا العمل وحجم الثواب الذي ستحصل عليه من ورائه، وسيزيد ذلك من إيمانك ومن إقبالك عليه.

3- القراءة في كتب الرقائق والآخرة مثل كتاب “الإيمان أولا فكيف نبدأ به” للدكتور مجدي الهلالي، فإنه يعطيك صورةً جيِّدةً عن الإيمان، وكيفية تزويده، والوسائل العملية لذلك، ولا تنس أن تكون القراءة مع التطبيق لتتحقق الفائدة المرجوة.

4- كثرة الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات وقبل النوم وفي كل حال.
...المزيد

الفتور وضعف الهمة أسبابه ومظاهره وعلاجه إن مِن أخطر الأمراض التي تصيب العاملين في حقل الدعوة إلى ...

الفتور وضعف الهمة أسبابه ومظاهره وعلاجه
إن مِن أخطر الأمراض التي تصيب العاملين في حقل الدعوة إلى الله: "الفتور"، وعندما يُذكر الفتور يتبادر إلى الذهن عند الكثيرين الفتور عن بعض العبادات الشخصية: كالصيام، والقيام، والذكر، وقراءة القرآن، ولكن في الحقيقة الأمر أعم من ذلك، ومفهوم الفتور أوسع من ذلك، فيشمل: الفتور في طلب العلم، وفيما يتعلق بالسلوك والتربية، وفيما يتعلق بالدعوة إلى الله، وفي كل جوانب الدين.
تعريف الفتور:


فتر: أي سكن بعد حدة، ولان بعد شدة، فالفتور: انكسار وضعف بعد صلابة وقوة، فالفتور مرض يصيب الأقوياء، ويفت في عضد كل من يتطلع إلى الكمال في الدين، وعلى هذا فإن الأمر يزداد خطورة؛ لأنه مرض يستهدف شريعة أهل الإيمان والعاملين المنتجين والمجتهدين في العمل والدعوة الذين تنهض بهم الأمة.

فضل علو الهمة


قد مدح الله المؤمنين بأنهم: (يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) (آل عمران:191)، ووصفهم بأنهم: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) (السجدة:16).


حَث السُنة على المداومة وعدم الانقطاع عن الطاعات

- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) (متفق عليه)
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي؛ فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَقَدْ هَلَكَ) (رواه أحمد والبيهقي، وصححه الألباني)
- وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنْ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ) (متفق عليه).
قال القائل: لكل إلى شأو العلا حركات، ولكن عزيز في الرجال ثبات
ومِن ثّمَّ قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ) (متفق عليه)
وفي "صحيح مسلم" عن حنظلة الأسيدي قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا تَقُولُ؟! قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَمَا ذَاكَ؟!) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ؛ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلادَ وَالضَّيْعَاتِ فنَسِينَا كَثِيرًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أنكم تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ؛ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً) ثَلاثَ مَرَّاتٍ. (رواه مسلم).
- ومِن صفات الملائكة العظيمة التي ذكرها الله في سياق مدحهم أنهم: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) (الأنبياء:20)، أي أنهم في طاعة وعبادة دائمة.


خطورة الفتور وضعف الهمة في الدنيا والآخرة


1- والفتور الدائم من صفات المنافقين،
كما قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء:142).
وقال الله عز وجل: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً، وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) (التوبة:42). ثبطهم: يعني أخرهم عن الخروج، وذلك بسبب فتورهم وضعف همتهم، والركون إلى الكسل بدلاً من الاجتهاد والنشاط في ساعة الشدة.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) (رواه البخاري).


2- الفتور يؤخر عن الوصول إلى درجة المحبوبية؛ لأن الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بمواصلة الطاعة والجد والاجتهاد فيها، والنشاط الدائم بمواصلة الفرائض بالنوافل.
لقول الله تعالى في الحديث القدسي: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي؛ لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي؛ لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) (رواه البخاري).
فيترتب على ذلك معية الله ونصرته وتأييده؛ لذلك قال الله عز وجل في معرض الإعداد لموسى وهارون عليهما السلام في مواجهة فرعون: (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) (طه:41)، أي: لا تفترا عن ذكر الله، ولا تضعفا عنه.

3- الفتور يؤخر صاحبه في الدنيا؛ فيحرم الدرجات العالية في الجنة، فالفتور قصور، ومدة العمر قصيرة، فالتقصير في مدة قصيرة خسران بعيد.
قال معاذ بن جبل: "لا يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها".
مظاهر الفتور عن العبادة وضعف الهمة


1. الاستهتار بالأمانة وعدم استشعار المسئولية، وأهم الأمانات وأعظم المسئوليات: الدعوة إلى الله.
2. التكاسل عن العبادات والطاعات، والإحساس بالثقل إذا أداها لا سيما الصلاة.
3. ترك الشيء بعد المداومة عليه، أو عدم فعله بالكيفية المطلوبة، أو فعله مع عدم الرغبة فيه.
4. ضياع الوقت، وعدم الاستفادة منه.
5. التسويف والتأجيل، فما يمكن أداؤه في يوم يُفعل في أسبوع، بل في شهر.
6. ضعف المشاعر الدينية تجاه ما يحدث للمسلمين ومقدساتهم وما يفعله الكفار في بلاد المسلمين.
7. الفوضوية في العمل، وكثرة النقد للأعمال الإيجابية؛ تنصلاً من العمل.
8. احتقار الطاعات والقربات التي يقوم بها الآخرون.
9. كثرة الاعتذار والتهرب من العمل.
10. استصغار الذنوب، وعدم المبالاة بفعل المنكرات.
11. ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
12. عدم الغضب عندما تنتهك حرمات الله.
13. ترك طلب العلم وترك دروس العلماء، والقناعة بتحصيل القليل من العلم.


أسباب الفتور وضعف الهمة

1- الوهن: وهو ما فسره رسول صلى الله عليه وسلم: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
أما حب الدنيا: فرأس كل خطيئة كما في الحكمة المشهورة، وهو أصل التثاقل إلى الأرض، وسبب الاستئسار للشهوات، والانغماس في الترف.
وأما كراهية الموت: فثمرة حب الدنيا والحرص على متاعها مع تخريب الآخرة، فيكره أن ينتقل من العمران إلى الخراب، قال الطغرائي مبينًا حب السلامة في الانحطاط بالهمة والفتور: حبُّ السلامة يثني عزمَ صاحبه عن المعالي ويغري المرءَ بالكسل إن حب الدنيا وكراهية الموت صنوان لا يفترقان، وإن الهمة العالية لا تسكن القلب الجبان، فأين مَن هذا حاله ممن قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طُوبَى لِعَبْدٍ أخَذَ بِعِنانِ فَرَسِهِ في سَبِيلِ الله، أشْعَثَ رَأسُهُ، مُغْبَرَّةٌ قَدَماهُ، إنْ كانَ في الحِراسَةِ؛ كانَ في الحِراسَةِ، وإنْ كانَ في السَّاقَةِ؛ كانَ في السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ؛ لَمْ يُؤذَنْ لَهُ، وإنْ شَفَعَ؛ لَمْ يُشفَّعْ)؟ (رواه البخاري).

2- إهدار الوقت الثمين في الزيارات والسمر وفضول المباحات: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) (رواه البخاري).
والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع

3- العجز والكسل: وهما العائقان اللذان أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم التعوذ منهما بالله سبحانه وتعالى، وقد يعذر العاجز؛ لعدم قدرته، بخلاف الكسول الذي يتثاقل ويتراخى عما ينبغي مع القدرة، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً، وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) (التوبة:42).
وقد ترى الرجل موهوبًا ونابغًا فيأتي الكسل فيُخذل همته، ويمحق موهبته، ويطفئ نور بصيرته، ويشل طاقته، قال الفراء رحمه الله: "لا أرحم أحدًا كرحمتي لرجلين: رجل يطلب العلم ولا فهم له، ورجل يفهم ولا يطلبه، وإني لأعجب ممن وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم".
قال المتنبي: ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا كنقص القادرين على التمام

4- الغفلة: وشجرة الغفلة تُسقى بماء الجهل الذي هو عدو الفضائل كلها، قال عمر رضي الله عنه: "الراحة للرجال غفلة"، وقال شعبة بن الحجاج: "لا تقعدوا فراغًا فإن الموت يطلبكم". وسئل ابن الجوزي: "أيجوز أن أفسح لنفسي في مباح الملاهي؟!"، فقال: "عند نفسك من الغفلة ما يكفيها". قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:1)، وقال الله تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق:22)، (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (مريم:39).

5- التسويف والتمني:
وهما صفة بليد الحس، عديم المبالاة الذي كلما همت نفسه بخير إما يعيقها بـ"سوف" حتى يفجأه الموت، فيقول: (رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) (المنافقون:10)، وإما يركب بها بحر التمني، وهو بحر لا ساحل له، يدمن ركوبه مفاليس العالم. قال رجل لابن سيرين: "إني رأيت في منامي أني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح! فما تفسير هذه الرؤيا؟" فقال له: "أنت رجل كثير الأماني والأحلام". قال الناظم: وانتبه من رقدة الغفلة فـــالــعــمـر قــــلـيـــل واطـرح سوف وحـتى فــهــمـا داءٌ دخــــيــل وقال آخر: مـن كـان مـرعـى عـزمه وهـمـومـه روض الأمـانـي لـم يـزل مـهـزولاً

6- مصاحبة من تغشاه الفتور ورقدت به همته:
الذي كلما هممت بالنهوض؛ جذبك إليه، وغرَّك قائلاً: "أمامك ليل طويل فارقد"، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) (رواه مسلم).
ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة، فما الظن بالنفوس البشرية؟! ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي

7- العشق: لأن صاحبه يحصر همته في حصول معشوقه فيلهيه عن حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50). فالعشق يمنع القرار، ويسلب المنام، ويحدث الجنون، وكم من عاشق أتلف في معشوقه ماله وعرضه ونفسه، وأتلف دينه ودنياه، والعشق بذلك يترك الملِك مملوكًا، والسلطان عبدًا، ترى الداخل فيه يتمنى الخلاص، ولات حين مناص!

8- الانحراف في فهم العقيدة: لا سيما مسألة "القضاء والقدر"، وعدم تحقيق التوكل على الله سبحانه وتعالى.

9- الفناء في ملاحظة حقوق الأهل والأولاد واستغراق الجهد في التوسع في تحقيق مطالبهم: نظرًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ) (رواه البخاري).
وقد عدَّ "القرآن الكريم" الأهل والأولاد أعداء للمؤمن إذا حالا بينه وبين طاعة الله عز وجل، روى ابن جرير عن عطاء بن يسار في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (التغابن:14)، قال: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو؛ بكوا إليه ورققوه، فقالوا: "إلى من تدعُنا" فيرق ويقيم، فنزلت هذه الآية.

10- المناهج التربوية والتعليمية الهدامة: التي تثبط الهمم، وتخنق المواهب، وتكبت الطاقات، وتخرب العقول، وتنشئ الخنوع، وتزرع في الأجيال ازدراء النفس، وتعمق فيها احتقار الذات والشعور بالدونية، مثل: المناهج الصوفية التي تُعرِض عن علوم القرآن والسنة، وتُرهِّب مريديهم من طلب العلم الشرعي حتى سقط من كم أحدهم يومًا قلم كان يخفيه؛ خشية أن يفتضح بينهم بطلب العلم! فقال له شيخه: "استر عورتك!".
وكذلك المناهج التعليمية والتربوية التي ارتضت العالمانية دينًا، فراحت تسمم آبار المعرفة التي يستقي منها شباب المسلمين؛ لتخرج أجيالاً مقطوعة الصلة بالله، تبتغي العزة في التمسح على أعتاب الغرب، وتأنف من الانتساب إلى الإسلام!

11- توالي الضربات، وازدياد اضطهاد العاملين للإسلام: مما ينتج الشعور بالإحباط في نفوس الذين لا يفقهون حقيقة البلاء وسنن الله في خلقه، كما ينتج عنه: استطالة الطريق؛ فيضعف السير إلى الله عز وجل، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعزي أصحابه المضطهدين في "مكة" بتبشيرهم بأن المستقبل للإسلام، وبأن العاقبة للمتقين، كما في حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه أنه قال: "شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: (قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) (رواه البخاري).
أخي ستبيد جيوش الظلام ويشرق في الكون فجر جديد فأطـلـق لـروحك إشراقـها تـرى الفـجـر يرمقنا من بعيد

12- الغلو والتشدد وتحميل النفس ما لا تطيق: فيخالف بذلك الهدي النبوي، ثم يفتر ويمل، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ؛ فَقَالَ: (مَا هذَا الْحَبْلُ؟!) قَالُوا: هذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ؛ تَعَلَّقَت. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ، حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ) (متفق عليه).
وكذلك حديث الثلاثة الذي تقالوا عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي؛ فَلَيْسَ مِنِّي) (متفق عليه).

13- الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: (كَلاَّ، بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين:14)، قال أنس: "هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب". وقيل لعبد الله بن مسعود: "لا نستطيع قيام الليل". فقال: "أبعدتكم الذنوب والمعاصي".
وقال أحد السلف: "حرمتُ قيام الليل أربعين ليلة بذنب أصبته". وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ) (رواه أحمد، وقال الألباني: صحيح لغيره).

علاج الفتور وضعف الهمة


1- العلم والبصيرة: فالعلم يصعد بالهمة، ويورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال، فيتقي فضول المباحات التي تشغله عن التعبد: كفضول الأكل، والنوم، والكلام، ويراعي التوازن والوسطية بين الحقوق والواجبات؛ امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ)، ويبصره بحيل إبليس وتلبيسه عليه؛ كي يحول بينه وبين ما هو أعظم ثوابًا.

2- إرادة الآخرة، وجعل الهموم همًّا واحدًا: قال الله تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) (الإسراء:19)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

3- كثرة ذكر الموت: لأنه يدفع إلى العمل للآخرة، ومحاسبة النفس، وتجديد التوبة، وإيقاظ العزم على الاستقامة، والتجافي عن دار الغرور.

4- الدعاء: لأنه سنة الأنبياء، وجالب كل خير، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ) (رواه البيهقي، وصححه الألباني)، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة: (اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ) (متفق عليه).

5- الاجتهاد في شغل النفس بالحق والطاعة والخير: قال الحسن: "نفسك إن لم تشغلها بالحق؛ شغلتك بالباطل".


6- التحول عن البيئة المثبطة الداعية إلى الفتور: فإن للبيئة المحيطة بالإنسان أثرًا جسيمًا لا يخفى، فإذا كانت بيئة مثبطة داعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون؛ فإنه على المرء أن يهجرها إلى حي تعلو همته؛ كي يتحرر من سلطان تأثيرها، وينعم بفرصة الترقي إلى المطالب العالية.

7- صحبة أولي الهمم العالية ومطالعة أخبارهم: فالطيور على أشكالها تقع، وكل قرين بالمقارن يقتدي، وعن أنس ـ رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ مِنَ النّاسِ ناسًا مَفاتِيح لِلْخَيْرِ مَغالِيق لِلشّرِّ، وإنّ مِنَ النّاسِ ناسًا مَفاتِيح لِلشَّرِّ مَغالِيقَ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني). وقالت العرب: "لولا الوئام؛ لهلك الأنام"، وقال أحد السلف: "إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه". قال الناظم: أنت في الناس تقاس بالذي اخترت خليلاً فاصحب الأخيار تعلو وتـنـل ذكـرًا جـميلاً

8- نصيحة المخلص: فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) (رواه مسلم، وأحمد واللفظ له).

9- المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200)، وقال الله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج:78)، وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69). فكبير الهمة لا يستسلم للأمر الواقع، بل يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حماية لهمته من أن همد ووقاية لها من الفتور.

10- تعاهد الإيمان ومراقبة القلب دائمًا: كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنّ الإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ) (رواه الطبراني والحاكم، وصححه الألباني).

ونسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا، وأن يحفظنا بحفظه، ويعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.

منقول بتصرف يسير
...المزيد

كيف تحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان؟ تُرى كيف يكون الإنسان مقبلا على الطاعة في شهر رمضان بشكل ...

كيف تحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان؟
تُرى كيف يكون الإنسان مقبلا على الطاعة في شهر رمضان بشكل كبير وهو في غاية السعادة بذلك، ويريد بعد انقضاء الشهر الكريم أن يحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان ويستمر على نفس الأسلوب حتى يستطيع القيام بواجباته ليحافظ على ما كان عليه خلال ثلاثين يوما كاملة من شهر رمضان وحتى لا يشعر بتقصير كبير.

الأكيد أن لشهر رمضان الكريم روح خاصة.. نعم، وهذه الروح هي السبب الذي يجعل المسلمين على اختلاف طباعهم وأحوالهم يكون لهم تعامل خاص مع الله في هذا الشهر، والمؤمن الكيس هو الذي يجعل رمضان محطة زاد وإعداد يعيش على روحه حتى يلقاه بعد عام، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً) ولذلك روي عن أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أنهم كانوا يتهيؤون لرمضان ويستقبلونه من قبله بستة أشهر، ويظلون في وداعه ستة أشهر، فهم يعيشون العام كله في رحاب رمضان.

وليعلم من يريد أن يحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان، أنه من بركة الطاعة أن ييسر الله لطاعة بعدها، فإذا رأى الله عز وجل من قلبك إقبالا صادقا عليه، وتقربا مخلصا منه فإن الله عز وجل أكرم، فهو الذي قال: (من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا…)..

ويبقى دور الإنسان في الحفاظ على هذا الخير الذي تحصل عليه في رمضان، وفي ما يلي هذه بعض النصائح التي نسأل الله أن ينتفع بها الإنسان الذي يسعى للتقرب من ربه:

1- اجتهد في الحفاظ على البيئة والروح.. فالبيئة التي كنت تعيشين فيها الطاعة والخير خلال شهر رمضان من صحبة الصالحين وزيارة المراكز الإسلامية والتواصل مع أنشطة الخير، هذه البيئة هي التي تعينك على الاستمرار والمواصلة.

2- اعلم أن للنفس إقبالاً وإدبارًا، وأنه من غير الطبيعي أن يظل الإنسان على نفس المستوى الإيماني والروحي أبدا، لكنه يعلو وينخفض ويزيد وينقص.. المهم ألا يجعل الشيطان هذا النقصان بابا لإدخال اليأس والإحساس القاتل بالتقصير إلى نفسك، فتقارن بين حالك في رمضان وحالك بعده، فترى الفرق بين الحالين، فتحس بأنك أصبحت من المفرطين، فتترك ما أنت عليه من خير.. عافاك الله من مزالق الشيطان وتلبيسه.

3- اجعل لنفسك وردًا يوميا من الأعمال التي كنت تداوم عليها في رمضان، خاصة الأعمال التي وجدت لها في قلبك أثرا، وأحسست بحلاوتها، فإذا كان القرآن في رمضان هو الأقرب إلى قلبك والأحب، فاجعل لنفسك منه قسطا يوميا، وحبذا لو كان بنفس الطريقة التي اعتدت قراءته بها في رمضان.. من حيث الوقت والمكان والكيفية.. قدر استطاعتك… وهكذا.

4- اتفق مع أحد إخوانك أو أصدقائك المقربين، ممن كانوا عوناً لك في رمضان على أن تأخذ بأيدي بعضكم البعض بعده، وأن تتواصوا بالطاعة والخير.

5- اجتهد في صيام الست من شوال، والعشر الأوائل من ذي الحجة، وعاشوراء، وتلمس مواسم الخير والطاعة، وتعرض لنفحات الله، فإن كل ذلك يحافظ على قربك، ويري الله الصدق منك.

6- أكثر من الصدقة، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصدقة تطفئ الخطيئة).

7- ليكن لك ورد ولو بسيط في نصح من حولك ودعوتهم إلى ما تحس به من فضل الله وخير الطاعة ونورها، فإن نصيحتك ودعوتك من حولك عامل مساعد لك في التزام ما تدعوهم إليه.

8- وقبل كل ذلك وأثناءه وبعده.. استعن بالدعاء والتزم باب الله الكريم، واسأله أن يأخذ بيدك إليه، وأن يحفظ عليك نعمة الطاعة والقربى منه، وأن يجعل أيامك كلها رمضان.
...المزيد

سبحان الله ✿ الحمدلله ✿ لا إله إلا الله ✿ الله أكبر ✿ لا حول ولا قوة إلا بالله ✿ أستغفر الله

سبحان الله ✿ الحمدلله ✿ لا إله إلا الله ✿ الله أكبر ✿ لا حول ولا قوة إلا بالله ✿ أستغفر الله

إختلف الإمامان الجليلان ​مالك و الشافعي​ رضي الله عنهما ، فالإمام مالك يقول : أن الرزق بلا ...

إختلف الإمامان الجليلان
​مالك و الشافعي​ رضي الله عنهما ،

فالإمام مالك يقول :
أن الرزق بلا سبب بل لمجرد
التوكل الصحيح على الله يُرزق الإنسان
مستنداً للحديث الشريف 👇
​لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم​
​كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا​

أما إمامنا الجليل الشافعي ،
فيخالفه في ذلك ، فيقول :
​لولا غدوها و رواحها ما رزقت​ ،
أي إنه لا بد من السعي .

و كل على رأيه 😌

فإمامنا مالك وقف عند
( لرزقكم كما يرزق الطير )
و تلميذه الشافعي قال :
لولا الغدو و الرواح لما رزقت .

فأراد التلميذ أن يثبت لأستاذه صحة قوله ،
فخرج من عنده مهموماً يفكر ،
فوجد رجلاً عجوزاً يحمل كيساً من البلح
و هو ثقيل فقال له :
أحمله عنك يا عماه و حمله عنه ،
فلما وصل إلى بيت الرجل ،
أعطاه الرجل بضع تمرات
إستحساناً منه لما فعله معه 😊

هنا ثارت نفس الشافعي و قال :
الآن أثبت ما أقول ،
فلولا أني حملته عنه ما أعطاني
و أسرع إلى أستاذه مالك و معه التمرات
و وضعها بين يديه و حكى له ما جرى
و هنا إبتسم الإمام الرائع مالك
و أخذ تمرة و وضعها في فَيِهْ و قال له :
و أنت سُقت إلي رزقي دونما تعب مني .

فالإمامان الجليلان إستنبطا
من نفس الحديث حكمين مختلفين تماماً
و هذا من سعة رحمة الله بالناس .

هي ليست دعوة للتواكل ،
بل دعوة للفهم بالعلم ولمعرفة كيف تناقش خلافات العلم بين اهل العلم .

لذا سألحقها بقصة جميلة
عن التاجر ​إبراهيم بن أدهم​ .

فيحكى أنه كان في سفر له و كان تاجراً كبيراً
و في الطريق وجد طائراً قد كسر جناحه ،
فأوقف القافلة و قال :
والله لأنظرن من يأتي له بطعامه ،
أم أنه سيموت ؟ فوقف ملياً ،
فإذا بطائر يأتي و يضع فمه
في فم الطائر المريض و يطعمه .

هنا قرر إبراهيم أن يترك كل تجارته
و يجلس متعبداً بعد ما رأى من كرم الله و رزقه ،
فسمع الشبلي بهذا فجاءه و قال :
ماذا حدث لتترك تجارتك و تجلس في بيتك هكذا ؟

فقص عليه ما كان من أمر الطائر
فقال الشبلي قولته الخالدة :
يا إبراهيم ، لم إخترت أن تكون الطائر الضعيف
و لم تختر أن تكون من يطعمه ؟

و لعله يقول في نفسه
حديث الرسول صلى الله عليه و سلم :
( المؤمن القوي خير و أحب
إلى الله من المؤمن الضعيف ) .

يا الله على هذا الفهم الرائع
و الإستيعاب للرأي الآخر
إذا كان له مسوغ شرعي .

الخلاصة :
هنالك أرزاق بلا سبب فضلاً من الله و نعمة
و هنالك أرزاق بأسباب لا بد من بذلها .

من روائع ما قرأته اليوم
...المزيد

العرب-طيبة تعطينا المٶسسة ومٶسسة اخری يعني اهلنا ۔۔۔والحق باهلك3 انتهی

العرب-طيبة تعطينا المٶسسة ومٶسسة اخری يعني اهلنا ۔۔۔والحق باهلك3
انتهی

موقف الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي من عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية الحافظ ابن حجر العسقلاني إمام ...

موقف الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي من عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية
الحافظ ابن حجر العسقلاني إمام مشهور ، توفي عام 852 هـ ، وهو صاحب التصانيف النافعة ، مثل " فتح الباري شرح صحيح البخاري " ، و " التلخيص الحبير " ، و " تهذيب التهذيب " وغيرها ، وكان للحافظ ابن حجر كلمات متفرقات في شيخ الإسلام ابن تيمية ، شهد له بها بالعلم والفضل والدفاع عن السنَّة ، ويهمنا نقل كلامه رحمه الله في شيخ الإسلام ثناء ومدحاً ؛ ليتبين خطأ من قال إن الحافظ رحمه الله لا يقدِّر شيخ الإسلام ابن تيمية ! .
وهذه نُبذ من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في حق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

1- ألَّف الشيخ ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه " الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر " ردّاً على واحدٍ متعصبي الأحناف زعم أنه لا يجوز تسمية ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، وأنه من فعل ذلك فقد كفر ! ، وقد ذكر فيه خمساً وثمانين إماماً من أئمة المسلمين كلهم وصف ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، ونقل أقوالهم من كتبهم بذلك ، ولما قرأ الحافظ بن حجر رحمه الله هذا الكتاب – " الرد الوافر " - كتب عليه تقريظاً ، وهذا نصه :

، وسلام على عباده الذين اصطفى .

وقفتُ على هذا التأليف النافع ، والمجموع الذي هو للمقاصد التي جمع لأجلها جامع ، فتحققت سعة اطلاع الإمام الذي صنفه ، وتضلعه من العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرَّفه ، وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس ، وتلقيبه بـ " شيخ الإسلام " في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ، ويستمر غداً كما كان بالأمس ، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره ، أو تجنب الإنصاف ، فما أغلط من تعاطى ذلك وأكثر عثاره ، فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور أنفسنا ، وحصائد ألسنتنا بمنِّه وفضله ، ولو لم يكن من الدليل على إمامة هذا الرجل إلا ما نبَّه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في " تاريخه " : أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة الشيخ تقي الدين ، وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جدّاً شهدها مئات ألوف ، ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد أو أضعاف ذلك : لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته ، وأيضاً فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد ، وكان أمير بغداد وخليفة ذلك الوقت إذا ذاك في غاية المحبة له والتعظيم ، بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلد حين مات غائباً ، وكان أكثر مَن بالبلد مِن الفقهاء قد تعصبوا عليه حتى مات محبوساً بالقلعة ، ومع هذا فلم يتخلف منهم عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف عليه إلا ثلاثة أنفس ، تأخروا خشية على أنفسهم من العامة .

ومع حضور هذا الجمع العظيم : فلم يكن لذلك باعث إلا اعتقاد إمامته وبركته ، لا بجمع سلطان ، ولا غيره ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أنتم شهداء الله في الأرض ) رواه البخاري ومسلم.

ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة من العلماء مراراً ، بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع ، وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة ، وبدمشق ، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ، ولا حكم بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه حينئذ من أهل الدولة ، حتى حبس بالقاهرة ، ثم بالإسكندرية ، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه ، وكثرة ورعه ، وزهده ، ووصفه بالسخاء ، والشجاعة ، وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام ، والدعوة إلى الله تعالى في السر والعلانية ، فكيف لا يُنكر على مَن أطلق " أنه كافر " ، بل من أطلق على من سماه شيخ الإسلام : الكفر ، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك ؛ فإنه شيخ في الإسلام بلا ريب ، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ، ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عناداً ، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم ، والتبري منه ، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب ، فالذي أصاب فيه - وهو الأكثر - يستفاد منه ، ويترحم عليه بسببه ، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه ، بل هو معذور ؛ لأن أئمة عصره شهدوا له بأن أدوات الاجتهاد اجتمعت فيه ، حتى كان أشد المتعصبين عليه ، والقائمين في إيصال الشر إليه ، وهو الشيخ كمال الدين الزملكاني ، يشهد له بذلك ، وكذلك الشيخ صدر الدين بن الوكيل ، الذي لم يثبت لمناظرته غيره .
ومن أعجب العجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قياماً على أهل البدع من الروافض ، والحلولية ، والاتحادية ، وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة ، وفتاويه فيهم لا تدخل تحت الحصر ، فيا قرة أعينهم إذا سمعوا بكفره ، ويا سرورهم إذا رأوا من يكفر من لا يكفره ، فالواجب على من تلبّس بالعلم وكان له عقل أن يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشتهرة ، أو من ألسنة من يوثق به من أهل النقل ، فيفرد من ذلك ما يُنكر ، فيحذِّر منه على قصد النصح ، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك ، كدأب غيره من العلماء ، ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف : لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته ، فكيف وقد شهد له بالتقدم في العلوم ، والتميز في المنطوق والمفهوم أئمة عصره من الشافعية وغيرهم ، فضلاً عن الحنابلة ، فالذي يطلق عليه مع هذه الأشياء الكفر ، أو على من سمَّاه " شيخ الإسلام " : لا يلتفت إليه ، ولا يعوَّل في هذا المقام عليه ، بل يجب ردعه عن ذلك إلى أن يراجع الحق ، ويذعن للصواب ، والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل ، وحسبنا الله ، ونعم الوكيل .
صفة خطه أدام الله بقاءه.

قاله ، وكتبه : أحمد بن علي بن محمد بن حجر الشافعي ، عفا الله عنه ، وذلك في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول ، عام خمسة وثلاثين وثمانمائة ، حامداً لله ، ومصليّاً على رسوله محمد ، وآله ومسلماً .
" الرد الوافر " للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي ( ص 145 ، 146 ) ، ونقل الحافظ السخاوي – تلميذ ابن حجر – كلام شيخه في كتابه " الجواهر والدرر " ( 2 / 734 – 736 ) .

2- ترجم الحافظ ابن حجر لشيخ الإسلام ابن تيمية ، عليهما رحمة الله ، ترجمة حفيلة في كتابه " الدرر الكامنة " ، قال في أولها :

" .. وتحول به أبوه من حران سنة 67 ، فسمع من ابن عبد الدائم والقاسم الأربلي والمسلم ابن علان وابن أبي عمر والفخر في آخرين ، وقرأ بنفسه ونسخ سنن أبي داود وحصل الأجزاء ونظر في الرجال والعلل ، وتفقه وتمهر ، وتميز وتقدم ، وصنف ودرس وأفتى ، وفاق الأقران ، وصار عجباً في سرعة الاستحضار وقوة الجنان والتوسع في المنقول والمعقول والإطالة على مذاهب السلف والخلف .. " انتهى .

الدرر الكامنة ، في أعيان المئة الثامنة "1/168) .

وقد نقل في هذه الترجمة كثيرا من نصوص الأئمة ، في الثناء على شيخ الإسلام رحمه الله ، والإقرار بإمامته في علوم المعقول والمنقول ، ومن ذلك قوله :

3- " وقرأت بخط الحافظ صلاح الدين العلائي ، في ثبت شيخ شيوخنا الحافظ بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل ، ما نصه : وسمع بهاء الدين المذكور على الشيخين شيخنا وسيدنا وإمامنا فيما بيننا وبين الله تعالى ، شيخ التحقيق ، السالك بمن اتبعه أحسن طريق ، ذي الفضائل المتكاثرة ، والحجج القاهرة ، التي أقرت الأمم كافة أن هممها عن حصرها قاصرة ، ومتعنا الله بعلومه الفاخرة ونفعنا به في الدنيا والآخرة ، وهو الشيخ الإمام العالم الرباني والحبر البحر القطب النوراني ، إمام الأئمة ، بركة الأمة ، علامة العلماء ، وارث الأنبياء ، آخر المجتهدين ، أوحد علماء الدين ، شيخ الإسلام ، حجة الأعلام ، قدوة الأنام ، برهان المتعلمين ، قامع المبتدعين ، سيف المناظرين ، بحر العلوم ، كنز المستفيدين ، ترجمان القرآن ، أعجوبة الزمان ، فريد العصر والأوان ، تقي الدين ، إمام المسلمين ، حجة الله على العالمين ، اللاحق بالصالحين ، والمشبه بالماضين ، مفتي الفرق ، ناصر الحق ، علامة الهدى ، عمدة الحفاظ ، فارس المعاني والألفاظ ، ركن الشريعة ، ذو الفنون البديعة ، أبو العباس ابن تيمية !! "

الدرر الكامنة (186-187) .
...المزيد

اللهم إجعلنا من المحافظين على الصلاة في أوقاتها اللهم إرزقنا الخشوع فيها و آدائها على الوجه الذي ...

اللهم إجعلنا من المحافظين على الصلاة في أوقاتها اللهم إرزقنا الخشوع فيها و آدائها على الوجه الذي يرضيك عنا...
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
5 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً