هذه لقمة عرق بقصر قارة حمام طيبة(۔۔ مثلما ادمر خيري او شري

هذه لقمة عرق
بقصر قارة حمام طيبة(۔۔
مثلما ادمر
خيري او شري

* كنت في ماضي اخشی علی غزة لغياب زوجهن ٥ * ربما الان يطلقنني واتنفس o2 منذ قرون

* كنت في ماضي اخشی علی غزة لغياب زوجهن ٥
* ربما الان يطلقنني واتنفس o2 منذ قرون

النفاق وخخطره على الأمــة الشيخ السيد طه أحمد الحمد لله رب العالمين ....حذر من النفاق وخطر ...

النفاق وخخطره على الأمــة
الشيخ السيد طه أحمد
الحمد لله رب العالمين ....حذر من النفاق وخطر المنافقين فبين صفاتهم فقال تعالى }وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ (8) يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ (10){ [البقرة].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير ..حذرنا من المنافقين فقال تعالي }هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(4){ [المنافقون].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) أخبرنا عن علامات النفاق فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ) : }آيةُ المنافِقِ ثلاث: إذا حدَّثَ كذَب، وإذا وَعَدَ أخْلف، وإذا اؤتمن خان{ ]رواه مسلم[
فاللهم صل علي سينا محمد وعلي أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ....
أما بعـد : فيا أيها المؤمنون ..
إن الله تعالي حذرنا من أمراض القلوب , لأنَّ أخطرَ الأمراض في عالم الطِب هي الأمراضُ التي لا أعراضَ لها .
وهُناكَ أمراضٌ لها آلامٌ لا تُحتمل ، ليست خطيرة , لأنها في وقتٍ مُبكر تكشِفُها ، ولكنَّ أخطرَ الأمراض هي الأمراض التي لا يُصاحِبُها ارتفاع حرارةٍ ولا آلامُ مُبرّحةٌ , إنما هيَ أمراضٌ تتسلل تسلُلاً بطيئاً إلى أن تستفحلَ فجأةً , وعندئذٍ يستحيلُ الدواء .
فمن أمراض القلوب مرض النفاق فهو مرض خطير وشر مستطير إذا استولى على القلب أماته، وصار صاحبه حياً كميت، وصحيح البدن مريض الروح، قال الله تعالى } فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ (10){ [البقرة].
لذلك كان حديثنا عن }النفاق وخطره على الأمـة{ من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ....
1ـ تعريف النفاق .
2ـ أنواع النفاق وصفات المنافقين .
3ـ أسباب النفاق .
4ـ خطر النفاق والمنافقين.
5ـ عقوبة المنافقين .
6ـ خوف السلف من النفاق .
7 ـ السبيل إلى الخلاص من النفاق.
العنصر الأول : تعريف النفاق :
النفاق: كلمة قبيحة بلا شك ،ولقبحها هرب الناس منها كلفظ، واستبدلوها بكلمات جذابة مثل :المجاملة ، والتعامل الدبلوماسي ، والمرونة ، وغير ذلك من الكلمات التي نسمعها كل يوم ، وهي في الحقيقة ليست سوى أغلفة براقة للنفاق تستر عورته، وتبرر للناس التعامل به، لكنها في الوقت ذاته تحمل دلالات عدة عن مدى استشراء النفاق في تعاملاتنا، وتغلغله في مجتمعاتنا.
والنفاق: هو إظهارُ الإسلام والخير، وإبطانُ الكفر والشر، سمي بذلك لأنه يدخل في الشرع من باب ، ويخرج منه من باب آخر، وعلى ذلك نبه الله تعالى بقوله تعالي }إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67){ ]التوبة[. أي الخارجون من الشرع .
العنصر الثاني : أنواع النفاق:
النفاق نوعان :
النوع الأول : الاعتقادي:
وهو النفاق الأكبر الذي يُظهر صاحبه الإسلام ، ويُبطن الكفر، وهذا النوع مخرج من الدين بالكلية ، و يوجب لصاحبه الخلود في النار، بل في الدرك الأسفل من النار. ولهذا النوع من المنافقين صفات خاصة بهم ،بيَّنها الله جلَّ وعلا في كتابه الكريم، وبينها نبيُّه (ﷺ) في سُنَّته.
وقد جعَل الله جلَّ وعلا هذه الصفات دليلاً على نِفاق المرء، فمَن اتَّصف بها كان منافقًا خالصًا، لا تنفعه شفاعةُ الشافعين، وفي نار جهنم من المخلَّدين.
وصعوبة أمْر المنافِق تكمُنُ في سَريرته التي لا يعلمها إلاَّ الله وحْده لا شريك له، وقد أعْلَم نبيَّه (ﷺ) ببعضهم، حيث قال جلَّ وعلا}وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30){ [محمد].
فلَّما كان شرُّ المنافقين مستطيرًا، فسنأتي على بعضِ صِفاتهم، والتي منها:
1ـ تركُ الاهتداء بالوحي:
المنافقون جميعاً متفقون على هذا الأمر وهو عدم الاهتداء بالوحي، أنت إنسان تحتاج إلى منهج، تحتاج إلى دستور، تحتاج إلى قانون، ما المنهج الذي تسيرُ عليه؟
ما القانون الذي يُقننُ تصرفاتك؟
ما الدستور الذي تهتدي به ؟
المنافقون جميعاً أنكروا الوحي ورفضوه, فالمسلم إذا رفض حكم الله في أي قضية من القضايا ، واعتبر القران الكريم كتاب يُقرأ للبركة وليس منهج حياة ودستور وقانون لإصلاح الدنيا بالدين فقد وقع في خندق المنافقين شاء أم أبى ،والدليل قول الله تعالي: }أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا(61){ ]النساء]
المنافق لا يقبل حُكمَ اللهِ عزّ وجل, لأنَّ شهواتِهِ تغلِبُهُ.
وقال تعالي }وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ(47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ(48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49){[النور].
المنافق يكرهُ حُكمَ الله, قال تعالي:}ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9){ [محمد]
وهذه العَيِّنة من المنافقين ما أكثرَها اليوم! فهي في أحضان الغرْب تربَّت، وفي منابتِ الزندقة أنبتَت، فأنتجت أقوامًا أضلَّ من الأنعام، ينادون بإلْغاء شرْعِ الله، وعلى أرضه يمشون!
يُنادون بإلْغاء القرآن وسنة النبي (ﷺ) ومِن نعم الله يأكلون، فسبحان الله الحليم !
ما أحلمه علي هؤلاء ؟
2ـ يدور مع مصالحه :
المنافق إذا كانت قضيته تُحل مع الشرع صار مع الشرع، تُحل مع القانون صار مع القانون. قال تعالي }وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14){ ]البقرة[.
وقال تعالي }الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141){ [النساء].
3ـ الإفساد في الأرْض:
قال تعالى }وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ (12){ [البقرة].
وقال تعالي }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ
وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ
وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ
جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206){ ]البقرة[
4ـ الاستهزاء بالمؤمنين والطعن فيهم وتجريحهم :
دائما يسخر بالمؤمنين ويصفهم بكل نقيصة ويعيب أعمالهم لا يري لهم حسنة قط وإن رأي فعلا صالحا شكك فيه وفي نية المؤمنين ،قال تعالي }يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65){ ]التوبة[ .
وقال تعالى:} وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ(58){[التوبة].
وقال أيضًا: }الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79){ [التوبة].
وأيضا يصف المؤمنين أصحاب الرسالات الحقة بأنهم مخدوعين ومضحوك عليهم ومغيبين قال تعالي:}إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49){ [الأنفال].
5ـ الحَلِف كذبًا سترًا لجرائمهم:
قال تعالي }اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(2){ [المنافقون].
وقال تعالى }أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُمۡ وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ (14) أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدًاۖ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (15) ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ (16){ ]المجادلة[
وهذه الآيات ترسم صورةً واضحةً ومتكاملة لأخلاقهم الدَّنيئة؛ حيث قال تعالى } إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ(5){ [المنافقون].
6ـ الفَرَح والشماتة في مصائب المؤمنين :
قال تعالى: }إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ(50){ [التوبة].
وقال تعالى:}إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(120){[آل عمران].
إذا حصل للمسلمين شيء في المعارك من قتل وجراح وإدانة للمشركين عليهم
فرحوا وقالوا الحمد لله }قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ{، ويظهرون الشماتة وإذا حصل نصر للمسلمين تمنوا أن لو كانوا معهم }وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا(72){ [النساء]،
}وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا(73){[النساء].
هكذا المنافقون من أخلاقهم الشماتة بالمسلمين فالشماتة صفة أعداء الرسل، صفة أعداء الله، صفة أعداء الإسلام والمسلمين ولهذا استعاذ النبي (ﷺ) من شماتة الأعداء كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: "كان النبي
(ﷺ) يستعيذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء"
شماتة الأعداء لأنها تتكئ القلب وتجرحه وتحدث في النفس ما الله به عليم ولهذا قال سيدنا هارون لسيدنا موسى عليهما السلام }فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء(150){ [الأعراف].
7ـ الأمرُ بالمنكر، والنهي عن المعروف:
قال تعالى }الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(67){ [التوبة] فهُم يأمرون بالإباحية، وينهَوْن عن الحِجاب، ويأمرون بالفُجور، وينهَوْن عن التقوى ، يأمرون بالرِّبا، وينهَوْن عمَّا أحلَّ الله مِن البيوع، يأمرون بالخُمور، وينهون عمَّا أحلَّ الله مِن الطيبات، فعليهم لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين.
8ـ التغرير بالآخرين:
قال تعالى }أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لاَ يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ
نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ (12){ [الحشر].
كعبد الله بن أُبي، وعبد الله بن نبتل، وأوس بن قيظي ورفاعة بن تابوت، وأمثال هؤلاء من أهل النفاق.
يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، يعني عندما كان المنافقون كفارًا في الباطن صارت بينهم هذه الأخوّة لإخوانهم من أهل الكتاب، والمقصود اليهود (يهود النضير)، فإن عبد الله بن أُبي هو الذي قال لهم: اثبتوا ولا تخرجوا من دياركم، وسنقف معكم، ونعينكم وننصركم، ومصيرنا واحد، كما أخبر الله تبارك وتعالى.
قال الله تعالى: }وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{ أي: لكاذبون فيما وعدوهم به، وفي النهاية خذلوهم وتخلوا عنهم.
النوع الثاني: النفاق العملي (النفاق الأصغر):
وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء الإيمان في القلب وهذا لا يُخرج من الملة لكنه وسيلة إلى ذلك وصاحبه يكونُ فيه إيمان ونفاق وإذا كثر صارَ بسببه منافقًا خالصًا ،والنِّفاق الأصغر خطَرُه جسيم؛ لأنَّه وسيلةٌ للأكبر، حتى إذا استمرأه الإنسان استدرجَه إلى الأكبر.. ومِن أهمِّ صفات هؤلاء:
1ـ خيانة الأمانة، والكذِب والغدر، والفُجور عند المخاصمة:
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما :أنَّ النبي (ﷺ) قال:}أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصْلةٌ منهنَّ كانت فيه خَصْلة مِن النفاق حتى يدعَها: إذا اؤتُمِن خان، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهَد غَدَر، وإذا خاصَم فَجَر{. ]أخرجه البخاري ومسلم[
2ـ التخلُّف عنِ الصلاة، وخصوصًا صلاة الفجْر والعشاء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال }ليس صلاةٌ أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأَتَوْهما ولو حبوًا{ ]أخرجه البخاري[ . 3ـ التكاسل في أداء الصلاة والرياء في الأعمال:
قال تعالي }إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) { ]النساء[
4ـ متلون بأكثر من لون :
ظاهره يختلف عن باطنه ، ربما يعطي الله تعالي له هيئة، طول، فخامة، لون، عيون واسعة، جبهة عريضة مثلاً، طليق اللسان، أنيق جداً, ما قيمةُ هذا؟ قال تعالي }وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(4){ [المنافقون].
يعني: }وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(171){ [البقرة].
ومن شواهده قول الشاعر
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثّعلب
وقال تعالي}فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55){ ]التوبة[
ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قال تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(9){[البقرة].
وقال تعالي عنهم }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206){ ]البقرة[.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسولِ الله (ﷺ) قال: }تَجِدون الناسَ معادن، خيارُهم في الجاهلية خيارُهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيرَ الناس في هذا الشأن أشدَّ له كراهية، وتجدون شرَّ الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه{
وقال تعالي }مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143){ ]النساء[
5ـ نَقْر الصلاة وإخراجها عن وقتِها:
من حديث العلاء بن عبدالرحمن: أنه دخَل على أنس بن مالك في دارٍ بالبصرة، حين انصرَف مِنَ الظهر، وداره بجَنْب المسجِد، فلمَّا دخلْنا عليه، قال: أصليتُم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفْنا الساعة من الظُّهر، قال: فصلوا العصر، فقمنا فصلَّيْنا، فلمَّا انصرفْنا قال: سمعتُ رسول الله (ﷺ) يقول:}تلك صلاة المنافِق، يجلس يرقُب الشمس، حتى إذا كانتْ بيْن قَرْنَي الشيطان، قام فنَقَرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلاَّ
قليلاً{. ]رواه مسلم[ .
فالمنافق إمّا إنسان مؤمن بالله, لكن إيمانهُ ضعيف, وغَلبتهُ نفسهُ, فانساقَ مع شهواتهِ, فهذا النِفاق الأصغر, الذي نرجو لصاحبهِ أن يؤمن, وأن يهتدي, وأن يتوب.
قال تعالي }أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ(19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ
وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20){ ]البقرة[
لكنهُ لم يذهب بسمعهم وأبصارهم, لأنهُ ينتظر أن يهتدوا وأن يؤمنوا.
وأمّا النِفاق الأكبر: فهو أن يتنكر لكل ما جاء بالكتاب والسنة , ولكنه يفعل أفعال المُسلمين تمشيّاً مع مصالِحه الخاصة. قال تعالي }مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ(18){ ]البقرة [
العنصر الثالث :أسباب النفاق :
النفاق مرض خطير وشر مستطير وكل مرض له أسباب تؤدي إليه فمِن أهمِّ أسباب النِّفاق:
1ـ ضَعْف الإيمان واليقين في الله عزَّ وجلَّ وما عندَه:
آثَر المنافِقُ الدنيا العاجلة؛ لأنَّها ملموسةٌ، وترَك الآخرة، فصار قلبُه خربًا خاليًا من الإيمان بالله، وأصبح بيئةً خصبة للنفاق .
2ـ الحقد الشديد على الإسلام والمسلمين:
ولأن الإسلام حرمهم من الامتيازات التي كان يحصل عليها بطريق غير مشروع وبغير وجه حق ، ولأن الإسلام ساوى بيْنه وبين الجميع وحَفِظ حقوقَ البشر كلهم ، وأنه ليس في موقف القوة فإنَّه آثرَ العمل في الخَفاء، كعبدِالله بن أُبيِّ بن سلول الذي كان يحلم بالزعامة في المدينة، ولكن جاء الإسلام حال بينه وبين ذلك .
3ـ حب الشهوات والجاه والرياسة والزعامة والخوف من ضياعها :
قد يكون لبعض المنافقين جاه ورياسة يخاف إن أظهر كفره أن يتفرق عنه أتباعه وأعوانه فيخفيه ويظهر الإسلام ، كما فعل عبد الله ابن أبي ابن سلول فإنه كان قاب قوسين أو أدنى من الرياسة في قومه ، ثم تفاجأ بقدوم النبي (ﷺ) إلى المدينة سيدًا فيها وحاكمًا لها ، فكان هذا ما حمله على النفاق في مبدأ الأمر ، فكان لا يجلس إلا بين رسول الله (ﷺ) وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
4- حب الدنيا رأس كل خطيئة :
قال تعالى (في قلوبهم مرضٌ) هذا المرض حُبُ الدنيا، فحُبُ الدُنيا هوَ الذي يحمِلُ على معصية الله, هو الذي يحملُ على أن تأخذَ ما ليسَ لك, هوَ الذي يحمِلُ على أن تطغى وعلى أن تبغي, لذلك قال تعالي }فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(10){ [البقرة].
﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ فلمّا أصرّوا على هذه الشهوات وتشبثوا بِها:﴿فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ أطلقهم إليها لعلّهم يتخلصونَ منها, ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون على اللهِ عزّ وجل.
إذاً: أساس النِفاق حُبُ الدُنيا، وحُبُ الدنيا عبّرَ الله عنه بكلمة: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا﴾.
من المنافقين من يكون سبب نفاقه حب الدنيا والطمع في الغنائم ، ولهذا نراهم يخرجون مع رسول الله (ﷺ) ثم لا يقاتلون ، ومنهم من لا يخرج وإذا رجع رسول الله (ﷺ) جاء معتذرًا طمعًا في عطاء رسول الله (ﷺ) ورضاه عنه .
فهم لحبهم للدنيا يؤملون الغنائم وقد ذكر الله سبحانه صفتهم هذه في قوله تعالى :}لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42){ ]التوبة[ .
وقد كان هذا في غزوة تبوك لما رأى المنافقون شدة الحر وبُعد المسافة تخلفوا عن
رسول الله (ﷺ) فأنزل الله هذه الآية موبخًا لهم ، مبينًا أن السفر لو كان قريبًا سهلاً ، والغنيمة قريبة المتناول حاضرة ، لخرجوا معك أما قولهم لما جاءوا يعتذرون إلى رسول الله (ﷺ) فهو مجرد كذب لأنهم كانوا مستطيعين .
5ـ الابتلاءات والمحن:
سنة الله في عباده أن يمتحنهم ليعرف الصادق من الكاذب ، فإذا جاءت الفتنة كانت سببًا في نفاق من كان إيمانه ضعيفًا ، ومن أمثلة ذلك حادثة تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة ، فقد كانت اختبارًا وابتلاء من الله ومحنة امتحن الله بها الناس ، وبعدها ارتد طائفة عن الإيمان قال تعالى }وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(143){ ]البقرة[
ومن هذه الفتن ما حدث للمسلمين يوم أحد فإنه لما حصل ذلك ارتدت طائفة ونافقوا قال تعالى }وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ(167){ ]آل عمران[.
قال ابن تيمية : " قوله :(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ظاهر فيمن أحدث نفاقًا ، وهو يتناول من لم ينافق من قبل ، ومن نافق ثم جدّد نفاقًا ثانيًا ).
ثم ذكر أن الذين انخذلوا يوم أحد مع عبد الله بن أبي رأس المنافقين كانوا ثلاثمائة لم يكونوا قبل ذلك كلهم منافقين .
وهذا حال الناس اليوم ، إذا ابتلوا بالمحنة ينقص إيمانهم كثيرًا، وينافق كثير منهم ، وإذا انتصر الأعداء على المسلمين ارتدوا عن الإسلام والعياذ بالله.
العنصر الرابع : خطورة النفاق والمنافقين:
لخطورة النفاق والمنافقين جعل الله ثلاثة عشر أية في صدر سورة البقرة بينما ذكر المؤمنين في أربع آيات والكافرين في آيتين.
لذلك يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله يقول عن زمنه (لو كان للمنافقين أذناب لضاقت بكم الطرق)، فكيف لو رأى زماننا؟!
فكم من معقلٍ للإسلام قد هدموه ،وكم حصنٍ للإسلام قد خربوه، وكم من علمٍ للإسلام قد وضعوه ،وكم من لواءٍ للإسلام قد طمسوه ،فما أخطرهم ؟؟
والكافرين اقل منهم خطورة ، لأن الكافر تعرفه الأمة وتستعد له على قدر خطورته ، أمّا المنافق فهو مُندّس بين الصفوف يصلى مع المصلين ويذكر الله مع الذاكرين ويرفع الراية مع الرافعين، وهو سائر على الدرب مع السائرين ولا يظهر إلا عند التمحيص بالمحن والابتلاءات يقول تعالى }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11){ ]الحج[ .
لا عدو كيده أشد علي أمة الاسلام من المنافقين، لذا كان التحذير من المنافقين في القرآن الكريم في سوره سُميت باسمهم سورة المنافقون ،يقول تعالي } هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ(4){ ]المنافقون[.
فحصر العداوة فيهم كأن لا عدو غيرهم لأنهم شر الأعداء.
فلا شك إذا أن الله تعالى قد أكثر من ذكر النفاق لنكون على بينة منه ، قال تعالى: }وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ(55){.]الأنعام[
ولمَّا كان خطرُهم عظيمًا، فقدْ حذَّرَنا نبيُّنا (ﷺ) قائلاً:}أخوف ما أخاف على أمَّتي كلّ منافِق عليم اللِّسان{ [ رواه أحمد].
ورُوي عن عمر رضي الله عنه : أنَّه قال على المِنبر: "إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكم المنافِق العليم"، قالوا: كيف يكون المنافِق عليمًا؟ قال: يتكلَّم بالحِكمة، ويعمل بالجَوْر، أو قال: المنكَر"[ جامع العلوم والحكم].
فالمنافق عليم اللسان يقبح الحق ويجمل الباطل ببيانه...وقد يستدل في مسعاه الخبيث هذا بقال الله وقال رسوله (ﷺ) حاملا النصوص على غير محملها.
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: }إنَّ المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهْد النبي (ﷺ) كانوا يومئذٍ يسرون، واليوم يجهرون{. ]رواه البخاري[
ومِن أخطارهم:
1ـ موالاتهم للكافرين، وغَدْرهم بالمؤمنين:
قال تعالى } بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ
مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139){ [النساء].
2ــ شقّ صفوف المؤمنين وتخذيلهم والسعي إلي فرقة الأمة:
كما حدث في غزوة الأحزاب كانوا يقولون محمد يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى العائط ، فقال تعالى:}وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا(12){ ] الأحزاب[
وقال تعالى : }قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً(18){[الأحزاب]. إن المخاطب بذلك هم المنافقون الذين خاطبهم بقوله قبله: }قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا (16) قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا (17){ [الأحزاب]
ويتجلَّى خطرُهم في كونهم يتزيون بزيِّ الإسلام وهم أعتَا أعدائِه، ويتدثَّرون بدِثار الإسلام وهم معقل الكفر، فيحسبهم العوامُّ مسلمين، فيتبعون كلامَهم وما هم إلاَّ زنادقة يَقذِفون مَن أجابهم في النار، وما مسجد الضرار الذي بنوه في المدينة عنا ببعيد فكان الهدف منه تفريق كلمة الأمة .
لما خرج النبي (ﷺ) إلى تبوك، ومرت الأيام، وعاد (ﷺ) إلى المدينة المنورة، فأسرع إليه المنافقون ليقوموا بدعوته إلى الصلاة في المسجد الذي بنوه، ولكن نزل جبريل في ذلك الوقت بالتحذير الإلهي من ذلك المسجد الضار بالمسلمين، وذلك بمجموعة من آيات سورة التوبة {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108)} [التوبة].
3ـ افساد عقيدة العامة :
ليس لديهم مشروع عقائدي لإحلاله مكان الإسلام فيقول الله تعالي }وإِن نَكَثُوا إيمَانِهِم مِن بَعدِ عَهدِهِم و طَعَنُوا في دِينِكُم(12){ [التوبة] .
فالطعن في الدين وشعائره هي سمة أهل النفاق والهدم لتشكيك الناس في المسلمات الشرعية والسخرية من أصحاب رسول الله (ﷺ) بحجه حرية الفكر .
فقد أفسدوا عقائد كثير من الناس ، والمتتبع لجذور الانحراف العقدي في تاريخ المسلمين يجد المنافقين وراءه ، ومن أبرز الأمثلة في ذلك فرقة السبئيّة التي وضع أسسها المنافق اليهودي عبد الله بن سبأ ، الذي أظهر الإسلام في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأخذ يطوف البلاد الإسلامية ينشر معتقده ، وقد لبَّس على العامة في زمن كان فيه كثير من الصحابة ، حتى إن بعض أتباعه هددهم علي رضي الله عنه بالموت حرقًا إن لم يرجعوا عن هذه العقيدة الضالة ، فأصروا وفضلوا الموت على الرجوع عن ضلالهم ، وقد كان من نتيجة فتنة عبد الله بن سبأ مقتل الخليفة الثالث الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وما زالوا إلي الآن
بيثون سمومهم وأفكارهم الضالة عن طريق وسائلهم المخربة للعقول.
4ـ التعاون مع أعداء الأمة :
كان سقوط بغداد مركز الخلافة الإسلامية العباسية عام ( 656 هـ ) على يد المنافق الخبيث ابن العلقمي الرافضي الذي تعاون مع التتار الذين قتلوا جميع من يقدرون عليه من الرجال والنساء والولدان ،والمشايخ والشبان حتى بلغوا مليون قتيل .
وقد كان ابن العلقمي وزيرًا عند الخليفة المستعصم يظهر الولاء والنصرة ، له فضل
في الإنشاء والأدب، لكنه كان منافقًا يضمر الحقد على الإسلام وأهله ، كاتب التتار وزين لهم اجتياح بغداد ، وكان ذلك بعد أن سرح الجند وصرف الجيوش عن بغداد حتى لم يبق منهم إلا عشرة آلاف، ثم أرسل إلى التتار يسهل عليهم أمر اجتياح المدينة فقدموا وحدث ما حدث .
وما استطاع أعداء الإسلام أن يدخلوا بلاد الإسلام في أي عهد من العهود إلا عن طريق المنافقين فهم يسمون في التاريخ بالطابور الخامس ، نعوذ بالله منهم . ولخطورتهم أمرنا الله تعالى أن نتخذ منهم موقفا واضحا حازما..
فلم يرضى من المؤمنين أن ينقسموا في شأنهم فئتين.. فَتَلين فئة في شأنهم قال تعالى }فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا (88){ ]النساء[
وإنما أحب للمؤمنين أن يجتمعوا على جهاد المنافقين والغلظة عليهم }يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ (73){ ]التوبة[
ونهى الله تعالى نبيه والمسلمين عن طاعة المنافقين:}يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا (1){ ]الأحزاب[
5ـ يغيرون الحقائق ويدلسون على العامة والخاصة :
المنافق من أجل الحصول على الدنيا، يبيع دينه وكرامته بعرض من الدنيا قليل، فتجده يغير الحقائق في لحظة ، ويدلس على الناس ، يحكى أن الأمير بشير الشهابي (أحد أشهر الأمراء في لبنان و بلاد الشام عموما من آل شهاب ، الذين حكموا المنطقة منذ عام ١٦٩٧ م و حتي عام ١٨٤٢م )
قال لخادمه يوما : نفسي تشتهي أكل الباذنجان .
فقال خادمه له : بارك الله في الباذنجان فهو سيد المأكولات وحجمه كبيراً ، لحم بلا شحم ، سمك بلا حسك ، يؤكل مقلياً ومشوياً ومحشياً ولا يحدث جزعاً ولا مرضاً ، وراح خادمه يعدد فوائد الباذنجان ،حتي اندهش الأمير من براعة الوصف !!!
وكانت المفاجأة التي لم يحسب لها الخادم الباذنجاني أي حساب هي أن قال الأمير
بشير الشهابي : ولكني أكلت باذنجان قبل أيام ، فنالني منه ألم في معدتي ..
فقال خادمه : لعنة الله علي الباذنجان ، أنه ثقيل ، غليظ ، أسود الوجه .
وهنا قال له الأمير بشير الشهابي : ويحك أن تمدح الشيء وتذمه في نفس الوقت ..؟ فقال الخادم : يا مولاي أنا خادم للأمير ولست خادم للباذنجان ، وإذا قال الأمير نعم قلت" نعم " ، وإذا قال لا قلت " لا " .. !!
وللأسف هؤلاء الناس موجودين بكثره في حياتنا من قديم الازل ..
ويُروى أن الخليفة العباسي ( ابن المتوكل ) يوما رمي طائر بسهم فلم يصبه فقال له
الوزير : أحسنت يا أمير المؤمنين ، فنظر له المتوكل شرراً وقال : أتستهزأ بي .
فارتعد الوزير خوفا وقال : فقد أحسنت إلي الطائر يا مولاي حين تركت فرصه له
للحياة !!
إن هؤلاء الباذنجانيون الذين لا يعرفون إلا الغش والتدليس هم أكثر خطراً علي المجتمع .
كلهم يلوون عنق النصوص ليغيروا الحقائق ويقنعوا الناس بها ، كما أنهم يحجبون الحقائق عن المسئولين ويجعلون بينهم وبين المجتمع سداًّ .
هذه هي ثقافتهم ، أن يتم التصفيق والتطبيل للفعل وضده في دقيقه واحده ، إنها ثقافه نجدها في كل مكان وفي كل زمان، إنها ثقافة تدمر الاوطان .
فهم لم ينفعوا أي وطن ، ولم يفيدو أي مسئول، فهم لا يبنون أي وطن لا يهمهم إلا مصلحتهم وفقط ، بل هم أول من يهرب من السفينة عند غرقها .
العنصر الخامس : عقوبة المنافقين :
جعَل الله عقابَهم مِن جنس فِعْلهم فهذه بعض ما توعدهم الله به القرآن الكريم:
1ـ لن يغفر الله لهم ذنوبهم ولهم عذاب أليم :
قال الله تعالى }إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا(139){ ]النساء [
2 ـ يجمعهم الله تعالى ومن علي شاكلتهم في جهنم :
قال الله تعالى }وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا(140){ ] النساء[
وقال الله تعالى }وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ
مَصِيرًا(6){ ]الفتح[
3ـ في الدرك الأسفل من النار :
قال الله تعالى }إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا(145){ ]النساء[
4ـ يستغيثون بالمؤمنين يوم القيامة فيستهزئ بهم المؤمنون:
فكما دلَّسوا على المؤمنين، فهُم يومَ القيامة تائهون ليس لهم نورٌ يهديهم سبيلَ النجاة؛ قال تعالى } يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
)12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15){ [الحديد].
5ـ اللعن في الدنيا وحبط الأعمال والخلود في جهنم:
قال تعالي }الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69){ ]التوبة[ .
العنصر السادس :خوف السلف من النفاق :
كان الصحابة رضوان عليهم يتخوفون من الوقوع النفاق ، قال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله (ﷺ) كُلُّهم يخاف النفاق على نفسه"
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والصحابة الذين أدركهم ابن أبي مليكة من أجلِّهم: عائشة، وأختها أسماء، وأم سلمة، والعبادلة الأربعة، وأبو هريرة، وعقبة بن الحارث، والمسور بن مخرمة, فهؤلاء ممن سمع منهم , وقد أدرك بالسن جماعة أجل من هؤلاء : كعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص , وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال , ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك فكأنه إجماع ؛ وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم, بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الورع والتقوى رضي الله عنهم" .
وقال ابن علية :"أدركت سبعين من أصحاب الرسول (ﷺ) كل يخاف النفاق على نفسه".
ولقد أودعَ النبي (ﷺ) سِراً لسيدنا حُذيفة بن اليمان, وأعطاهُ أسماءَ سبعةَ عشرة مُنافقاً
, أمرهُ إذا توفاهُ اللهُ عزّ وجل ألا يُصلّى عليهم، أمّا أن يأتي عمر بن الخطاب عِملاق الإسلام، الخليفة الراشد، الذي كان فذّاً عبقريّاً, يسألُ حذيفةَ بن اليمان, ويقول له:
أُنشِدكَ الله: هل ذكرَ النبي (ﷺ) اسمي مع المنافقين؟ هذا لِعِظَمِ حقِّ اللهِ عليه.
قال إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ :" مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا".
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :"وممن كان يتعوذ من النفاق من الصحابة : حذيفة، وأبو الدرداء، وأبو أيوب الأنصاري.
وأما التابعون : فكثير، قال ابن سيرين : ما علي شيء أخوف من هذه الآية }وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ (8){ ]البقرة[
وقال أيوب: كل آية في القرآن فيها ذكر النفاق أخافها على نفسي.
وقال معاوية بن قرة : كان عمر يخشاه وآمنه أنا ؟، وكلام الحسن في هذا المعنى كثير جدّاً، وكذلك كلام أئمة الإسلام بعدهم ، أن هؤلاء الكبار كانوا أبر الناس قلوباً، وأشدهم تعظيماً لحرمات الله تعالى، وأبعدهم عن انتهاك حدوده، لكن الواحد منهم لكمال علمه بربه، وخوفه من مقامه، يرى الذنب الصغير إن وقع فيه كبيراً، بل كان بعضهم يخاف من الرياء، وآخر يخاف أن يكون مقصراً في العمل فيكون قوله مخالفاً لفعله، وآخرون ظنوا أن اشتغالهم بالمباح في بيوتهم مع زوجاتهم، وأولادهم مع وجود الخشوع والرقة في مجالس الذكر ظنوا ذلك من النفاق .
فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): «وَمَا ذَاكَ ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ):}وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ{ ]رواه مسلم [
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه قيل له: "إنا نَدخُلُ على سُلطاننا، فنقول لهم بخِلاف ما نتكلَّمُ إذا خرجْنا من عندهم، قال: كُنَّا نعدُّ هذا نِفاقًا". ]رواه البخاري[
وسَمِعَ رجلٌ أبا الدرداء يتعوَّذُ من النِّفاق في صلاته، فلمَّا سلَّم، قال له: ما شأنك وشأن النِّفاق؟ فقال: اللهمَّ غُفرًا ثلاثًا لا تأمَنِ البلاءَ، واللهِ إنَّ الرجل ليُفتَنُ في ساعةٍ واحدة، فينقلِبُ عن دِينه.
العنصر السابع : السبيل إلى الخلاص من النفاق:
اعلم أخي المسلم الكريم :أن الإيمان يزيد وينقص، وإذا نقص الإيمان زاد النفاق،
وإذا زاد النفاق ضعف القلب وصار قاسيا والعياذ بالله. فعلينا أن نسلك السبيل للتخلص من النفاق وعلاج زيادة الإيمان ومنها :
1- التوبة ومحاسبة النفس والنظر في يوم القيامة .
2- الاستعانة بالله تعالي أن يجنبنا النفاق والرياء وسوء الأخلاق .
3- الإيمان بالقضاء والقدر ،والنظر إلى الدنيا بعَيْن الزوال، وأنَّها فانيةٌ لا محالة، فيذوب الجليدُ القاسي الذي تجمَّع فوق القلْب.
4ـ الخوف من الموت وسوء الخاتمة ، وعاقبة المنافقين فقد جاء في الأثر عن أبي علية قال: "من خاف النفاق أمنه ،وما أمنه أحد إلا وقع فيه" .
وقال الحسن البصري عن النفاق :" مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ" ؟
حبُّ المؤمنين الصالحين ومخالطتهم، فمَن أحبَّ قومًا صار منهم.
5- النظر في سير الصالحين المؤمنين .
6ـ معرفة صفات المنافقين والتحلي بضدها من أخلاق الإسلام .
نسأل الله العظيم أن يجنبنا النفاق وشر المنافقين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
============================
...المزيد

شؤم المعصيـة الشيخ السيد طه أحمد الحمد لله رب العالمين ..أنار الطريق لعباده الصالحين فجعل العبيد ...

شؤم المعصيـة
الشيخ السيد طه أحمد
الحمد لله رب العالمين ..أنار الطريق لعباده الصالحين فجعل العبيد ملوكا بطاعته، والملوك عبيدا بمعصيته ، فالعز كل العز في طاعته والذل كل الذل في معصيته ، فقال تعالي }مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ(10){ ]فاطر[.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير ..حذر من آثار الذنوب فقال تعالي {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(112)}[النحل].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) حذر من الذنوب صغيرها وكبيرها ،فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ):}إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وذا بعودٍ، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه{. ]رواه أحمد[
فاللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .....
أما بعـد .. فيا أيها المؤمنون .
لقد خلق الله تعالي الناس جميعا لغاية عظيمة ومهمة جليلة فقال تعالي }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58){ ]الذاريات[ .
وأرسل لهم الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل فقال تعالي }رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165){ ]النساء[ .
وقال تعالي أيضا }وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153){ ]الأنعام[ .
الكون كله من حولنا لهو يسبح بحمد الله عز وجل.. الأنهار والبحار.. النجوم والكواكب.. الذرات والرمال.. الحيوانات والطيور.. ما ندركه وما لا ندركه..
ما نبصره ومالا نبصره..
قال سبحانه:}تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44){ ]الإسراء[
والمؤمن ينسجم مع الكون في تسبيحه وتحميده لله رب العالمين،: تلك الحلاوة التي يجدها المؤمن في صدره ، وفى توفيق الله عز وجل له في الدنيا إنما هو انسجام بين المؤمن والكون الذى يسبح الله عز وجل ولا يعصيه، لأن الكون يسعد بالمؤمن فهو يعبد الله كما يعبده، ويعظم الله كما يعظمه فهما ينتظمان في حبه وطاعته سبحانه
وتعالى.
هذا الانسجام مع الكون نراه في قول النبي (ﷺ): }إني لأعلم حجراً بمكة كان يسلم على حين بعثت{ ]الطبراني والبزار[
ولكن سرعان ما ينسي الناس هذه الغاية وتلك المهمة وهذا الطريق فينحرفوا عن الطريق المستقيم فتزل أقدامهم في المعصية مما يؤدي بهم إلي الوقوع في مستنقع الرذيلة وظلام المعصية والهلاك الذي يعم الفرد والمجتمع .
فما ظهرت المعاصي في ديار إلا أهلكتها، ولا تمكنت من قلوب إلا أعمتها، ولا فشت في أمة إلا أذلتها.
لذلك كان حديثنا عن}شؤم المعصية {وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية:
1ـ الهدف من الحديث عن شؤم المعصية .
2ـ أقسام الذنوب .
3ـ حال السلف مع المعصية .
4ـ أثر المعصية علي الفرد .
5ـ أثر المعصية علي المجتمعات والشعوب .
6ـ علاج الذنوب والمعاصي.
العنصر الأول : الهدف من الحديث عن شؤم المعصية :
المقصود من الحديث عن شؤم المعصية هو التحذير من مغبة الاسترسال فيها وإطلاق العنان للخوض في حدود الله، وهو من باب قول القائل قديماً: عرفــتُ الشـر لا للشـر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشرّ من الخير يقـع فيـه .
وهذا كان حال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانوا يسألون دائما عن الشر مخافة الوقوع فيه .
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كان الناس يسألون رسول الله (ﷺ) عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني ، فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نَعَم ، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير ، قال: " نَعَم وفيه دَخَن " ، قلتُ: وما دخنه؟ قال: } قوم يَهدونَ بِغيرِ هَديي ، تعرِفُ وَتُنكِرُ ، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نَعَم ، دُعاة على أبواب جهنم ، مَن أجابَهُم إليها قذفوهُ فيها ، قل يا رسول الله صِفهُم لنا ، قال: هُم مِن جِلدَتِنا ويَتَكَلَّمون بألسِنَتِنا ، قلت: فما تأمُرني إن أدركني ذلك ، قال: تلزم جماعة المُسلِمين وإمامَهم ، قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ، قال: " فاعتزل تلك الفِرَق كُلّها ، ولو أن تَعَضّ بأصلِ شَجَرة حتى يُدرِكَكَ الموتُ وأنتَ على ذلك { ]رواه الثلاثة[
العنصر الثاني : أقسام الذنوب :
الذنوب تنقسم إلى قسمين: صغائر وكبائر
ولقد سمى نبينا الكبائر بالموبقات والمهلكات، وكل ذنب توعد الله مرتكبه بعذاب أو لعن أو حد في الدنيا، ولقد ذكر لنا نبينا(ﷺ)أصناف العذاب المختلفة التي يلقاها مرتكبو الكبائر، كشاربي الخمر ومن يزني ويسرق ويتكبر على الخلق ويعرض عن كتاب الله ودينه.
أما الصغائر فقد حذر منها نبينا إذ يقول}إياكم ومُحَقّرات الذنوب، فإنما مثل محقّرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود وذا بعود، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقّرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها تهلكه{ ]رواه أحمد[.
ومن رحمة الله تعالى بنا أنه من اجتنب الكبائر غفر له الصغائر، يقول الله تعالى: }إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ(31){ [النساء].
ولكن من يستطيع أن يقول: إنه من أهل هذه الآية؟!
فالكذب كبيرة، وكذلك الغيبة، والإصرار على الصغائر والمداومة على فعلها كبيرة.
العنصر الثالث : حال السلف مع المعصية :
كان السلف الصالح يتعاملون مع المعصية بحذر شديد، فعن عبد الله بن مسعود قال : "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا - أي بيده - فذبه عنه "
أما المعصية والعياذ بالله فهي شؤم على صاحبها..
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: }إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، وإن كنا لنعدها على زمن رسول الله (ﷺ) من الموبقات{.
فكانوا يعلمون علم اليقين شؤم المعصية على القلب والبدن.. لذلك كان الواحد منهم إذا نزل بهم بلاء أو شكوي رجع إلي نفسه وعاد باللائمة عليها ، وقال لابد أني قد أذنبت ذنبا، ولابد أني قصرت في حق الله تعالي ، لابد أني فرطت في جنب الله ، ظلمت عبدا من عباد الله ضيعت فريضة من فرائض الله ، انتهكت حرمة من حرمات الله تعالي فسرعان ما يرجع إلي ربه، ويقرع باب التوبة مستغفرا يقول ما قاله أبونا آدم وأمنا حواء حينما أخرجا من الجنة قالي تعالي } قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(23){ ]الأعراف[.
هذا شأن المؤمن إذا أصابه خير رد الفضل إلي الله وقال الحمد لله الذي بنعمته الذي تتم الصالحات ، وإذا أصابه شر لم يلم إلا نفسه ولم يتهم إلا نفسه قال تعالي }مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا (79){ ]النساء[ .
هكذا كان شعورهم ، وهكذا ديدنهم ،هذا شأن المؤمن أن يرجع كل فضل إلي الله تعالي فهو صاحب الفضل والنعمة }وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ (53){ ]النحل[ . وكان ابن المبارك يقول: "إني لأري شؤم معصيتي في سوء خلق امرأتي ودابتي" ، يعني إذا نكدت عليه امرأته أو حرنت عليه دابته يقول لابد أني قد ارتكبت معصية من المعاصي ، لأن الطائع لربه يرى الكون مُسخرًا له، يَشعُر بتكريم الله له، وتفضيله إيَّاه على خَلْقه.
فالمعصية أثرها خطير وشرها وبيل علي الفرد والمجتمع فالحذر كل الحذر من شؤم المعصية .
العنصر الرابع : أثر المعصية علي الفرد :
إنه ما من شر ولا بلاء ينزل بالناس أفراداً كانوا أو جماعات، إلا وسببه الذنوب والمعاصي، وإن للمعصية آثارًا عظيمة ومخاطر كبيرة علي الفرد منها :
1ـ حرمان العلم والهداية:
إن من شؤم المعصية علي صاحبها ، نسيان العلم وذهاب الحفظ، ويا لها من عقوبة ما أقساها على أهل العلم وطلبته، وذلك أن العلم نور يقذفه الله في القلوب العامرة بطاعته المنيبة إليه سبحانه، والمعصية ظلمة قد علاها قُتار الشهوات الهوجاء، وأنّى للنور أن يأنس بالظلام؟!
ولذلك روي أن الإمام الشافعي رحمه الله لما جلس بين يدي إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله ورأى عليه مخايل النجابة والذكاء بادية، وأعجبه وفورُ عقله وكمال حفظه قال له ناصحا: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية.
والشافعي رحمه الله هو القائل في الأبيات التي سارت بين طلبة العلم مسير الشمس:
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ ونورُ الله لا يهدى لعاصي
وقد يتساءل إنسان فيقول: إن فلاناً من الناس قد أُعطيَ حفظا واستحضاراً على فجوره الذي عُرف به في الناس فكيف ذلك؟!
فنقول: اقرأ كتابَ الله تعالى تجد الجواب واضحاً، يقول الله عز وجل:}وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِى ءاتَيْنَـٰهُ ءايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ(175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث..(176){ [الأعراف].
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله معلقاً: "ففي الآية دليل على أنه ليس كل من آتاه الله العلم فقد رفعه به، إنما الرفعة بالعلم درجة فوق مجرد إتيانه".
كم من فاجر كان حظه من العلم قيل وقالوا، ليكون ذلك حجةً عليه عند الله، دون
حقيقة العلم التي تورث الخشية والإنابة.
فيا معشر طلبة العلم، لنتقِ الله في أعز أيام العمر التي صُرفت في الحفظ والركض وراء عرائس العلم، أن تذهب بها غوائل المعاصي الجامحة، واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن سوط العقاب بالمرصاد.
وحرمان الهداية من الله تعالي قال تعالى: } سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146){ ]الأعراف[
2ـ الوحشة بين العبد وبين الله تعالي :
من أعظم آثار المعاصي وأخطرها على العبد الوحشةُ التي تحدثها المعاصي بين العبد وربه، واستثقال الطاعات، واستمراء الفواحش، واعتيادٍ لها، ويا لها من سكرة ما أشد عماها على القلب إن لم يُمدّ صاحبها بنفحة من نفحات الرحمة والهداية، فإنه واقع في حُفرة من حفر الشقاء والعذاب الواصِب لا محالة.
إن حياة المرء الحقيقية إنما هي حياة الطاعة، وشعور العبد أنه خلع عنه ربقة العبودية للخلق، وآوى إلى ظلال العبودية الحقة التي ترفعه عن الطين وجواذبه، ليحط رحال القلب في ساحات العبودية لله رب العالمين. ولهذا جعل الله الكافر ميتاً غير حي فقال تعالي}أَمْوٰتٌ غَيْرُ أَحْيَاء(21){ [النحل]،
وتأملوا بالمقابل في قول بعض الصالحين المخبتين الذين وجدوا برد الطاعة والإنابة إذ يقول: "إنه لتمرّ بالقلب لحظات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي خير عظيم".
إنّ في الدنيا جنة لا يدخل جنة الآخرة من لم يدخلها، إنها جنة الطاعة والعبودية التي يُحرم منها العصاة الفجرة.
إذا ابتلى العبد بالمعاصي، استوحش قلبه، وضعفت همته وعزمه، وضعفت بأهل الخير والصلاح صلته، وقسا قلبه، ووهن بدنه، وضعف حفظه واستيعابه، وذهب حياؤه وغيرته، وضعف في قلبه تعظيم ووقار الرب.
وقد أخبر الله عز وجل عن حال قوم فرعون حين أغرقهم، قائلاً:}فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29){ ]الدخان[
إن من قارف المعاصي ولازمها تولد في قلبه الاستئناس بها وقبولها، ولا يزال كذلك حتى يذهب عنه استقباحها، ثم يبدأ بالمجاهرة بها وإعلانها وغالب هؤلاء لا يعافون .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله (ﷺ) }كل أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيصبح يكشف ستر الله عليه{ ]رواه مسلم[
وهذه المجاهرة موجودة بيننا ولها صور وأشكال. فمن المجاهرة، أن يتحدث التاجر إلى رفاقه بغشه في السلع ويعد ذلك مهارة وكياسة.
ومن المجاهرة أن يذكر الماجن مجونه وينشر الفاسق فسوقه، ومن المجاهرة، تلك الصور الفاضحة وتلك الكلمات الخادشة للشرف والفضيلة.
وفي هذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما: }إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الناس. وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الناس{ وقال جل وعز}وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ(40){ [النور]
قال تعالى: }كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14){ ]المطففين[
3ـ المعصية تورث الذل:
إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، فتورثه الذل لا محالة، فإن العز كل العز في طاعة الله قال الله تعالى: }وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8){ ]المنافقون [
أي فليطلبها بطاعة الله، ومن دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.
وقال الحسن: إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه. المعاصي تهون العبد على ربه، فيرفع مهابته من قلوب خلقه قال تعالي }وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ(18){ [الحج].
يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى:
رأيت الذنوب تميت القلوبَ وقد يورثُ الذلَّ إدمانُها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوبِ وخيرٌ لنفسك عصيـانها
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سوءٍ ورهبـانها
ونجد أن المعصية تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن، ولهذا كان النبي أغير الخلق على الأمة والله سبحانه أشد غيرة منه قال }أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير مني{[رواه البخاري ومسلم].
ومن استحى من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستح من الله تعالى من معصيته لم يستح الله من عقوبته.
والذنوب تدخل صاحبها تحت لعنة الرسول فإنه لعن على معاصي كثيرة.
وتؤدي إلي حرمان دعوة الرسول ودعوة الملائكة، فإن الله أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات.
4ـ حرمان الرزق ومحق العمر:ـ
المعاصي تمحق بركة العمر، فإذا أعرض العبد عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غب إضاعتها يوم يقول: }ياليتني قدمت لحياتي{ فعمر الإنسان هو مدة حياته ولا حياة له إلا بإقباله على ربه والتنعم بحبه وذكره وإيثار مرضاته.
قال تعالى:}وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96){ ]الأعراف[
وقال سبحانه: }وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66){ ]المائدة[
وعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) }لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه{. ]أخرجه الحاكم في المستدرك[
وتؤدي إلي ضنك العيش في الدنيا والعمى والحسرة يوم القيامة: قال تعالى: }وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125){ ]طه[
العنصر الخامس : أثر المعصية علي المجتمعات والشعوب :
1ـ هلاك الأمم والشعوب :
لو تأملنا تاريخ الأمم والشعوب لوجدنا أن المعصية سبب كل بلاء حل بالأمم ، فإن الأمة كالفرد إذا صح إيمانها وابتغت صراط ربها.. أنعم الله عليها..
قال تعالى: } فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12){ ]نوح[
وأما إذا اتبعت الأمة شهواتها وعتت عن أمر ربها فقد جنت على نفسها، فكانت العاقبة حسب الترتيب الإلهي:
كما قال تعالي }فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ(55){ [الزخرف] .
فالله عز وجل لم يهلكهم مرة واحدة وإنما لابد أن تتحقق السنن الكونية في هلاك الأمم الظالمة وهي تتمثل في الآتي :ـ الإملاء - التزيين - الاستدراج - الأخذ.
الإملاء :
فقال تعالي } وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183){ ]الأعراف[ .
التزيين :
فقال تعالي } أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً (8){ ]فاطر[.
الاستدراج :
فقال تعالي }سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182){ ]الأعراف[ .
الأخذ :
فقال تعالي }فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40){ ]العنكبوت[ .
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) }إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته قال ثم قرأ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد{. ]رواه البخاري[ .
قال تعالى}وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102){ ]هود[.
وهذا ما بعض ما حكاه القرآن الكريم عن هلاك بعض الأمم السابقة
قال تعالي عن قوم سيدنا نوح عليه السلام }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40){ ]هود[
وقال تعالى: }وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9){ ]الطلاق[
وقال تعالي عن ثمود وعاد وفرعون}كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَىٰ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12 ){ ]الحاقة[ .
وقال تعالي عن هلاك القري الظالمة عامة }وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا
لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا(59){ [الكهف]. أي أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم ولذلك قال الله
عز وجل: }وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا وفي قراءة أمَّرنا مترفيها فَفَسَقُواْ
فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16){ ]الإسراء[ .
ومعنى أمرنا مترفيها أي أن المترفين من أهل الفساد هم الذين يتأمرون على الناس فيشيعون المنكرات والسيئات بين المسلمين، فإذا شاعت المنكرات وسكت الناس عن تغييرها ولم يقوموا بواجبهم في تغيير المنكرات والأمر بالمعروف عمهم الله سبحانه وتعالى بعقاب من عنده، ثم يدعون فلا يستجاب لهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: }وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ (25){ [الأنفال].
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الله لينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة, ويهدم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة، وتلك سنة من سنن الله, ثم تلا: }فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(52){ [النمل].
قال ابن عباس : (إذا رأى الناس المظالم ولم يغيروها عمهم الله بعذاب من عنده) ولذلك جاء في الحديث عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: دخل علي رسول الله (ﷺ) ذات يوم فزعاً وهو يقول: }لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بين إصبعيه الإبهام والتي تليها{ فقلت ـ أي تقول أم المؤمنين زينب رضي الله عنها ـ: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث{ [أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما].
2ـ تسليط الأعداء وذهاب القوة ونزع الهيبة من قلوب الأعداء.
عن عبد الله بن عمر أن النبي (ﷺ) قال:}بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة من الصغار على من خالف أمري, من تشبه بقوم فهو منهم{ ]رواه أحمد[ .
لقد كانت أمة الإسلام في سالف دهرها أمة موفورة الكرامة، عزيزة الجانب، مرهوبة القوة، عظيمة الشوكة، لكنها أضاعت أمر الله، وأقْصت شريعته من حياتها، وهذه الأمة أمة التوحيد فصار أمرها إلى إدبار وعزها إلى ذل، وجثم على صدرها ليل طويل من الاستعمار الكافر، ولولا أنها الأمة الخاتمة لأصبحت تاريخاً دابراً تحكيه الأجيال. وليس الذي حل بنا ويحل ظلماً من ربنا، كلا وحاشا، فهو القائل في الحديث القدسي الصحيح:}يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا{، وإنما هي السنن الربانية النافذة التي لا تحابي أحداً، قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ(11){ [الرعد]، وقال تعالى:} ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ(53){ [الأنفال].
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثوبان مرفوعاً:}يوشك أن تداعى عليكم الأمم
من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها{، قلنا: يا رسول الله، أمن قلة منا يومئذٍ؟ قال: }أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن{، قالوا: وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت{.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله(ﷺ) يقول:}إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليهم ذلاً لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم{ ]رواه أبو داود وأحمد[.
ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: }إننا كنا قوماً أذلة فأعزنا الله بهذا الدين، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله{
3ـ زوال النعم وحلول النقم وتحول العافية واُستجلاب سخط الله:
مازالت نعمة إلا بذنب ، ولا حلت نقمة إلا بذنب كما قال علي رضي الله عنه:
(ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة )
ورحم الله القائل :
إذا كنت في نعمة فأرعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
وإياك والظلم مهما استطعت فظلم العباد شديد الوخم
و سافر بقلبك بين الورى لتبصر أثار من قد ظلم
وتأمل حال هذه القرية كيف تحول حالهم من أمن إلي خوف ، ومن رغد إلي جوع ، فقال تعالى: }وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112){ ]النحل[
وكان من أعظم الدعوات التي دعا بها النبي (ﷺ) كما روي ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله (ﷺ) يقول: }اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك{ ]أخرجه مسلم[.
4ـ ظهور الأوجاع الفتاكة وارتفاع البركة من الأقوات والأرزاق:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ﷺ): }يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تعمل أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم{ ]رواه ابن
ماجه وهو صحيح. السلسلة الصحيحة[
5ـ المعصية سبب شيوع الفساد :
والمعاصي سبب للفساد في الأرض في المياه والهواء والزرع والثمار والمساكن، قال تعالي }ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41){ [الروم].
والمراد بالفساد الذنوب وموجباتها، وإنما أذاقنا الشيء اليسير من أعمالنا، فلو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابة.
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد: (اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد أدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل (سبيل المعاصي) بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) .
العنصر السادس : علاج الذنوب والمعاصي:
هذه بعض آثار المعاصي المدمرة، وهذه بعض ثمارها النكدة، فهيا إلي العلاج والتخلص منها حتي نحظي برضا الله تعالي ونفوز بمحبتة جل وعلا ، ومن هذا العلاج :
1ـ التوبة النصوح :
فهل من مشمِّر تائب منيب، قال تعالي } قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ(53){ [الزمر].
والتوبة هي: الندم على ما فات, والعودة إلى الله, واللجأ إليه, والصدق معه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ، فيامن تعصي ربك وقد ضيعت أيامك باللهو والتفريط والميل - إذا دنى منك الأجل! فهل من توبة قبل الموت؟
وهل من رجوع إلى الله قبل فوات؟
الأوان وهل من يقظة لإعادة المحاسبة؟
ها هم بنو إسرائيل - كما في كتاب التوابين لـابن قدامة - يلحق بهم قحط على عهد كليم الله موسى عليه السلام، فاجتمعوا إلى سيدنا موسى وقالوا: يا نبي الله! ادعُ لنا ربك أن يسقينا الغيث.
فقام معهم، وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا وهم سبعون ألفاً أو يزيدون، فقال موسى: إلهنا اسقنا غيثك، وانشر علينا رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرُّضَّع، والبهائم الرُتَّع، والشيوخ الرُّكَّع، فما ازدادت السماء إلا تقشعاً، ذهب السحاب الذي في السماء، وما ازدادت الشمس إلا حرارة، فقال: يا رب! استسقيناك فلم تسقِنا، فقال: يا موسى إن فيكم عبداً يبارزني بالمعصية منذ أربعين عاماً، فمُرْهُ أن يخرج من بين أظهركم؛ فبشؤم ذنبه مُنِعْتم القطر من السماء، قال: يا رب! عبد ضعيف، وصوتي ضعيف، أين يبلغ وهم سبعون ألفاً أو يزيدون؟ فأوحى الله إليه، منك النداء وعلينا البلاغ. فقام ينادي في سبعين ألفاً، قائلاً: يا أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية أربعين عاماً!
اخرج من بين أظهرنا؛ فبشؤم ذنبك مُنِعْنَا القطر من السماء، فيوحي الله إلى موسى أنه تلفت هذا العبد يميناً وشمالاً لعله يخرج غيره، فعلم أنه المقصود بذلك، فقال في نفسه: إن خرجت افتضحت على رءوس بني إسرائيل، وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعاً بالقحط والجدب.
فما كان منه إلا أن أدخل رأسه في ثيابه، وقال: يا رب! عصيتك أربعين وأمهلتني، واليوم قد أقبلت إليك طائعاً تائباً نادماً، فاقبلني واسترني بين الخلق هؤلاء يا أكرم الأكرمين!
فلم يستتم الكلام حتى علتْ السماء سحابة بيضاء، فأمطرت كأفواه القِرَب، فقال كليم الله لربه: يا رب! سقيتنا ولم يخرج من بين أظهرنا أحد. فقال: يا موسى! أسقيتكم بالذي منعتكم به - بنفس العبد الذي منعتكم به أسقيتكم به قال: يا رب! أرني هذا العبد الطائع التائب النادم، قال: يا موسى! لم أكن لأفضحه وهو يعصيني أفأفضحه وهو يطيعني؟!
لا إله إلا الله! ما أرحم الله! ما أحلم الله! هو القائل:}وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135){ آل عمران. ما جزاؤهم ؟ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مغْفِرَةٌ من ربِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(136){ ]آل عمران[ .
هو القائل كما أخبر المصطفى (ﷺ) في الحديث القدسي: }يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة{ ]رواه الترمذي وقال حسن صحيح[.
فالله تعالي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، هو القائل كما في الحديث القدسي: }يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم{
هو القائل في كتابه: }يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ(8){ ]التحريم[.
فيا مخطئاً! وكلنا ذوو خطأ، ويا من سقط في المعصية! وكلنا ذاك الرجل؛ ويا من زلَّتْ قدمه! وكلنا ذاك الرجل؛ صحح أخطاءك، وعالج أمراضك، وغسِّل نفسك مما قد ران عليها، واستأنف الحياة في ثوب التوبة النقي النظيف، واسمع لداعي الله جل وعلا يوم يقول:}وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31){ ]النور[
2ـ استشعار عظمة الله:
كما قال بعض السلف: }لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر عظمة من عصيت، فإن حدثتك نفسك بالمعصية فقل لنفسك أتدرين من تعصين ؟ {
إنه الله جل في علاه.. إنه الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.. إنه الله الذي له ملك السماوات والأرض.. إنه الله الذي بيده مقاليد الأمور.. إنه الله الذي تسبح له الكائنات وتخضع له السماوات.
تذكر اسم الرقيب }وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا(52){ [الأحزاب]
فالله يراقبك ويعلم بحالك ويراقب تحركاتك ونظراتك وسمعك وقلبك }وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ(51){ [الأحزاب]
فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك: " إن الله يراني ".
واحذر من أن تكون من هؤلاء: قال رسول الله (ﷺ) }ليأتين أقوام من أمتي بحسنات أمثال جبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً. قال الصحابة: منهم يا رسول الله ؟ قال: أما نهم مثلكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون ولهم من الليل مثل مالكم ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها {. ]صحيح الترغيب والترهيب[ .
3ـ المجاهدة:
لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة.. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة، وأن تكون صاحب إرادة قوية لكي تقوى على ترك الذنوب والشهوات، ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول}وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ(69){ [العنكبوت].
4ـ الحذر من رفيق السوء:
فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه، فعلينا أن نتذكر تحذير النبي (ﷺ) من أصدقاء السوء قال: }مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل
المسك ونافخ الكير{. ]رواه البخاري ومسلم[.
وفي حديث آخر. رواه أحمد وغيره أن النبي (ﷺ) قال: }المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل{.
ومع ما يمكن أن يجلب أصدقاء السوء لمن يصحبهم، فإنهم يتبرؤون يوم القيامة ممن يصادقهم ويعادونه، قال تعالى: }الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67){ ]الزخرف[
فوصيتي لك: " ابتعد عن صديق السوء قبل أن تكون ممن قال الله فيهم }وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا (29){[الفرقان] .
5ـ معايشة حقيقة الموت:
قال تعالي }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ (185){ [آل عمران] فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات؟
لو جاءك الموت وأنت تكلم تلك الفتاة؟
يا ترى لو فاجأك الموت وأنت نائم عن الصلاة؟
حينها ماذا تتمنى؟.
}حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100){ ]المؤمنون[
إنه يتمنى الرجوع إلى الحياة لا ليستمتع بها ولا ليسهر على القنوات بل ليعمل صالحاً.. نعم ليتوب.. ليصلي.. ليترك المحرمات.
وتذكر عندما توضع على مغسلة الأموات عندما لكي يغسلونك وأنت جثة هامدة لا تتحرك وهم يحركونك، هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات.
وتذكر عندما تحمل على الأكتاف سوف يحملونك وأنت جنازة، فيا سبحان الله!!
أين قوتك ؟
أين شبابك ؟
أين كبرياءك ؟
أين أصدقاءك ؟؟
لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته.
و تذكر عندما توضع في القبر هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك..
فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك..
هل هي القنوات؟ والملهيات؟ والصور والمجلات؟.
6ـ معايشة يوم القيامة :
قال تعالي }وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ(281){ [البقرة]
سوف تقف بين يدي الله يا من يسهر على القنوات.. نعم والله ستقف يا من ينام عن الصلوات.. يا من يسافر إلى بلاد الآثام.. } يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18){[الحاقة].
أهناك من ينفعك؟ أهناك من ينصرك؟
أنسيت ذلك الموقف؟ }وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(223){ [البقرة].
وتذكر المرور على الصراط.. ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم..
" أحد من السيف وأدق من الشعرة "
قال تعالى: }وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(71){[مريم].
قال العلماء: هذه الآية دليل على المرور على النار؛ هناك تضع قدمك لكي تعبر عليه والنار من تحتك والمكان مظلم ، والناس يتساقطون ويصيحون ويبكون.
ومن الناس من يثبته الله على الصراط لأنه " كان ممن يراقب الله ويخاف من الله ويعمل بطاعة الله ويبتعد عن معصية الله قال تعالى: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ(27){ [إبراهيم].
هناك تعرف قيمة الصلاة وقيمة الحسنات, في ذلك المكان تندم على كل نظرة وعلى كل كلمة لا ترضي الله هناك تبكي ولكن لا ينفع البكاء.
وتذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة، وتوزن فيه الحسنات والسيئات.. إنه ميزان دقيق } وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47){[الأنبياء].
يا ترى هل تفكرت في هذا الميزان أخي الشاب؟ وأنت يا أختاه هل حاسبت نفسك على ذنوبك التي ستوضع في ذلك الميزان؟ }فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102){ [المؤمنون].
إنهم الذين حافظوا على طاعة الله.. إنهم الذين ابتعدوا عن الذنوب والعصيان... }وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103){ [المؤمنون] إن الذي خف ميزانه هو الذي أساء في تعامله مع ربه.. هو الذي أعرض عن ربه.. هو الذي كثرت سيئاته وقلت حسناته.
و تذكر الحوض الذي يكون لنبينا (ﷺ) ؛ طوله شهر وعرضه شهر, أحلى من العسل وأبيض من اللبن، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها
أبداً، إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض، فاترك الذنوب الآن.
وتذكر شهادة الجوارح عليك..
تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر}الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(65){ [يس].
يا سبحان الله.. من أنطق اليدان؟ من أنطق القدمان؟ إنه الله جل في علاه.. وقال تعالى} حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (21){ [فصلت].
فلا إله إلا الله ما أعظم الله.
وتذكر كتابة الملائكة لأعمالك، فالملائكة تكتب أعمالك وأقوالك كما قال تعالى}وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ(12){ [الانفطار] .
ولا يخفى عليهم شيء، وتستمر الملائكة في كتابة أعمالك حتى تخرج روحك من الحياة، وبعدما تموت.. ينتهي كتابك ولكن لك موعد معه في أرض المحشر عندما تُعطى ذلك الكتاب ويقول الله لك}اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا(14){ [الإسراء].
وتذكر لو كنت من أهل النار يوم تقلب في النار, قال تعالى} يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا(66){ [الأحزاب].
يا سبحان الله أين مكانهم؟! في النار، يتقلبون على النار،
أين وجوههم؟ على النار.
نعم.. تلك الوجوه التي كانت تنظر إلى الحرام.. تلك الأجساد التي لم تتقرب إلى الله سوف تتقلب في النار وبئس المصير.
وتذكر حقارة الدنيا }وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(185){ ]آل عمران[ .
فكيف تؤثر الدنيا الحقيرة على الآخرة الباقية التي لانهاية لها، كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض .
فاللهم حرم أجسادنا علي النار. وجنبنا المعاصي ما ظهر منها وما بطن .
اللهم آمين .
انتهت بفضل الله تعالي
...المزيد

ههههه ما سر ضحكة ضار اذا اهملته تجنی مارد يمكن ان لا يوجد اطلاقا امامنا ولا ...

ههههه ما سر ضحكة
ضار اذا اهملته تجنی مارد يمكن ان لا يوجد اطلاقا امامنا ولا نضطر لخدمته
ونافع اذا اهمل فسد

الومنيوم 600 درجة انصهاره مناسب للانطلاقة طيبة

الومنيوم 600 درجة انصهاره
مناسب للانطلاقة طيبة
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
28 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً